هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار العدوان الأخير على قطاع غزة تساؤلات عدة، حول طبيعة ودور المشاركة الميدانية للأذرع العسكرية المنضوية تحت غرفة العمليات المشتركة في
المعركة، بخلاف ما كانت عليه خلال جولات سابقة من العدوان الإسرائيلي.
وكان الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة قد صرح خلال اليوم
الثاني من العدوان بأن جناح حركته العسكري "سرايا القدس" هو من أخذ
القرار بالرد على عملية اغتيال القيادي العسكري بهاء أبو العطا، وأن القرار اتُخذ
من قبلها وحدها وهي من تتحمل مسؤوليته.
وأشار النخالة في لقائه المتلفز على قناة الميادين بأن "الجهاد
الإسلامي" أخذت على عاتقها العبء الأكبر في المعركة، مؤكدا أن سرايا القدس تتقدم
الصفوف وفصائل المقاومة في الرد، وهي تدير قواعد الاشتباك مع الاحتلال منفردة.
وقال: "نحن لم يُكلفنا أحد بالرد، ولسنا حاضرين لتكليف أحد، نحن
اتخذنا القرار في اللحظة التي تم فيها استهداف القائد أبو العطا".
ووجه النخالة دعوة لفصائل المقاومة بأن الميدان مفتوح لكافة القوى للمساهمة
والمشاركة في الرد على هذا العدوان، مؤكدا في الوقت ذاته على أن حركته لوحدها
تستطيع أن تدير هذه المعركة حتى وقت طويل.
ولفت إلى أنهم شرعوا ظهر الـ13 تشرين الثاني/نوفمبر ببعض النشاطات والردود
المشتركة مع الفصائل الفلسطينية.
فيما صرح الناطق باسم حركة الجهاد الإسلامي مصعب البريم
لـ"عربي21" بأن حركته أدارت التصعيد ميدانيا بحالة توافق وتنسيق مع بقية
فصائل المقاومة.
وقال: "في التفاصيل الميدانية كنا متفقين على قرار الرد مع فصائل
المقاومة، ومتفقين بإجماع على ما يمكن أن تصل إليه التطورات الميدانية، وما يجب أن
تثمره من تطورات وإنجازات سياسية".
وأكد على تصميم حركته على العمل ضمن جسم المقاومة الموحد وقال: "سنبقى
نحافظ على قرار المقاومة موحدا".
اقرأ أيضا: إعلان تهدئة بين الاحتلال والمقاومة الفلسطينية في غزة
وعقب الإعلان عن التهدئة دعت الجبهة الشعبية، في تصريح صحفي، إلى لقاء وطني
عاجل من أجل تقييم الأداء الفلسطيني في العدوان للمساهمة في تعزيز روح العمل
المشترك.. والمضي في تطوير عمل غرفة العمليات المشتركة كإطار مسؤول عن قوى
المقاومة.
وأكدت على أن الدور الكبير الذي تلعبه الغرفة المشتركة يستحق من الجميع
الوقفة الجادة لآليات تطويرها وتوسيع أدائها وتفعيل كل أشكال التنسيق الميداني.
ومن جانبها، أشادت الجبهة الديمقراطية بالوحدة الميدانية للأجنحة العسكرية
لفصائل المقاومة في إطار غرفة العمليات المشتركة.
وقالت في تصريح صحفي بأن "الأجنحة العسكرية نجحت في إجهاض مناورات
الاحتلال للتلاعب بالأوضاع الفلسطينية وادعائها تحييد بعض الأجنحة للاستفراد بجناح
عسكري دون آخر"
منجز "إخوة الدم"
كما أوضح الناطق باسم لجان المقاومة الشعبية محمد البريم أنه ومنذ اللحظة الأولى
لاغتيال القائد أبو العطا، كان هناك تواصل مباشر ما بين كل قادة الأذرع العسكرية
عبر غرفة العمليات المشتركة، وأن قرار الرد كان موحدا على جريمة الاغتيال.
وقال البريم خلال حديثه لـ"عربي21": "كل العمليات التي تمت
من كل الفصائل الفلسطينية وإطلاق الصواريخ كان عمل ميداني تحت إطار غرفة العمليات
المشتركة".
وفيما يتعلق بطبيعة الرد طوال أيام العملية كان هناك تواصل مباشر ما بين
أطراف المقاومة المتعددة حتى مع سرايا القدس داخل الغرفة المشتركة، وفق تصريح
البريم.
وأضاف بأن الغرفة المشتركة منجز وطني مهم للشعب الفلسطيني وحقق إنجازات
متراكمة أهمها توحيد كل الجهود العسكرية لأداء المقاومة على الأرض.
ونوه إلى أن إشاعة حدوث شرخ بين فصائل الغرفة هو كلام غير مسؤول وغير وطني.
ودلل على مشاركة الفصائل في التصعيد الأخير بقوله: "كان لنا كألوية
الناصر صلاح الدين السبق في ضرب تل أبيب كرد على عملية الاغتيال، وكان ذلك بتنسيق
مع غرفة العمليات المشتركة، وهو موثق وباطلاع من كافة الأذرع العسكرية".
اقرأ أيضا: إيكونوميست: ماذا وراء التصعيد الإسرائيلي الأخير في غزة؟
ولفت إلى أن الناطق باسم سرايا القدس "أبو حمزة" عندما تحدث عقب
العملية شكر الفصائل الفلسطينية التي شاركت في هذا التصعيد.
