هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
مر عام كامل على قرار قضائي بإخلاء سبيل أشهر أم مصرية معتقلة في سجون الانقلاب العسكري دون تنفيذ، وبرغم صدور 3 قرارات لاحقة، حيث مازالت "أم زبيدة"، رهن الاعتقال لنحو عامين، ومازالت ابنتها "زبيدة"، في عداد المختفين قسريا.
و"أم زبيدة"، هي منى محمود محمد "58 عاما"، صاحبة الحوار الشهير مع مراسة "BBC" البريطانية بالقاهرة "أورلا جيورين"، والذي جاء بعنوان "سحق المعارضة في مصر"، وتحدثت فيه عن اختطاف الأمن لابنتها "زبيدة إبراهيم أحمد يونس"، (26 عاما) وإخفائها قسريا واغتصابها وتعذيبها وصعقها بالكهرباء، ما مثل وقتها فضيحة كبيرة للنظام المصري.
وتدراكا للموقف وباليوم التالي، ظهرت "زبيدة" بلقاء تلفزيوني مع الإعلامي عمرو أديب، من شقة بأحد أحياء القاهرة، لتقول إنها تزوجت ولم يعتقلها الأمن ولم تتعرض للتعذيب، ولكن علامات الحزن والدموع البادية عليها دعت النشطاء للتشكيك بصحة حديثها.
وبعد أيام من لقاء أديب، وفي 28 شباط/ فبراير 2018، تم اعتقال "أم زبيدة"، بتهمة "نشر وإذاعة أخبار كاذبة"، و"الانضمام لجماعة أنشئت على خلاف أحكام القانون"، حيث تعرضت لانتهاكات واسعة بسجن النساء بـ"القناطر"، ما اضطرها لحلق شعرها، والإضراب عن الطعام.
ورغم أنه تم إصدار 4 قرارات لاحقة بإخلاء سبيلها إلا أن السلطات تتعنت وترفض إطلاق سراحها، ففي 15 كانون الثاني/ يناير 2019، حصلت "أم زبيدة"، على قرار إخلاء سبيل بتدابير احترازية لأول مرة.
اقرأ أيضا: رسالة لأم زبيدة تدين نظام السيسي وتكشف جرائمه ضد المرأة
وهو القرار الذي استغله النظام المصري عبر نشره بالنسخة الإنجليزية لصحيفة "الأهرام"، ما اعتبره حقوقيون حينها أنه محاولة لتلميع ملف حقوق الإنسان في مصر، وتوجيه رسالة للمجتمع الدولي.
ولكنه وبعدها بيومين، وفي 17 كانون الثاني/ يناير 2019، قررت "الدائرة 11 إرهاب" بمحكمة جنايات القاهرة إلغاء قرار إخلاء سبيل "أم زبيدة"، وتجديد حبسها 45 يوما بعد قبول استئناف النيابة العامة على القرار.
وهو الأمر الذي تكرر في منتصف شهر نيسان/ أبريل 2019، ونهاية تموز/ يوليو 2019، وبداية كانون الأول/ ديسمبر 2020، بحبس "أم زبيدة"، 45 يوما بكل مرة.
إلا أن "أم زبيدة"، ومع ما تتعرض له من انتهاكات؛ قامت في 3 آب/ أغسطس 2019، بحلق شعر رأسها ودخلت بإضراب عن الطعام رفضا لما يحدث معها من تنعت وتنكيل، حسب محاميها إسلام سلامة، في تصريح لـ"عربي21"، حينها.
"النظام يفعل ما يريد"
ويرى المحامي والحقوقي المصري محمد زارع، أن "الحالات والأشخاص الذين يتم احتجازهم رغم صدور أحكام قضائية بالإفراج عنهم أو أتموا مدة عقوبتهم؛ يمثل احتجازهم جريمة من السلطات".
بدوره قال رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، لـ"عربي21"، إنه لا يوجد تفسير لتصرفات النظام المصري بعدم الإفراج عن معتقلين صادر بحقهم قرار قضائي، مشيرا إلى أن "المطلوب من ذويهم تقديم بلاغات للنائب العام، أو دعاوى أمام مجلس الدولة للطعن في قرار منع الإفراج".
وأشار إلى أن سوابق كثيرة لدى النظام المصري، بمواصلة "احتجاز عدد من الأشخاص، بدون وجه حق، ووضعهم في (الثلاجة)، رغم أحكام إخلاء السبيل الصادرة بحقهم".
وأكد على أن ذلك يمثل جريمة، "ولكن للأسف مصر تسير على هذا النحو، بسبب الاستقطاب السياسي، وتحكم السياسية في القضاء".
قال المحامي بالنقض: "لا أظن أن الاهتمام الدولي يحل أزمة أم زبيدة، لأنه لم يصل لمرحلة الضغط الحقيقي لتنفيذ القانون والإفراج عن المساجين وتحسين أوضاعهم، بل نرى إضرابا عن الطعام وموت من الجوع والمرض"، مضيفا أن "العالم يدين لكن النظام يفعل ما يريد".
"أم زبيدة: حيلي اتهد"
وحول ما لديه من معلومات حول ملف "أم زبيدة"، قال المحامي الحقوقي محمد أحمد توفيق، إنها "مريضة جدا، وينقل شهود العيان أنها تعيش في حالة من ضعف الوعي".
وأكد لـ"عربي21"، أن "زبيدة، منذ ظهورها مع عمرو أديب بصحبة المخبر، وقال إنها زوجته وأنجبت منه؛ لم يتم العثور عليها، ولا يعلم أحد عنها شيئا".
اقرأ أيضا: هكذا احتجت "أم زبيدة" المصرية على حبسها وإخفاء ابنتها
وبيّن توفيق، أن ما تعرضت له "أم زبيدة"، مرعب لدرجة أن تقول للضباط بالسجن : "أخرجوني، ولن أبحث عن زبيدة، أنا حيلي اتهد".
وحول ما يقوله محاموها عن وضعها القانوني ومدى مخالفة القانون، لفت إلى أنها "أخذت إخلاء سبيل 4 مرات، والنيابة تستأنف القرار، والكل يعلم أن مصيرها بيد الأمن الوطني".
وفي تقديره لسبب عدم الافراج عن "أم زبيدة"، يعتقد المحامي والحقوقي أنه "انتقام من زبيدة وأمها، كي يجعلوا منهما عبرة وكي لا يتكلم أحد".
وعبر "فيسبوك"، قال الحقوقي المصري أحمد العطار: منذ سنة صدر أول إخلاء سبيل بتدابير احترازية لأم زبيدة، مضيفا أنها "تعاني كما يعاني الآلاف بالسجون والمعتقلات"، معتبرا أنها "ضحية نظام قمعي مجرم وضحية مجتمع تخازل في نصرتها كما تخازل في نصرة الآلاف".
وحالة أم زبيدة ليست الوحيدة بل هناك عشرات المعتقلين الذين ترفض السلطات إخلاء سبيلهم، حيث قدم المركز العربي الإفريقي للحقوق والحريات، في 11 كانون الثاني/ يناير 2020، أسماء 15 معتقلا تم إخلاء سبيلهم دون تنفيذ القرار، بل وطالتهم جريمة الإخفاء القسري، وبينهم الصحفي بدر محمد بدر.