هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لم يستبعد رئيس الوزراء الإيطالي، جزيبي كونتي، نشر قوات
أوروبية لدعم السلام في ليبيا، مشيرا إلى أن هذه المسألة مدرجة ضمن أجندة مؤتمر برلين
المزمع عقده الأحد المقبل.
وقال كونتي عقب مباحثات مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون
في الجزائر الخميس، "إن إرسال قوات أوروبية إلى ليبيا، أحد الخيارات التي سندرسها
(في مؤتمر برلين)، لكن يجب علينا أن ننسق مواقفنا ونحاول التوجه نحو حل سياسي".
اقرأ أيضا: إيطاليا: إرسال قوات أوروبية لليبيا على أجندة مؤتمر برلين
تنافس أوروبي وقلق من تمدد روسي
تصريحات كونتي والرغبة الأوروبية في عقد مؤتمر برلين
للسلام في ليبيا، تثير تساؤلات حول النوايا الحقيقة للدول الأوروبية، فهل هي فعلا
ترغب في فرض السلام أم حفظ مصالحها؟
يرى المحلل السياسي الليبي محمد شوبار، بأن "هناك
مخاوف أوروبية من تمدد الدب الروسي، حتى برغم انسحاب قوات فاغنر الروسية من حول
مدينة طرابلس، التي لم تنسحب من ليبيا بشكل كامل، وهناك مخاوف من نشر هذه القوات بالقرب
من الموانئ والحقول النفطية".
وأضاف شوبار في حديث لـ"عربي21" أن "السبب
الرئيسي لنشر قوات أوروبية هي المخاوف التي تبديها دول أوروبا من مسألة الوجود الروسي
في ليبيا".
من جهته قال المختص بالشأن الأوروبي حسام شاكر: "مع
تصريحات كونتي تتضح معالم مؤتمر برلين وما تتطلع إليه الأطراف الأوروبية من خلاله،
فروما تريد تدخلا أوروبيا في ليبيا كما يُفهم من هذه التصريحات، وهي تريد هذا الغطاء
الأوروبي لأنّ تصرفها الانفرادي غير ممكن في الواقع، لكن إقناع الشركاء الأوروبيين
بهذه الخطوة يبدو مهمة صعبة، خاصة أنّ ليبيا بلد كبير ويشهد اقتتالا شرسا".
وتابع شاكر في حديث لـ"عربي21": "روما
أصبحت الآن تتحدث بشأن المسألة الليبية بلسان أوروبي، بعد أن بددت السنوات الماضية
في الجهود والاتصالات الانفرادية ضمن تنافسها على النفوذ في هذا البلد مع باريس".
وأشار إلى أن روما وباريس "تنافستا في ليبيا بما أذكى
الصراع المسلح وفاقم انسداد أفق الحل السياسي، ولم يُنصت الإيطاليون والفرنسيون لنداء
الألمان بتنسيق المواقف الأوروبية آنذاك، وهذا معروف ومصرح به".
وأردف: "كانت الفرصة متاحة للأوروبيين لضبط الموقف في
ليبيا في أوقات سابقة، والتحرك الجديد بما فيه مؤتمر برلين يأتي لمحاولة الإمساك
بزمام الأمور مجددا بعد دخول تركيا على الخط علاوة على الدور الروسي، كما تدفع مسألة
ترسيم الحدود البحرية الليبية في هذا الاتجاه أيضا، وأثينا تتحرك من جانبها بسرعة
استباقا لمؤتمر برلين".
اقرأ أيضا: اليونان تهدد بعرقلة مؤتمر برلين.. وأمريكا ستحضر رسميا
إمكانية نشر قوات أوروبية
وفي ظل الرغبة الأوروبية بإنهاء النزاع الليبي وفرض
السلام، أيضا مع إرسال تركيا قوات إلى هناك، هل سيتمكن كونتي من إقناع الدول
الأوروبية بإرسال قوات لحفظ وفرض السلام في ليبيا، وهل يمكن لها أن تنهي الصراع
الليبي؟
أكد حسام شاكر أن هذا الأمر مستبعد، مضيفا: "أوروبا
يمكن أن تنشر قوات من خلال حلف شمال الأطلسي أو بالشراكة معه، وهذا مستبعد في الوقت
الراهن بالنظر، إلى أنّ تركيا عضو في الحلف، أيضا لا تهتم بعض العواصم الأوروبية
بليبيا بقدر الاهتمام الإيطالي".
مشيرا إلى أن العواصم المنشغلة في الملف الليبي هي "روما
وباريس وأثينا، علاوة على مواكبة برلين ولندن وهذه الأخيرة منشغلة بالخروج من الاتحاد
الأوروبي، ودخول الأوروبيين إلى ليبيا دون غطاء دولي سيستدعي دخول أطراف أخرى، بما
فيها تركيا، وروسيا ربما".
