هذه أهمية جبل الزاوية بإدلب.. هل ينجح النظام بالسيطرة عليه؟

بدأ النظام مرحلة ثانية من معركته غرب اوتوستراد دمشق– حلب، بهدف السيطرة على جبل الزاوية الإستراتيجي، ثم الوصول إلى اوتوستراد حلب- اللاذقية والسيطرة عليه وتأمينه، في ظل تراجع واستنزاف فصائل المعارضة السورية، نتيجة المعارك المستمرة هناك لأكثر من أربعة شهور.

وسيطرت قوات النظام على بعض القرى بريف إدلب الجنوبي، مثل كفر سجنة والشيخ دامس وركايا، كما واصلت الطائرات الروسية قصف تلك المناطق بكثافة، ما يؤكد أن روسيا هي من يقود المعركة، في تحد واضح للمناشدات الدولية لها بوقف القصف وتهجير المدنيين.

وفي هذا الموضوع، يرى القيادي العسكري في المعارضة السورية خليل عمران، أن صعوبة بيئة المعركة كان لصالح الفصائل، لما يتمتع به جبل الزاوية من تحصين طبيعي، وتضاريس صعبة، تؤمن للمدافعين إمكانيات أكبر للصمود والقتال.

وقال القيادي في حديث لـ"عربي21" إن "خلاف الأتراك مع روسيا سيعرض النقاط التركية في هذه المنطقة للضغط والحصار في حال تقدم النظام، وسط تشبث الروسي بمعركته بإدلب، والمضي بدعم النظام برا وجوا لحصر المقاتلين والنازحين ضمن شريط حدودي ضيق، حسب ماصرح به الروس سابقا، ولا يبدو أن هناك أي تحول روسي مغاير حتى الآن".

اقرأ أيضا: النظام السوري يتقدم بمحيط معرة النعمان وجبل الزاوية بإدلب

من جانبه، يعتبر الصحفي السوري إيهاب البكور، أن فتح النظام لمعارك في ريف إدلب الجنوبي الغربي هو تحرك بضوء أخضر روسي، لإيصال رسالة الى كافة الأطراف الداخلة في القضية السورية، أن روسيا ليست الدولة التي ترضخ لضغوطات دولة أخرى، وهي ترجمة لخلافات روسية مع تركيا.

ويعتقد الصحفي، أنه حتى اللحظة لا يمكن التكهن بسيناريو هزائم مشابه لما حدث في ريف حلب الغربي، خاصة أنه حتى الآن منذ تصاعد اللهجة التركية الرافضة لتقدم النظام، لم يحدث أي عمل عسكري واسع بريف إدلب الجنوبي الغربي، كما أن الجيش التركي انتشر وللمرة الأولى في قرى من جبل الزاوية بإدلب، وهو مؤشر على رفض تركيا لتقدم النظام في هذه المنطقة.

اختبار صعب

ويقول البكور لـ"عربي21": "بالنسبة للنقاط التركية في ريف إدلب الجنوبي الغربي، ستكون أمام اختبار صعب، وسيكون ردها في حال قام النظام بعمل عسكري هو القصف المدفعي والصاروخي، بسبب أن مهلة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للنظام حتى ينسحب إلى حدود اتفاقية سوتشي لم تنته بعد".

وتابع: "كما أن فتح النظام لمحور ريف إدلب الجنوبي الغربي يفسر بسببين اثنين، الأول هو أن روسيا مصرة على سيطرة النظام على المنطقة الواقعة بين الطريق الدولي m5 والطريق الدولي m4، والسبب الثاني الأقرب للواقع هو أن روسيا فعلا ماضية في الحل العسكري، ولن ترضخ للضغوط التركية".

وحول عمليات النزوح في تلك المنطقة، يضيف أنه "لا يوجد في محور ريف إدلب الجنوبي الغربي حركة نزوح مماثلة لريف حلب الغربي، لأن هذه المنطقة كانت قد تم إخلاؤها بنسبة كبيرة جدا منذ سيطرة النظام على مدينة سراقب، فكان التخوف في ريف إدلب الجنوبي الغربي من الحصار، لذلك شهدت المنطقة حركة نزوح كبيرة جدا منذ ذلك الوقت".

اقرأ أيضا: طيران روسيا ونظام الأسد يستهدف نقاطا تركية في إدلب

الصحفي الميداني مهند درويش، يرى أن هدف النظام واضح وهو قضم الأراضي الخارجة عن سيطرته بالتدريج، وأما محور ريف إدلب الجنوبي الغربي بالتحديد فهو مهم لقوات النظام من ثلاث نواحي، أولها التمدد في عمق جبل الزاوية والسيطرة عليه، الذي يعتبر من أكثر المناطق أهمية في شمال سوريا، فهو كتلة جبلية وعرة وله حسابات متعددة، من حيث الموقع والإشراف على مناطق عمق الساحل.

وأكد أن هدف النظام أيضا من فتح هذا المحور، هو الوصول لطريق m4 والسيطرة عليه، إذ يقع على بعد 20 كم من محاور الاشتباك الحالية جنوب غرب إدلب.

ويقول الصحفي في حديث لـ"عربي21": "لا يمكن للنظام تأمين طريق اللاذقية حلب دون السيطرة على كتلة جبل الزاوية"، مبينا أن ثالث أهداف النظام من هذا التقدم هو حل عقدة الكبينة، فإن أي تقدم له على محور جنوب غرب إدلب يعني الاقتراب من حصار منطقة جسر الشغور وكبينة، التي استعصت طويلا على قوات النظام وروسيا".

هدف النظام

ويتابع: "كما أن المنطقة قد تم تجهيزها في وقت سابق لصد أي هجوم خصوصا بعد سقوط معرة النعمان، وانتقال المعارك لريف حلب الغربي، وهي ذات طبيعة جبلية، حيث يمكن للمقاتلين التمترس جيدا خاصة أنهم من أبنائها، يضاف إلى ذلك الحشود العسكرية التركية التي بدأت تدخل المنطقة، والتي قد يكون لها دور كبير، فيما إذا قامت تركيا بإطلاق عمليتها العسكرية التي توعدت بها قوات النظام".

ويبين درويش أن "فتح النظام السوري وخلفه روسيا لهذا المحور يعني استمرار روسيا بسيناريو الحل العسكري، خصوصا أن طائراتها شنت غارات متعددة اليوم بالقرب من القوات التركية، التي تقدمت لتنشئ نقاطا جديدة جنوب إدلب، فعلى ما يبدو الروس ماضون باختبار صبر الأتراك حتى آخر لحظة"، وفق تقديره.

وفي هذا السياق، يرى الناشط الإعلامي قيس محمد، أن هدف النظام واضح من فتح محاور جنوب إدلب، وهو محاولة السيطرة على الجيب الممتد في جبل الزاوية، وصولا لطريق حلب- اللاذقية m4.
ورأى محمد في حديث لـ"عربي21" أن الوضع العسكري للفصائل في هذا المحور يختلف عن بقية المناطق، بسبب وعورة مناطق جبل الزاوية وما حولها، وقدرة المعارضة على ترتيب عمليات الصد بسبب ضيق مسافة القتال وتحصين المنطقة، بالإضافة لأهميتها، التي تعتبر خط دفاع مهم عن باقي مناطق إدلب.

ويردف قائلا: "ستزيد تركيا من دعمها للمعارضة لكي تصمد في هذا المحور، ولتحصل على موقف قوي في أي مفاوضات مع روسيا لاحقا".