هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "إندبندنت" تقريرا أعده مراسل الشؤون الدولية بروزو دراغاهي، حول الدور الذي بات يؤديه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في القضية الليبية.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21" إلى أن المحادثات التي تم ترتيبها على عجل بين روسيا وتركيا أدت إلى جمع قائدي ليبيا المتحاربين بشكل مفاجئ، للتباحث في شروط الهدنة التي قد تؤدي إلى تسوية في هذه الدولة التي تقع في بشمال أفريقيا، لافتا إلى أنها تسوية لا تشترك فيها الدول الأوروبية.
ويلفت دراغاهي إلى أن الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان، والروسي بوتين، قاما بالدفع في الأسبوع الماضي باتجاه محادثات السلام، وفي يوم الاثنين، وبعدما أكد أنه لن يتفاوض مع "الإرهابيين" في طرابلس، التقى أمير الحرب خليفة حفتر مع منافسه فائز السراج، رئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا في العاصمة الروسية.
وتنقل الصحيفة عن المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زخاروفا، قولها: "بالتزامن مع الاتفاق الذي تم التوصل إليه في إسطنبول بين الرئيسين الروسي والتركي، بدأت اجتماعات على مستوى وزارتي الخارجية والدفاع لبحث التسوية في ليبيا في قاعة الاجتماعات في وزارة الخارجية"، وقالت على صفحتها في "فيسبوك" إن ممثلي ليبيا قد وصلوا وسينضمون إلى المحادثات قريبا.
ويجد التقرير أن هذا يعد تحولا مفاجئا لأحداث النزاع الليبي، ومثالا آخر على أوراق النفوذ الدبلوماسية وبصمات بوتين على الوضع الجيوسياسي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في وقت حاولت فيه فرنسا وإيطاليا وبقية الدول الأوروبية والدول العربية البحث عن طرق للحاق بالركب.
ويورد الكاتب نقلا عن الخبير في الشؤون الليبية جلال الحرشاوي، قوله: "حتى أسابيع قليلة كان الأوروبيون مرتاحين بوقتهم الجيد.. ما نراه الآن ليس تحولا قويا فحسب، لكنه أيضا تغير في المكان، وظهور موسكو دولة عظمى يجب على اللاعبين كلهم الحديث معها".
وتنوه الصحيفة إلى أن الجنرال حفتر يخوض حربا منذ نيسان/ أبريل 2019 للسيطرة على العاصمة طرابلس، التي تقع تحت سيطرة حكومة الوفاق وحلفائها، وهي حرب أدت إلى مقتل المئات، وتورطت فيها دول إقليمية عدة، مشيرة إلى أن حفتر، وهو ضابط سابق في الجيش الليبي أثناء حكم معمر القذافي، كان قد شن حربا وعد فيها جنوده بالنصر الحاسم، ودعمته فيها مصر والإمارات والسعودية، وهو ما دفع قوات غرب ليبيا كلها للحشد والتعبئة ومنعه من مواصلة عمليته.
ويفيد التقرير بأن تركيا، الحليفة لحكومة طرابلس، بدأت في الأسابيع القليلة الماضية نشر مقاتلين سوريين ومعدات عسكرية متقدمة لمنع تقدم قوات حفتر التي تدعمها الإمارات والسعودية ومصر، لافتا إلى أن التدخل التركي أثار مخاوف فرنسا وغيرها من الدول الداعمة لحفتر ودول منطقة شرق المتوسط القلقة من محاولات أنقرة رسم المناطق البحرية وحقوق في احتياطات الغاز الطبيعي.
ويشير دراغاهي إلى أن أخبار المحادثات التي توسطت بها تركيا وروسيا أثارت حالة من الدبلوماسية العالية، فاتصل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، وتباحثا في الموضوع الليبي، وقالت ألمانيا إنها ستعقد محادثات السلام المقررة في 19 من كانون الثاني/ يناير الحالي في العاصمة برلين.
وتقول الصحيفة إنه يبدو أن إيطاليا الدولة الاستعمارية السابقة لليبيا مستعدة للمشاركة في المحادثات بعد أشهر من الدوران في فلك فرنسا، مستدركة بأنه رغم الثناء على الاتفاقية في الصحافة التركية، إلا أن الخبراء يعتقدون أن فرص السلام الدائم تظل قاتمة.
ويستدرك التقرير بأنه رغم وجود السراج وحفتر في موسكو، لكن لا خطط لعقد لقاء بينهما، مشيرا إلى أن لدى السراج جماعات موالية لحكومته لكنه فقد السيطرة عليها، وربما كان حفتر راغبا في تعزيز مكتسباته وشراء الوقت بعد سيطرته على مدينة سرت.
ويلفت الكاتب إلى أن حفتر ربما وافق على المحادثات بضغط من المصريين والإماراتيين، الذين حاولوا الوصول إلى بوتين، مشيرا إلى قول الحرشاوي: "لقد تم حشره في الزاوية"، وأضاف: "لقد منح وقتا ومصادر أكثر مما أراد، لكنه لا يستطيع طلب وقت إضافي، ولدى الإماراتيين وقت لتعديل الصورة".
وتقول الصحيفة إنه من المعروف أن بوتين يحب الإعلانات البراقة ليزيد من النفوذ الروسي وموقف موسكو، لكنه يترك الساحة ويحمل الأطراف مسؤولية التداعيات السلبية عندما تنهار الاتفاقيات.
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى قول مؤسس معهد الصادق الذي يركز على الشأن الليبي، أنس القماطي: "من الباكر لأوانه الحديث عن السلام"، وأضاف أن "اتفاقية وقف إطلاق النار مؤقتة وليست مصممة للعمل، لكن للاستهلاك، وروسيا ليست مهتمة بليبيا، بل تريد استخدامها للضغط على تركيا وأوروبا".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)