هل تتدخل "الجزائر" فعليا لمنع سيطرة "حفتر" على طرابلس؟

رغم تقاربها معه مؤخرا وزيارة وزير خارجيتها له، إلا أن بعض الأنباء الواردة عن تحرك جزائري عسكري ضد تقدم اللواء الليبي، خليفة حفتر نحو العاصمة يطرح تساؤلات عن مدى واقعية هذه الخطوة، وماذا إذا كان الأفضل دعم الجزائر لقوات "الوفاق" الليبية أم التدخل مباشرة.

وكان مصدر ليبي قد صرح لـ"عربي21"، أن "الجزائر ستتدخل عسكريا في حال وصول "حفتر" إلى "طرابلس"، وأنها لن تسمح له بالسيطرة عسكريا على العاصمة، لكنها حتى الآن تفضل المسار السياسي لحل الأزمة الليبية"، وفق تقديراته.

ظهور قوي

 
وظهر النظام الجزائري الجديد بقوة في الأزمة الليبية وقدم مبادرة بالمشاركة مع "تونس" لحل الأزمة وتفعيل دور دول الجوار عبر استضافته اجتماعا لوزراء خارجية هذه الدول، وكذلك المشاركة في مؤتمر "برلين" ودعمها لمصالحة وطنية في ليبيا".

ورغم أن زيارة وزير الخارجية الجزائري، صبري بوقادوم إلى "حفتر" في مقره بشرق البلاد أثارت جدلا وتكهنات عن تقارب جزائري مع الجنرال العسكري، إلا أن النظام الجزائري فسرها بزيارة وساطة وأنها لم تلق أي انتقادات أو رفضا من حكومة الوفاق".

اقرأ أيضا: الثانية خلال شهر.. وزير خارجية الجزائر يصل طرابلس

وبعد تصريحات المسؤول الليبي لـ"عربي21" أثيرت بعض التساؤلات حول: ما احتمالية وواقعية تدخل الجزائر عسكريا ضد حفتر؟ وما مصالح الجزائر من هذا التدخل؟

أمر غير مستبعد

 
من جهته، توقع عضو المؤتمر الوطني الليبي السابق، عبدالرحمن الديباني أن "تتدخل الجزائر فعليا إذا وصل حفتر إلى "طرابلس، وهذا أمر طبيعي وبحسب المعطيات السياسية أمر غير مستغرب وغير مستبعد، لكن المساعدة التركية سبقت ذلك ومنعت الأخير من التقدم أكثر".

وفي تصريحات لـ"عربي21" أشار إلى أن الجزائر لن تسمح لدولة "مصر" بالدخول إلى العاصمة الليبية عبر حليفها العسكري، وأكدت الجزائر ذلك بوصفها السيطرة على "طرابلس" بالخط الأحمر، لكن واقعيا الأمر لن يحتاج إلى تحركات عسكرية لأن التواجد التركي منع بالفعل تقدم قوات "حفتر"، كما رأى.

انزعاج وخبر غير صحيح

 
في المقابل اعتبر وزير الدفاع الليبي السابق، محمد البرغثي أن "هذه التصريحات غير دقيقة وغير صحيحة، كون "الجزائر" منزعجة أصلا من التدخل التركي في ليبيا وتزويد "الميليشيات" بالسلاح، وهذا ليس موقف الجزائر وفقط، فكل دول الجوار والدول الداعمة وعلى رأسها "أميركا" يتمنون أن يدخل "الجيش" (قوات حفتر) طرابلس ويجبر "الميليشيات" المسلحة على نزع سلاحها وتفكيكها".

وأضاف خلال تصريح لـ"عربي21": "جميع الأطراف دوليا ومحليا مقتنعون أنه لا أمن ولا أمان طالما أن هنالك قطعة سلاح خارج السيطرة وطالما هنالك عصابات يبتزون الدولة بقوة السلاح"، وفق تعبيره.

وسيط ودور متوازن

 
واستبعد الأكاديمي الليبي، عماد الهصك أن "تسير الجزائر في اتجاه التدخل العسكري في ليبيا لعدة أسباب منها أن الجزائر تحاول أن تحتفظ بدورها المتوازن في المشهد الليبي، وتميل إلى ممارسة دور الوسيط بين الفرقاء الليبيين أكثر من دور الداعم لأحد الأطراف، لأن في ذلك مغامرة بمستقبل علاقاتها مع ليبيا إذا ما انتصر الطرف الآخر الذي لا تدعمه".

اقرأ أيضا: مصدر لـ عربي21: الجزائر ستتدخل عسكريا إذا وصل حفتر لطرابلس

وتابع: "التنوع السياسي الذي تتشكل منه الطبقة الحاكمة في الجزائر يمنعها من الانحياز المطلق لأحد الطرفين لوجود ضغوط داخلية تمنع ذلك، كذلك التغيير الجذري الذي طرأ عليها مؤخرا وتلاشي مفهوم الدولة العميقة التي كانت ترتبط بصلات مصيرية مع الأنظمة العربية لاسيما العسكرية منها، كل هذه الأسباب وغيرها تشكل عائقا أمام التدخل العسكري المباشر في ليبيا"، كما صرح لـ"عربي21".

رفض العسكرة

 
وأشار الباحث السياسي السوداني المتخصص في الملف الليبي، عباس محمد صالح إلى أنه "في ظل المرحلة التي بلغها الصراع الليبي حاليا، لن تنجر الجزائر إلى المستنقع الليبي من خلال تدخل عسكري كون أي تدخل عسكري غير محسوب العواقب سيكون كارثة مركبة؛ سواء للطرف المتدخل أو لليبيين الذين ملوا "العسكرة" ويبحثون عما يرفع عنهم كاهل الحرب".

وأضف لـ"عربي21" أن "الجزائر تحاول استدراك بطئها في التعاطي مع القضية الليبية في مراحلها المبكرة، من خلال الانخراط الديبلوماسي وربما المبادرة الأخيرة للاتحاد الإفريقي قد تكون مناسبة للطرف الجزائري وإن كانت هي ذاتها متأخرة جدا ومحدودة التأثير على أرض الواقع"، وفق تصوراته.