سياسة عربية

مخاوف بلبنان من اشتباكات أهلية.. وقرار بمنع قطع الطرق

مصادر عسكرية قالت إن التعاطي العسكري والأمني سيكون مغايرا في المرحلة المقبلة- جيتي
مصادر عسكرية قالت إن التعاطي العسكري والأمني سيكون مغايرا في المرحلة المقبلة- جيتي

بعد ليلة ساخنة، شهدتها شوارع بيروت الرئيسية والفرعية، كادت أن تنتقل لمواجهات دامية لولا تدخل وفصل الجيش للمتظاهرين من جهة، ومجموعات محسوبة على حزب الله وحركة أمل، أصبح حديث اللبنانين اليوم الثلاثاء عن مخاوف عودة إرهاصات الحرب الأهلية أو على الأقل إرهاصات ما قبل ما يعرف بـ7 أيار.

وفي هذا الصدد نبه مصدر أمني رفيع المستوى، عبر صحيفة "الجمهورية" إلى خطورة المشهد الذي حصل أمس وسط بيروت، لافتا إلى "أننا سبق وحذرنا السياسيين من أن البديل عن الدولة سيكون هؤلاء المتظاهرين، وسينزل بوجههم متظاهرون آخرون يَعتبرون أنفسهم كذلك أنّهم الدولة، ولن يكون باستطاعة الجيش اللبناني والقوى الأمنية سوى الفصل بينهم وتشكيل خطوط تماس بين الشارعين، وهو ما يمكن أن يأخذ بنا إلى البلاء الأعظم، لأنّه بالنسبة إلى العسكريين فهُم كلّهم لبنانيون وأي انحياز ستكون عواقبه وخيمة".

وكشف أنّه "خلال الاجتماعات الأمنيّة الّتي حصلت، كان البحث في هذا السيناريو يتقدّم على ما عداه، باعتباره الأخطر لأنّ الاحتقان سيولّد الانفجار، وقطع الطرقات سينتهي بصدامات".

 

وأكد أن "التعاطي العسكري والأمني سيكون مغايرًا في المرحلة المقبلة، وأن سياسة الضرب بيد من حديد هي عنوان المرحلة، بعدما شوهد الشارع ينزلق نحو المحظور".

 

وركز على أنه "من هنا، فإن القرار قد اتخذ بشكل صارم بعدم السماح بقطع الطرقات من الآن فصاعدًا، وسيكون الجيش حاسمًا في هذا المجال".


اقرأ أيضا :  فيديو يوثق هجوم أنصار حزب الله على عناصر من الأمن و الجيش


وشهدت بيروت ليلة الثلاثاء، اشتباكات تطورت إلى إطلاق للنار في وقت متأخر، بين المحتجين على الأوضاع الصعبة في لبنان وآخرين حاولوا تطهير الطرق التي أغلقها المحتجون.

وحذر مراقبون من تحول الاحتقان الحاصل بالشارع نتيجة عدم تحرك الأزمة، إلى صدام وأعمال عنف مرتبطة وتحويل المظاهرات التي يغلب عليها الطابع السلمي إلى مسار دموي.

وشهدت أمس منطقة "جسر الكولا" إطلاقا كثيفا للنار، لم تعرف مسبباته أو الجهة التي قامت عليه، وهو ما زاد من حجم المخاوف بين أهل المنطقة المدنيين .

 

وشهدت المنطقة تجمعات كبيرة لأنصار حزب الله وحركة أمل وجهوا خلالها الشتائم والإهانات للمتظاهرين والمتظاهرات، مرددين هتافات داعمة للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، ورئيس البرلمان رئيس حركة أمل نبيه بري، بينما رد المتظاهرون بالنشيد الوطني اللبناني.

 

واستقدمت قوات الأمن والجيش تعزيزات إلى المكان، لمنع المهاجمين من التقدم نحو المتظاهرين، وجرت محاولات كر وفر، تعرض خلالها العسكريون للرشق بالحجارة من المهاجمين.

وتوجهت مجموعة من المهاجمين إلى وسط بيروت، حيث عملوا على إزالة عشرات الخيام في ساحتي الشهداء ورياض الصلح، والتي تستضيف منذ أكثر من شهر نقاشات وندوات حوارية.

وذكرت وسائل إعلام لبنانية أن أنصار حزب الله وأمل أزالوا خياما للمحتجين بمدينة صور في جنوب البلاد وأشعلوا فيها النيران، ما دفع قوات الأمن للتدخل وإطلاق النار في الهواء.

وسعى شبان اعتبروا من أنصار أمل وحزب الله لفض المظاهرات وفتح الطرق المغلقة ودمروا مخيما رئيسيا للاحتجاجات في وسط بيروت الشهر الماضي.

 

ووثقت فيديوهات قيام العشرات من أنصار حزب الله وحركة أمل، بمنطقة الغبيري بالضاحية الجنوبية لبيروت، بمطاردة عناصر من الجيش وقوى الأمن الداخلي، كانت تقوم على ما يبدو بعملية إخلاء لأحد جرحاها، وقذفهم بالحجارة.


اقرأ أيضا: هل يهدد خروج شارع مناوئ للتحركات مستقبل تظاهرات لبنان؟


وتأتي عمليات الهجوم وسط نزول كثيف لعناصر وأنصار من حزب الله وحركة أمل، لمواجهة المتظاهرين بساحة الشهداء وسط بيروت، في تغير بارز لمطالب سابقة كان أمين عام حزب الله طالب أنصاره فيها بتجنب أماكن التظاهرات.

