تستعد ألمانيا حاليا لعقد مؤتمر دولي من أجل حل
أزمات
ليبيا وجمع الفرقاء السياسيين والعسكريين، وسط تكهنات بوجود عدة تحديات
تواجه الحدث الدولي بل وتعرقله أو تفرغه من مضمونه، ناهيك عن ردود فعل غاضبة عن
استبعاد الأطراف الليبية من حضوره.
وتحشد ألمانيا للمؤتمر منذ فترة كبيرة وسط
تأكيدات دولية، أن الخطوة لن تكون مثل سابقاتها من مؤتمري "باريس" و"باليرمو" والتي تنصل منها كل أطراف الصراع الليبي وأولهم اللواء
المتقاعد خليفة حفتر.
وطبقا للتصريحات من قبل خارجية
"برلين" فإن المؤتمر، سيضم وزراء خارجية مجموعة الدول السبع والدول
المعنية بالملف الليبي دون أي أطراف ليبيا، وذلك من أجل وقف الاقتتال الدائر حاليا
في العاصمة "طرابلس، ووقف التدخلات الخارجية ومنع تدفق السلاح".
حراك "فرنسي إيطالي"
وبالتزامن مع الحشد الألماني للمؤتمر لوحظت
تحركات مشابهة من قبل
فرنسا من أجل الضغط على برلين أو حتى إفراغ الحدث من مضمونه
حتى لاتسحب ألمانيا البساط من تحت أقدامها وهما من يديران الملف الليبي منذ فترة،
وحتى لايتأكد فشل خطوتهما في باريس وباليرمو.
وانتقد وزير خارجية
إيطاليا، لويجي دي مايو عدم
توجيه دعوة لكل من الجزائر وتونس لحضور مؤتمر برلين المقبل، خاصة أن الدولتين
قدمتا دعما للمجتمع الدولي بشأن الأزمة الليبية خلال مؤتمري "باريس
وبالريمو".
كما لوحظ حالة تقارب بين كل من روما وباريس
قبيل انعقاد المؤتمر وهو ما أكده "دي مايو" بأن العلاقات مع باريس تحسنت
في الآونة الأخيرة وأنهم يثقون في فرنسا.
فرغم حالة التفاؤل الحذر تجاه المؤتمر إلا أن
هناك بعض التحديات التي ستقابله، ومنها: وجود تحركات "إيطالية فرنسية"
قبيل الحدث، وكذلك عدم "تحمس" الولايات المتحدة الأميركية بقوة للمؤتمر،
إضافة إلى غياب الأطراف الليبية عن الحدث، ليبقى السؤال: ما فرص النجاح والتحديات
لمؤتمر "برلين"؟.
"قوة ألمانيا أوروبيا"
المدون والكاتب الليبي المقيم في
"لندن"، فرج فركاش أشار إلى أن "ألمانيا بحكم مكانتها وثقلها في
الاتحاد الأوروبي ستحاول تفادي أخطاء الملتقيات السابقة من "أبوظبي"
مرورا بباريس إلى باليرمو، لذا تحاول إنهاء الانقسام الدولي أولا حول الملف الليبي
ثم الانتقال إلى حلول لكيفية الخروج من الأزمة".
وحول أهم العقبات التي ستقابل المؤتمر، قال
لـ"عربي21": أهمها كيفية ضمان الحد الأدنى من مصالح كل هذه الدول في ظل
الصراع الخفي بينها، خاصة بين المعسكر الأوروبي وروسيا إضافة إلى تعدد الأطراف
الداخلية التي استثمرت فيها بعض هذه الدول للحصول على أكبر قدر من المكاسب لهذه
الأطراف لضمان مصالحها مستقبلا".
وتابع: "هذه هي المعادلة الصعبة التي
تحاول "ألمانيا" حلها في الوقت الحالي، ولو حدث هذا التوافق فسنراه
يتبلور في قرارات من مجلس الأمن يلزم الأطراف بوقف إطلاق النار وتفعيل القرارات
الأممية السابقة بحظر السلاح، لذا نرى الآن سباقا محموما من الأطراف الداخلية خاصة
الطرف المهاجم (حفتر) لتعزيز موقفه العسكري على الجبهات استباقا لأي نوع من هكذا
قرارات"، وفق توقعاته.
كيف سينجح؟
الصحفية الليبية، وداد عون أشارت إلى أن
"المؤتمر الدولي المرتقب لن يستطيع تحقيق الحل السياسي للأزمة في ليبيا كون
الأطراف المتصارعة داخليا وخارجيا لن تتفق، لذا أتوقع فشل المؤتمر ما لم يتم
الاتفاق أولا بين أطراف الأزمة الداخلية".
وأضافت لـ"عربي21": "ورغم أن
المؤتمر يعتبر مبادرة سياسية تقدمها "ألمانيا" لدعم "ليبيا"
إلا أن التحديات التي ستواجهه كبيرة خاصة أن الهدف والمضمون للحدث ضعيف جدا، ولن
تنجح الخطوة ما لم تتفق الدول العربية والإقليمية والدولية على الحلول الفعلية
وقتها قد تحل أزمة البلاد"، كما صرحت.
مراهنة على "حسم الميداني"
وبدروه أشار الباحث السياسي السوداني المهتم
بالملف الليبي، عباس محمد صالح إلى أن "مؤتمر برلين لن يكون أفضل من التجارب
السابقة، بسبب غياب الإرادة الدولية في دعم الحكومة الشرعية أو دعم الحل السياسي
لاعتبارات تخص الأطراف الفاعلة والمنخرطة في المسألة الليبية".
وأوضح أنه "لم يتغير شيء جديد في ليبيا
يدفع الأطراف الدولية أن تغير من مواقفها السابقة منذ اندلاع النزاع، وبات واضحا
أن مواقف الأطراف المحلية داخل ليبيا أصبحت تحددها المكاسب على الأرض، كما أن
الأطراف الاقليمية المتورطة في النزاع الليبي تراهن وتفضل الحسم الميداني طالما
هناك أطراف ليبية محلية لازالت تتحالف معها"، حسب تصريحه
لـ"عربي21".