كتاب عربي 21

انتخابات بريطانيا مهمة.. وهذه هي الأسباب

محمد عايش
1300x600
1300x600

الانتخابات العامة المقررة في بريطانيا يوم 12 ديسمبر المقبل تشكل أهمية استثنائية للعرب والمسلمين ويتوجب على أبناء الجالية العربية في المملكة المتحدة أن تستنفر جهودها من أجل التأثير فيها بأكبر قدر ممكن، ليس فقط لأن أبناء الجالية تضخم عددهم في السنوات الأخيرة وازدادت مصالحهم، وإنما أيضاً لأن بريطانيا ذاتها تقف على مفترق طرق حاسم ومهم وهذه الأيام سوف تحدد مصير البلاد لعدة عقود وربما قرون قادمة.

 

الانتخابات المبكرة القادمة سوف يتحدد تبعاً لها شكل العلاقة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، وبعد الخروج من الاتحاد الأوروبي -إن حدث- يتوقع أن تنهار بعض القوى السياسية التقليدية وتظهر أخرى جديدة، كما أن ظهور الجالية العربية والمسلمة كجسم مؤثر في الانتخابات العامة سوف يعني بالضرورة أنها سوف تستحوذ على مكان ذي اعتبار في الحياة السياسية بالبلاد، وعليه فسوف تكون قضاياها حاضرة في كل البرامج السياسية والحزبية بالمستقبل، أو في أغلب تلك البرامج، وهو ما يعني في نهاية المطاف تحقيق مكاسب كبيرة.

 

نستطيع القول إن الانتخابات القادمة والوجود العربي بها مهم للغاية انطلاقاً من عدد من المحددات والأسباب، وفي ما يأتي أبرزها: 

 

أولاً: ثمة اختلاف جوهري في برامج الحزبين الأكبرين اللذين يتناوبان على السلطة في بريطانيا منذ عقود (العمال والمحافظين)، وهذه الهوة الموجودة بينهما لم يسبق أن شهدتها بريطانيا في تاريخها على الإطلاق، فحزب المحافظين أصبح أسيراً لليمين المتهم أصلاً برعاية "الاسلاموفوبيا"، أما حزب العمال فيتزعمه أحد الرموز الداعمين للقضايا العربية، وهو جيرمي كوربين الذي لطالما عارض غزو العراق وناصر القضية الفلسطينية والعديد من القضايا العربية، وهو اليساري البريطاني التقليدي الذي ينتقد الولايات المتحدة ويعارض التبعية لها.

 

ثانياً: ثمة صراع كبير داخل حزب العمال المرشح للوصول إلى الحكم، إذ ثمة تيار عريض يناكف كوربين ويرغب بإسقاطه، وفي حال تراجع الحزب انتخابياً فهذا يعني بالضرورة تراجع كوربن المؤيد للقضايا العربية والمناهض للاحتلال الإسرائيلي، وهو الذي لطالما حل ضيفا على مسجد "فينزبيري بارك" الشهير في شمال لندن.

 

ثالثاً: إذا استطاعت الجالية العربية التأثير في الانتخابات الحالية فهذا يعني أنها أصبحت جزءاً من أي خارطة انتخابية، وعليه فإن كل الأحزاب –ما كان منها في الحكم أو كان في المعارضة- سوف يسعى لإرضائها أو على الأقل يحسب لها حساباً ويتجنب إغضابها، وهنا قد يُحقق العرب كثيراً من المكاسب في مجالات مختلفة.

 

تشير أكثر التقديرات تحفظاً حالياً إلى أنه يوجد في بريطانيا أكثر من مليون عربي، حيث كانت احصاءات حكومية قد أشارت في العام 2001 إلى وجود نحو نصف مليون، وأن نصف هؤلاء مولودون على أراضي المملكة المتحدة، أما المسلمون فهم أكثر من ذلك بكثير، حيث يتجاوز عددهم الثلاثة ملايين شخص بحسب إحصاءات العام 2011، فيما يتمركز في لندن وحدها أكثر من مليون مسلم.

 

ما يحتاجه العرب والمسلمون في بريطانيا هو مؤسسات أو مؤسسة واحدة تشكل مظلة جامعة لهم للتعبير عن أصواتهم ورغباتهم ورعاية مصالحهم، كما يفعل الآخرون، ويتوجب على هذه المؤسسة أو المؤسسات أن تتبنى موقفاً سياسياً واضحاً وأن لا تقف على الحياد حتى تصبح مهمة وذات اعتبار بالنسبة لكل حزب من أحزاب البلاد. 

 

في الانتخابات الراهنة ينبغي على كل العرب في بريطانيا أن يمنحوا أصواتهم لحزب العمال الذي يقوده رجل متضامن مع قضاياهم في الداخل والخارج، ومناهض لظاهرة "الإسلاموفوبيا" المؤرقة لهم، وهو الرجل الذي وعد أيضاً بالاعتراف بدولة فلسطين وهو الأمر الذي إن حدث فسوف تكون بريطانيا أول دولة أوروبية تفعلها، كما ستكون بريطانيا عندها قد ردت عملياً على القرار الأمريكي باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل. 

 

والخلاصة هو أن مصلحة العرب والمسلمين في بريطانيا أن يمنحوا أصواتهم لكوربين وحزبه لأن البديل لا يمكن أن يصب في صالحهم، كما أن عليهم إدراك أنهم أصبحوا رقماً مهماً في السياسة البريطانية ومكونا بالغ الأهمية من مكونات المجتمع البريطاني، ويجب أن يتمتعوا بتمثيل سياسي لهم على هذا الأساس.

التعليقات (0)