ويبدو أن حزب الله غير من استراتيجية النأي بعناصره وأنصاره عن مواطن التجمهر والاعتصام، وبدء استراتيجية جديدة تقوم على ما يظهر في الفيديوهات بعمليات مواجهة ومحاولة فتح طرق عنوة، دون اعتبار لمناشدات الجيش وقوى الأمن الداخلي التي تقوم أصلا بهذه المهمة، خوفا من تفاقم الوضع إلى اشتباكات.

وكان لافتا علو صيحات المحسوبين على شارع حزب الله وحركة أمل، ومطالبهم بعودة "7 أيار"، وهي ذكرى يصفها اللبنانيون بأنها ذكرى سوداء، حيث أدت إلى ما يشبه احتلال بيروت، وقتل عدد من المواطنين من قبل مسلحي حزب الله.

ووقعت الأحداث حينها في السابع من أيار/ مايو 2008، ووقعت بوسط العاصمة بيروت وبعض مناطق جبل لبنان بين قوى المعارضة والموالاة.

وفي الشق السياسي أصدر تيار المستقبل الذي يتزعمه الحريري بيانا نصح فيه مؤيديه بعدم المشاركة في أي تحركات احتجاجية والابتعاد عن أي تجمعات كبيرة بهدف "تجنب الانجرار وراء أي استفزاز يراد منه إشعال الفتنة".

بدوره أكد وزير الدفاع اللبناني، إلياس بو صعب، أن إقفال الطرقات من قبل المحتجين "لم يعد مسموحا" بسبب الضحايا الناتجة عن ذلك، مؤكدا أن قرار فتحها اتخذ ويطبق.


ونقل موقع "النشرة" اللبناني عن بو صعب تصريحات في حديث تلفزيوني، جاء فيها أن "الجيش يعالج موضوع الطرقات والمسؤولية عليه وعلى القوى الأمنية، فدوره حماية المواطن وفتح الطرقات أيضا وهذا سمعناه من رئيس الجمهورية ميشال عون وقائد الجيش ولم يبق سوى التنفيذ، ولا يجب السماح للأقلية التي تقفل الطرقات باستفزاز الناس وإيصالنا إلى الخراب".

وقال تعليقا على ما نقل عن مستشار رئيس حكومة تصريف الأعمال العسكري مارون حتي، عندما تحدث عن أنه وضع قيادة الجيش بجو إمكانية التصادم بين الجيش وحزب الله: "نسأل مارون حتي، بأي صفة تحدث مع قيادة الجيش، ونحن نؤكد أن وزارة الدفاع غير معنية ولا يمكن لأحد أن يجعلها معنية بسيناريو مماثل تنفيذا لمآرب غير لبنانية".

وفي الشق الحكومي أشار بو صعب، إلى "وجود عمل جدي لكي نتمكن من تأمين الحد الأدنى من الأصوات بالمجلس النيابي وهناك جهد لتكليف رئيس يتمكن من التشكيل ونيل الثقة، وربما بالساعات القادمة نصل إلى نتيجة فنكون أمام تكليف قريب"، مشيرا إلى أنه بحسب المعطيات فإن الحريري بات مقتنعا بأنه يمكن تكليف سواه لتشكيل حكومة.

 

بدوره دان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي في لبنان، وليد جنبلاط، قطع الطرقات من أية جهة كانت، مشيرا إلى أن الأمر يتسبب بمشاكل وتوترات وسقوط ضحايا.

وشدد جنبلاط على وجوب الحفاظ على جميع الطرقات مفتوحة من أجل المواطن العادي، مقدما تعازيه لأهالي الضحايا.

 

 

 

 

بدوره رأى رئيس المجلس النيابي نبيه بري أن "أسباب التأخير في تشكيل الحكومة غير مبررة على الإطلاق"، لافتا إلى أن "هناك أجوبة ما زالت متتظرة"، غامزًا في الوقت ذاته من أن "هناك من لا يزال يرفض التجاوب مع الحل الجاهز، وكأنّ صاحب هذا الموقف يتعمد المماطلة ويريد للبنان أن يغرق أكثر في أزمته الراهنة، وهو أمر يثير القلق والريبة".


وأعرب عن استغرابه، أمام زواره، "الغياب الحكومي عن ما يجري في البلد في هذه الفترة"، متسائلا: "أَلَيس في البلد حكومة تصريف أعمال، وهي ما زالت قائمة؟ فلماذا هي غائبة وكأنّه ليس في البلد أزمة؟ ولماذا لا تجتمع وتواكب ما يجري وتقوم بما هو مطلوب منها واتخاذ وَلَو الحد الأدنى من الخطوات الّتي تخفّف من هذا التوتر؟".

وقال إنه يعارض فكرة حكومة التكنوقراط الكاملة، مشيرا إلى أن "معالجة الأزمة وأسبابها تتطلّب حكومة "تكنو-سياسيّة".

 

وأوضح أنه "لم يعد متمسكا بأي اسم على رأس الحكومة الجديدة، بل مع من يريد أن يحمي البلد"، لافتا إلى أن "الأسماء ليست مهمة، بل المهم الآن هو أن تتشكل حكومة تتحمل المسؤولية وتضع الحلول اللازمة للأزمة، أيّا يكن رئيسها".

 

التعليقات (0)