ولفت إلى أن مسألة نشر قوات أوروبية تتطلب توافقا داخليا، قبل عرضها على المجتمع الدولي في برلين.
وحول مقدرة الأوروبيين على نيل موافقة دولية وأممية لنشر
قوات في ليبيا قال شاكر: "ربما يسعى مؤتمر برلين في الأساس إلى تدويل القضية الليبية،
وهذا بالنسبة لأوروبا صار مطلوبا لأنّ الأطراف الأوروبية التي تنافست على النفوذ في
ليبيا خلال السنوات الماضية، تخشى خسارة جماعية لدورها ولا ترغب بدور تركي فاعل ومحوري
في ليبيا".
وأضاف: "قد تسعى بعض الأطراف الأوروبية إلى تجاوز الصفة
الشرعية لحكومة الوفاق، لإضعاف الاتفاقات والتفاهمات التي وقعتها مع أنقرة، ويمكن قراءة
محور حفتر - أثينا في هذا الاتجاه".
من ناحيته قال المحلل الليبي محمد شوبار: "نشر
القوات يحتاج لموافقة من حكومة الوفاق الوطني أو من خلال قرار من مجلس الأمن، وأعتقد
أن هذا سيكون مستبعدا بشكل كبير جدا، لذلك هل ستقوم دول أوروبية بذلك بقرار منفرد؟ أستبعد حدوث ذلك".
وأضاف: "الوضع الاقتصادي لهذه الدول لا يسمح لها بنشر
أي قوات أو خوض حرب في ليبيا، خاصة أن هذه التصريحات هي عبارة عن رغبة أوروبية للقول
بأننا موجودين في الملف الليبي، بعد أن ذهبت عنه قوى أخرى خصوصا بعد قمة موسكو الأخيرة".
وعبر شوبار عن اعتقاده بأن "واشنطن ولندن لا ترغبان
في نشر مزيد من القوات، باعتبار أن أحد الملفات الأساسية في أجندة لقاء برلين، هو خروج
كل المرتزقة وأيضا الجنود الأجانب من ليبيا".
وأردف: "لا أعتقد أن المجموعة الأوروبية والمجتمع الدولي
متفقان على مسألة فرض السلام في ليبيا، وما زال هناك انقسام حاد داخل الدول الخمس دائمة
العضوية في مجلس الأمن، من ثم تصبح مسألة اتخاذ قرار من مجلس الأمن مسألة صعبة جدا
مادام هذا الانقسام موجودا".
وحول الحاجة لموافقة اللواء خليفة حفتر لنشر هذه القوات
قال شوبار: "أعتقد أنه من ناحية قانونية سواء القانون الليبي أو الدولي، يستوجب
ذلك توقيع وموافقة الحكومة الشرعية المعترف فيها دوليا فقط وهي حكومة الوفاق".
وأضاف: "لا أعتقد بأن الدول الأوروبية سترتكب مثل هذا الخطأ الواضح
أي أخذ موافقة حفتر، باعتبار أن حكوماتها شرعية وبالتأكيد ستلتزم بالمعاهدات والاتفاقات
الدولية، ومن ثم لا أعتقد بأن هذه الدول ستنشر قوات تابعة لها دون سند قانوني، سواء
على مستوى القانون المحلي أو الدولي".
اقرأ أيضا: ميركل تؤكد موعد انعقاد مؤتمر برلين حول ليبيا وتوجه دعوات
المساهمة في حل الصراع
وحول مساهمة هذه القوات إن تم نشرها في حل الصراع الليبي
قال شوبار: "لا أعتقد أنها ستساهم مساهمة مباشرة، على العكس تدخل كل هذه القوات
يزيد من صعوبة حل المشكلة بشكل كامل، وأعتقد أنه من المهم أن توكل مهمة حفظ السلام
لقوة واحدة يكون الجميع متفقا عليها، ويكون قرار تشكيلها نابعا من خلال قرار أممي
يصدر من مجلس الأمن".
بدوره قال المختص بالشأن الأوروبي حسام شاكر: "صيغة
نشر قوات أوروبية لا تنضوي تحت لواء قوات دولية متعددة الجنسية تابعة للأمم المتحدة؛
ستعني دخول الأوروبيين إلى الميدان الليبي، وهذا حاصل أساسا بحجم غير معلن وبصفة غير
مباشرة، خاصة من جانب فرنسا".
وأشار إلى أن "هذا سيؤدي إلى تعقيد المشهد، وأستبعد
إقدام الأوروبيين عليه، لكن إن توافقت باريس وروما مع برلين في هذا الشأن، فإنّ باب
هذه المغامرة سيكون مفتوحا، وهذا مستبعد، حيث ينبغي التذكير بأنّ قوات حفظ السلام
تأتي عادة بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار وليس قبله".