واعتبر بأن الغرفة المشتركة كان لها أداء مميزا في هذه المعركة، مضيفا
"الحديث عن أي إشكال أو أي معضلة ليس مكانه وسائل الإعلام ولا منصات التواصل
الاجتماعي، نحن على تواصل وتشاور دائم، وتربطنا علاقة متينة مع كتائب القسام
وسرايا القدس، وبالإمكان أن نتجاوز هذه المرحلة بالمجمل".
وقال: "العلاقة بين الأذرع العسكرية جيدة في الميدان، وإخوة الدم تفوق
حديث كل من يزايد على هذه الغرفة".
ونبه البريم بأن الاحتلال حاول أن يظهر عبر إعلامه بأن المعركة محصورة مع
الجهاد الإسلامي، وحاول صناعة شرخ داخل غرفة العمليات المشتركة، لكننا شاركنا بقوة
في المعركة الأخيرة.
وكشف عن عدد من الشهداء قد ارتقوا من فصائل غير الجهاد الإسلامي خلال
التصعيد، ذاكرا منهم شهيدين من ألوية الناصر صلاح الدين وثلاثة شهداء من كتائب شهداء الأقصى لواء العامودي
إضافة إلى وجود إصابات في صفوف مقاتلين من باقي الفصائل.
تكتيك جديد
أما الأكاديمي والمحلل السياسي إبراهيم حبيب فيعتقد بأن الحديث عن دور شكلي
لغرفة العمليات المشتركة خلال الجولة الأخيرة غير دقيق، قائلا: "ما يدور في
شبكات التواصل الاجتماعي غير ما يدور في الأروقة السياسية".
ويؤكد خلال حديثه لـ"عربي21" بأن المقاومة في هذه الجولة كان لها
تكتيك مختلف عما عهدته الجماهير، وربما هذا اللغط ناجم عن عدم فهم الجماهير لهذا
التكتيك الجديد.
ويوضح "لم يكن الهدف الأساسي للعملية اغتيال القيادي أبو العطا بقدر
ما كان هدف سياسي لنتنياهو، بحيث يخرج من أزمته السياسية بالذهاب لحرب تمكنه من
تشكيل حكومة طوارئ قادرة على جمع شتات الكل الصهيوني ومن ثم توجيه ضربة قاسمة لغزة
بغطاء دولي".
ويضيف حبيب: "المقاومة فهمت هذا الأمر جيدا واستطاعت بطريقتها أن تقسم
الأدوار وهو ما تحدث به أكثر من خبير إسرائيلي وقال بأن المقاومة أوقعتنا في الفخ
عندما وجهت الجهاد الإسلامي".
ويشير إلى سيطرة حركة "حماس" على قطاع غزة، وأنها إذا لم ترد
الدخول في هذه المواجهة فكان بمقدورها منع حركة الجهاد الإسلامي من التصعيد.
واستدرك بقوله: "لكن حالة التناغم الموجودة بين حماس والجهاد هي التي
أعطت المرونة لقيام الجهاد بتنفيذ هذه العملية وتصدره للمشهد فيها".
وربط ذلك بالمناورة السياسية الموجودة مع السلطة في موضوع الانتخابات،
منوها حبيب إلى أن "هناك إجماع وطني على إنهاء الانقسام عبر
الانتخابات".
وتابع: "كل هذه الاعتبارات كانت حاضرة في إدارة جولة التصعيد، وأعتقد
أن المقاومة في هذه الجولة سجلت نجاحات جديدة وتكتيك جديد في المواجهة".
اقرأ أيضا: تقدير إسرائيلي: هذه مخاطر الدخول في حرب استنزاف مع غزة
ولفت إلى أن حالة التوافق مع الجهاد الإسلامي ظهرت من خلال المتحدثين
الثلاثة الناطقين باسمها والذين أكدوا على التوافق مع غرفة العمليات المشتركة.
ويرى بأن حديث النخالة يأتي في إطار تبادل الأدوار بين حماس والجهاد، وأنه
لم يتخطى محددات الشراكة بين الطرفين.
وقال: "استطاع النخالة أن يوصل رسالة أن ما جرى له علاقة بحركة الجهاد
الإسلامي وهو مستوعب، بخلاف لو كانت حركة حماس في الميدان لذهبنا إلى حرب
طاحنة".
ومن وجهة نظره "كان هناك توجيه لسرايا القدس وللغرفة المشتركة من قبل
قيادة حركة حماس، وهو ما بدى منذ اللحظات الأولى، وكان مطلوبا ألا يتدخل الجميع في
هذه المواجهة ولو حدث ذلك لتحولت إلى حرب شاملة".
ويبرر عدم مشاركة جميع الفصائل بأن الإقليم في هذه المرحلة غير مساند
للمقاومة، وبالتالي ربما يتعرض قطاع غزة لهجمة شرسة لا يتحملها، لذلك جرى الترتيب
بين المقاومة كلٌ حسب دوره.
ويرى بأن "الإسرائيليين يدركون بأن المعركة جرت بإسناد من حركة حماس
وكتائب القسام".
وختم بالقول: "لا يوجد شرخ بين فصائل المقاومة، وهذه معركة طويلة
وممتدة، ولو حدثت بعض الخلافات هذا لا ينفي دور الغرفة المشتركة الجامع لكل قوى
المقاومة، وما يجب أن يدركه الجميع أن التكتيكات ليس عبارة عن نماذج متكررة وإنما
لكل مواجهة ظروفها التي يمكن الترتيب على أساسها".