هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا، أعدته مراسلتها بيثان ماكرنان، تحت عنوان "اضطراب لتركيا بعدما حققت الأحزاب المنشقة مكاسب ضد أردوغان"، تقول فيه إن حكم الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي مضى عليه 17 عاما، يواجه تهديدات داخلية مع إرسال القوات التركية إلى ليبيا.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن تركيا تحضر نفسها لعام مضطرب آخر، سواء على مستوى السياسة الداخلية أو المسرح الدولي، فيما يواجه أردوغان تحديات جديدة من خلال إرسال القوات التركية إلى ليبيا، بالإضافة إلى تحد آخر من الأحزاب الجديدة التي انشقت عن حزب العدالة والتنمية.
وتفيد ماكرنان بأن البرلمان التركي مرر في جلسة طارئة أثناء عطلة السنة الميلادية قانونا يمنح الرئيس صلاحية إرسال القوات التركية؛ لمساعدة الحكومة المحاصرة التي تعترف بها الأمم المتحدة في طرابلس، وهو قرار نظر إليه على أنه نوع من استعراض العضلات الدبلوماسية والعسكرية، ويهدد بالتصعيد في الحرب التي مضى عليها تسعة أعوام، التي اندلعت بعد الإطاحة بالزعيم معمر القذافي.
وتورد الصحيفة نقلا عن أردوغان، قوله يوم الأحد، إن بلاده لم ترسل سوى 35 جنديا في مهمة تقديم النصح والاستشارة العسكرية لحكومة طرابلس، إلا أن "الغارديان" علمت أن حوالي 300 من المقاتلين السوريين، الذين تدفع رواتبهم تركيا، وصلوا إلى طرابلس لدعم حكومة رئيس الوزراء فائز السراج، الذي يقاتل قوات يدعمها الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، الذي يحاول السيطرة على العاصمة منذ شهر نيسان/ أبريل 2019.
ويجد التقرير أن قرار تركيا جريء ويهدف لمواجهة المنافسين الإقليميين لها، مثل مصر والإمارات العربية المتحدة، اللتين تخوضان حربا بالوكالة في ليبيا، مشيرا إلى أن أردوغان يريد حماية مذكرة تفاهم عقدها مع السراج، التي اتفق فيها الطرفان على ترسيم حقوق التنقيب في البحر المتوسط، التي رفضتها فرنسا ومصر واليونان.
وتقول الكاتبة إنه على خلاف التوغل التركي العام الماضي، في أجزاء من المناطق التي يسيطر عليها الأكراد في شمال سوريا، فإن التدخل التركي في ليبيا لا يحظى بدعم عام من الرأي العام التركي، ما يزيد من الصداع المتزايد للحزب الحاكم.
وتلفت الصحيفة إلى قرار رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو ووزير المالية السابق علي باباجان بتشكيل أحزاب منفصلة عن حزب العدالة والتنمية، الذي قررا تركه، مشيرة إلى أن حزب العدالة خسر بسبب المشكلات الاقتصادية التي واجهها العام الماضي نسبة 10% من أعضائه، ما خلق كتلة من الناخبين الذين يشعرون بخيبة الأمل، وهو ما يأمل كل من أوغلو وباباجان في استغلالها لصالحهما.
وينوه التقرير إلى أن الحزب الحاكم واجه هزيمة مهينة، ولأول مرة في الانتخابات البلدية العام الماضي، حيث خسر معظم المدن الكبرى، بما فيها أنقرة وإسطنبول، وهما عصب اقتصاد تركيا وقاعدة القوة التي انطلق منها أردوغان، مشيرا إلى أن هناك شعورا بأن أردوغان قد خسر لمسته السحرية في العملية الانتخابية التي سبقت انتخابات بلدية إسطنبول.
وتبين ماكرنان أنه مع أن الانتخابات المقبلة ليست مقررة إلا في عام 2023، إلا أنه وضمن النظام الرئاسي الجديد فإن الأحزاب المعارضة لا تحتاج إلا إلى اقتطاع نسبة قليلة لإضعاف غالبية الحكومة في البرلمان.
وتنقل الصحيفة عن النائب السابق في حزب العدالة والتنمية سوات كيني أوغلو، قوله إن "هذه الحركة في نمو مستمر ومنذ وقت طويل، إلا أن نتائج الإعادة في انتخابات إسطنبول كانت اللحظة التي اكتشفت فيها (الأحزاب الجديدة) أنه يجب عليها الخروج علنا"، وأضاف قائلا: "هناك حالة من البحث عن الذات في داخل المعسكر المحافظ، ومن المشجع أنهم بدأوا ينتقدون ويتحدثون علنا.. اعتقدنا أن حزب الخير (أنشئ عام 2017) سيقدم هذا المنبر لكنه لم يحقق شعبية كبيرة"، وقال إن "الأحزاب المنشقة لم تظهر في سياق اقتصادي كهذا، ولهذا فإنه من الصعب التكهن بأن يكون لديها التأثير الكافي، وثلاثة أعوام تظل طويلة في حسابات السياسة التركية".
ويجد التقرير أن السياسة الخارجية التركية تجعل من المستقبل غامضا، ففي الفترة الأخيرة حاول أردوغان حرف اهتمام الرأي العام التركي عن القضايا المحلية إلى القضايا العالمية، مبينا أن بلاده في حرب وجودية مع أعداء، مثل الأكراد والولايات المتحدة، وفي محاولة منه لإلهاب المشاعر القومية، ولهذا فإنه من المتوقع تأطير التدخل التركي في ليبيا ضمن هذه النظرة.
وتقول الكاتبة إنه من غير المعلوم الطريقة التي ستتعامل فيها الحكومة مع التهديدات الجديدة، مشيرة إلى أنه من المتوقع زيادة الأساليب التي استخدمت لعزل الأحزاب المتعاطفة مع الأكراد، مثل حزب الشعوب الكردية وأعضاء في حزب الشعب التركي.
وتشير الصحيفة إلى أن الباحثة البارزة في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية في برلين سنام أدار، تتفق مع هذا الرأي، فقالت: "شخصيا، لست متأكدة من أداء الانتخابات دورا في التغيير السياسي بسبب المشاعر القومية والنظرة التوسعية للحزب الحاكم في تركيا".
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى قول أدار: "نشاهد مظاهر لهذا المنطق من خلال التوغلات في سوريا وشرق المتوسط وليبيا، ومن النظرة التشاؤمية، فقد يكون عام 2020 هو العام الذي تتعمق فيه مشكلات تركيا، من خلال التحول باتجاه انتشارات بوسائل غير دستورية".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)