إلى ماذا سيقود الاستهداف المتكرر للجنود الأتراك في سوريا؟

تكررت حادثة استهداف النظام السوري المباشر للجنود الأتراك في إدلب، مرتين خلال أقل من أسبوع، ما أسفر عن مقتل 13 جنديا تركيا، في خطوة وصفتها أنقرة بأنها "تجاوز لكافة الخطوط الحمراء"، ما دفع الجيش التركي للرد بكثافة على مواقع نظام الأسد.

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الثلاثاء، إنه سيعلن غدا الأربعاء الخطوات التي ستتخذها بلاده بخصوص إدلب، مؤكدا أن "الجيش التركي رد على النظام السوري بأقصى درجة، بعد مقتل الجنود الأتراك بإدلب (..)، وسيدفعون ثمنا باهظا كلما اعتدوا على جنودنا".

وأمام هذه التطورات المتصاعدة والتي تزامنت مع محادثات روسية- تركية بأنقرة، ولم يتمخض عنها شيء، يتبادر للأذهان تساؤلات أبرزها، ما تداعيات الاستهداف المتكرر للجنود الأتراك بسوريا؟ وهل يكون مدخلا لتصعيد أكبر أم اتفاقيات جديدة تضمن فك الاشتباك؟

ويجيب على ذلك المختص بالشأن التركي طه عودة أوغلو قائلا: "التهديدات التركية الأخيرة واضحة وصريحة"، مضيفا أنه "إذا لم تحصل تطورات في التفاوض مع الروس ولم يتوقف التصعيد في إدلب، فإن التصعيد من جانبها سيكون كبيرا، وهو ما تم ترجمته على أرض الواقع خلال الساعات الماضية".

موقف ضبابي

ويشير عودة أوغلو في حديث لـ"عربي21" إلى أن "أنقرة طرحت العديد من الخيارات العسكرية المتنوعة خلال الأيام الماضية"، موضحا أن "القوات العسكرية التركية بانتظار الأوامر لتنفيذ عمليات ضد النظام في إدلب، خصوصا أن الحشود العسكرية التركية نوعية وغير مسبوقة".

ويستدرك بقوله: "لكن الموقف التركي ما زال ضبابيا حول الإجراءات التي يمكن اتخاذها في إدلب، لمنع تقدم قوات النظام أكثر"، لافتا إلى أن إعلان أردوغان بهذا الخصوص.

وينوه إلى أهمية زيارة المبعوث الأمريكي جيفري إلى أنقرة ونتائج زيارته، مؤكدا أن زيارته ستحد ملامح الخطوات القادمة التي ستقدم عليها في الأيام المقبلة، وسط تعنت الروس بمواقفهم، واستمرار النظام في عملية القضم التدريجي للأراضي بإدلب.

وفي هذا الإطار، يتوقع المحلل التركي جنكيز تومار أن تعمل أنقرة "من الآن فصاعدا، على تشكيل منطقة آمنة جنوب إدلب، بعد استنفادها الحوارات مع موسكو"، مؤكدا أن "تركيا لا تريد أن يصل النظام السوري إلى مركز إدلب".

اقرأ أيضا: خبراء أتراك: أنقرة لن تنتظر كثيرا للتحرك والدبلوماسية انتهت

ويقول تومار في مقابلة مع قناة "سي أن أن" التركية، التي ترجمتها "عربي21"، إن تركيا ستضطر للتحرك لوحدها، وستتخذ الخطوات اللازمة غرب الطريق الدولي M5، وشمال M4، رغما عن الولايات المتحدة وإيران وروسيا.

ويضيف أن "الجميع يعلم من هو المسؤول الرئيس عما يحدث في شمال سوريا، ورئيس النظام السوري بشار الأسد أصبح الآن تحت حكم الانتداب الروسي"، مؤكدا على أن نظام الأسد لا يمكنه القيام بأي هجوم في شمال سوريا، دون موافقة روسية إيرانية.

وبحسب المحلل التركي، فإن "أنقرة فعلت كل ما في وسعها دبلوماسيا، وهي الآن مضطرة لاتخاذ الخيار العسكري".

في المقابل، يرى المحلل الروسي تيمور دويدار أنه "حان الوقت لإعادة النظر في الاتفاقيات السابقة بخصوص منطقة إدلب بالتحديد"، مشددا على أن "هناك اختلاف بوجهات النظر والمصالح بين الروس والأتراك".

الموقف الروسي

ويتابع دويدار حديثه لـ"عربي21": "من المنطقي أن الجانب التركي لديه مسؤولية عن الموجودين في الشمال السوري، لكن روسيا تعتقد أنه كلما ابتعدت الاشتباكات عن قاعدة حميميم فهذا أفضل لها"، لافتا إلى أن موسكو لا تخفي رأيها بشأن ضرورة استعادة النظام لجميع الأراضي السورية، "وهنا يكمن الاختلاف مع تركيا"، وفق قوله.

وبحسب المحلل الروسي، فإن موسكو لا تتحكم بكافة التحركات العسكرية لنظام بشار الأسد، معتقدا أن "هناك تشاورا بينهم بحكم النفوذ الروسي، ولكن الأخيرة لا تعطي الأوامر لقوات النظام، والأخير يتخذ تحركاته حسبما يراها ميدانيا".

وحول إمكانية الصدام المباشر بين تركيا وروسيا على خلفية مقتل الجنود الأتراك، يؤكد دويدار أن "القوى الأجنبية المتدخلة في سوريا لن تحارب بعضها البعض"، مضيفا أن "موضوع المشادة العسكرية بين الأتراك وروسيا لن يتم مطلقا، رغم وجود خسائر في الأرواح".

اقرأ أيضا: أردوغان يعلن الأربعاء خطوات تركية بشأن إدلب ويهدد النظام

ويردف قائلا: "لذلك من شبه المستحيل أن يحدث صدام مباشر بين روسيا وتركيا في سوريا"، مشيرا إلى أن "المشكلة تكمن في عدم تطبيق تركيا لاتفاق خفض التصعيد، والمتمثل بسحب السلاح الثقيل من المعارضة المسلحة وإقامة نقاط مراقبة، وفصل المجموعات المصنفة إرهابيا في العالم والموجودة بإدلب عن المعارضة الأخرى".

ويلفت دويدار إلى أن الحل يكمن في اتفاق أضنة، لأنه يضمن لتركيا ما تريد من حفاظ على أمنها القومي، ومراقبة 30 كيلومترا الملاصقة لحدودها، مرحجا أنه "رغم التطورات الأخيرة في إدلب، فإن الأمور ذاهبة إلى التهدئة، بعد التوافق على شروطها".

ويستكمل توقعه بالقول: "أعتقد أن يكون الاتفاق حول أضنة فيما يتعلق بالمساحة الجغرافية، والأتراك سينتقلون إلى الشمال، وستكون هدنة مؤقتة إلى حين سيطرة دمشق على الجغرافية السورية جميعها"، وفق تقديره.

وختم المحلل الروسي بقوله: "الأتراك عليهم تقديم تنازلات وكذلك الروس"، مستدركا بقوله: "الروس في موضع أصعب، لأنهم يتشاورون مع النظام ويحاولون إقناعه بتقديم التنازلات".