هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
رغم أن قصر باكينغهام، مقر إقامة ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية، في
قلب لندن يعد من أبرز المعالم السياحية في المدينة ويزوره ملايين الناس سنويا، إلا
أن مركز الحكم والسلطة في بريطانيا لا يقل شهرة عنه وهو ليس قصرا، بل مجرد مبنى لا
يلفت النظر يحمل الرقم 10 في داوينيغ ستريت، مقر إقامة وعمل رئيس الحكومة البريطانية.
وفق تقرير موسع عن تاريخ المبنى أعدته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).
ويعتبر مقر رئيس الحكومة البريطانية في قلب لندن في شارع داونينغ، ركنا أساسيا ومعلما مهما في التراث والتاريخ البريطاني والتاريخ السياسي لهذا البلد.
وشهدت غرف وردهات هذا المنزل
العادي من الخارج وبابه الأسود الذي يحمل الرقم عشرة، العديد من الأحداث والقرارات السياسية
التي أدّت دورا محوريا في تاريخ العالم.
اللون الأخضر بدلا من الأسود
كان عام 1908 عاما استثنائيا بكل المقاييس في تاريخ بريطانيا؛ ففي
ذلك العام تم اعتماد نظام التقاعد، واستضافت لندن دورة الألعاب الأولمبية الخامسة، وتم
تغيير لون باب المبنى 10 داونينغ ستريت إلى اللون الأخضر لأول مرة عبر التاريخ. وجاء
تغيير اللون بعد تولي الليبرالي هربرت هنري آسكويث منصب رئيس الحكومة بين عامي
1908 و1916.
فطلب آسكويث تغيير لون الباب من الأسود الغامق إلى اللون الأخضر، ويقال
إن زوجته الحسناء الثانية إيما آليس مارغريت كانت وراء ذلك. وعاد للباب لونه الأصلي
بعد الإطاحة بآسكويث وانهيار الحزب الليبرالي.
تغيير مسكن
رئيس الحكومة إلى 11
منذ عام 1997 بات رئيس الحكومة يقيم في المنزل رقم 11 بدلا من رقم
10؛ ففي ذلك العام تبادل رئيس الحكومة توني بلير ووزير الخزانة غوردون بروان المنازل،
إذ إن مقر سكن وزير الخزانة الذي يحمل الرقم 11 هو أكبر من المسكن المخصص لرئيس الحكومة
في المبنى رقم 10.
وجاء ذلك بسبب العدد الكبير لأفراد أسرة بلير الذي لديه أربعة أطفال.
وبعد تولي براون زعامة حزب العمال ومنصب رئيس الحكومة، استمر في الإقامة في المنزل رقم
11 إلى حين، وانتقل لاحقا إلى مقره الرسمي الذي يحمل الرقم 10. في أعقاب انتخابات عام
2010 انتقل رئيس الحكومة المحافظ ديفيد كاميرون إلى المنزل رقم 11، إذ فضل وزير الخزانة
الجديد جورج أوزبورن البقاء في منزله اللندني، الذي ما يبعد كثيرا عن مقر الحكومة.
واستمر هذا التقليد خلال مرحلة رئيسة الحكومة السابقة تريزا ماي ووزير الخزانة في حكومتها
فيليب هاموند.
كما أن رئيس الحكومة الحالي بوريس جونسون احتل المسكن الموجود في المبنى
رقم 11 الكبير، بينما ترك الشقة الصغيرة الموجودة فوق مبنى الحكومة في المبنى رقم
10 لوزير الخزانة ساجد جاويد رغم أن الأخير لديه أربعة أبناء.
فتحة رسائل وهمية
كان الباب الخارجي للمبنى رقم 10 من خشب السنديان الغامق، ويعتقد أن
عمره يعود لعام 1725. وجرى استبداله عام 1991 بعد أن سقطت قذيفة هاون أطلقها الجيش
الجمهوري الإيرلندي على المبنى، تسببت بإصابة أربعة أشخاص بجروح طفيفة.،فتم استبداله
بباب عبارة عن نسخة طبق الأصل للباب الأصلي، لكنه مسلح بألواح فولاذية. أما الباب الأصلي
فهو موجود في متحف تشرشل.
رقابة على مدار
الساعة
ربما يتساءل البعض: كيف يتم فتح الباب في الوقت المناسب تماما للوزراء
والضيوف والسفراء الذين يزورون مقر رئيس الحكومة؟ إن الأمر ليس مجرد صدفة بل هناك شخص
يراقب الباب على مدار الساعة وهو الذي يتولى فتحه في الوقت المناسب، والباب يفتح من
الداخل فقط ولا مفتاح للباب؛ بدليل عدم وجود ثقب له. كما يلاحظ أن الباب يفتح من الداخل
للقط لاري.
وهناك أبواب أخرى للمبنى يمكن الدخول منها إلى مقر الحكومة، وهي مخصصة
للموظفين العاملين في المقر.
القط لاري،
كبير صائدي الفئران
هناك مقيم ثابت في 10 دوانينيغ ستريت لا يتغير مع تغير نزيل البيت،
إنه القط لاري الذي يحمل لقبا رسميا هو كبير صائدي الفئران.
ووجود القط في مقر الحكومة يعود لعقود عديدة. فقد كان القط ميونيخ يقيم
في المبنى خلال حكم ونستون تشرشل ونيفيل تشمبرلين بعده.
أما القط الذي خدم أطول فترة في المبنى، فكان ويلبرفورس الذي كان يتجول
في الشارع برمته بحرية، واستمر في مهمته لمدة 18 عاما ما بين 1970 إلى 1988.
أما القط الحالي فهو لاري الذي انتقل إلى المقر عام 2011. لكن يبدو
أن رفاهية العيش في أهم مبنى في بريطانيا قد أنسته مهمته الأساسية أي مطاردة الفئران، وبدلا من ذلك يمضي لاري أغلب وقته في النوم أو خوض معارك ضد جاره بالمرستون، القط المقيم
في مسكن وزير الخزانة الذي يحمل لقب كبير صائدي فئران المبنى 11 داونينغ ستريت.
المنزل حمل
ذات يوم الرقم 5 بدلا من 10
منح الملك تشارلز الثاني الثري والدبلوماسي السير جورج داونينيغ رخصة
بناء مساكن على الطريق الواقع على أطراف قصر وايتهول، وأقيم عدد من المنازل بين عامي
1682 و1684.
وداوينيغ إيرلندي الأصول ولد في مستعمرة إنجليزية في ولاية مساتشوسيتس
الأمريكية، وكلف داونينغ المعماري كريستوفر رين ببناء ما بين 15 إلى 20 منزلا في الطرف
الشمالي للطريق. وبهدف زيادة الربح افتقرت المنازل لأساسات قوية وغيرها من الإنشاءات
المكلفة. وكانت المنازل تعرف بأسماء المقيمين فيها من علية القوم. وكان المبنى رقم
عشرة يحمل الرقم 5 سابقا، وتم تغييره إلى الرقم 10 عام 1779.
كاد الشارع
أن يدمر خلال الحرب العالمية الثانية
في 14 آب/أغسطس 1940 تعرض الشارع لغارة جوية عنيفة للطيران الألماني
وكادت الطائرات المهاجمة أن تدمر المقر، وتضرر المطبخ وقاعات الاستقبال الرسمية، وكان
تشرشل حينها يتناول الغداء في غرفة مطلة على الحديقة، وعقب ذلك قرر نقل مقر عمله إلى
قبو مصفح تحت الأرض في مقر وزارة الخزانة، لكنه ظل يتناول الطعام ويعمل في قاعات
10 داونينيغ ستريت طيلة فترة الحرب.
عقب انتهاء الحرب كان البناء في وضع مزر، ومن بين الأفكار التي تم طرحها
حول مستقبل المبنى كان هدمه بشكل تام، لكن استبعد ذلك وبدلا من ذلك خضع لعمليات ترميم
هيكلة واسعة خلال خمسينيات القرن الماضي.
ما لون واجهة
المبنى الحقيقية؟
اللون الحقيقي لواجهة المبنى هو الأصفر، لكن جرى صبغها باللون الأسود
خلال عملية الترميم الواسعة في خمسينيات القرن الماضي، بهدف إخفاء الأضرار التي لحقت
بها بسبب الغارة الألمانية. كما لوحظ تغير لون حجارة المبنى من اللون الأصفر إلى اللون
الأسود بسبب التلوث الجوي في المدينة، وصبغت الواجهة باللون الأسود في كل عمليات الترميم
اللاحقة.
ما حجم المبنى
رقم 10؟
يبدو المبنى من الخارج صغيرا ومتواضعا، لكنه في الحقيقة كبير جدا وعدد غرفه تقارب المئة، وترتبط بشبكة كبيرة من الممرات والقاعات، إلى جانب حديقة تبلغ
مساحتها نحو نصف فدان.
في أعقاب وفاة اللورد بوثمار الذي كان يقيم في العقار الواقع خلف المبنى
رقم عشرة، وهب الملك جورج الثاني مسكن اللورد بوثمار للسير روبرت ويلبول بعد عودة الملكية
إلى القصر الملكي.
ويعتبر العديد من المؤرخين السير ويلبول أول رئيس وزراء في تاريخ بريطانيا.
قبل ويلبول الهبة شريطة أن تؤول ملكية العقار إلى رؤساء الحكومات الذين يأتون من بعده،
وجرى تكليف المهندس المعماري ويليام كنت بمهمة الربط بين العقارين، واستغرقت العملية
أكثر من ثلاث سنوات.
السيد دجاجة
آخر قاطني المبنى
كان السيد تشيكن ( دجاجة) آخر شخص يسكن أحد مباني العقار رقم 10 الثلاثة
قبل تحويله إلى مقر لرئاسة الحكومة. ونجح السير ويلبول بإقناع تشيكن بالانتقال إلى
أحد الأبنية في الشارع نفسه في بداية ثلاثينيات القرن الثامن عشر.