سياسة عربية

لماذا غاب الحديث عن "أقليات ليبيا" في المبادرات والمفاوضات؟

نشطاء من "أقليات ليبيا" قالوا إن أي حديث عن خارطة طريق للأزمة بدونهم يعتبر ضربا من الخيال- أرشيفية
نشطاء من "أقليات ليبيا" قالوا إن أي حديث عن خارطة طريق للأزمة بدونهم يعتبر ضربا من الخيال- أرشيفية
لوحظ مؤخرا غياب الحديث عن أي تواجد أو حقوق للأقليات المتواجدة في ليبيا سواء في المبادرات المقترحة أو عمليات التسوية السياسية التي يعلن عنها من وقت لآخر، ما أثار تساؤلات عن دلالة هذا الأمر وما إذا كانت هذه الأقليات أو بعضها ستشكل أزمة مستقبلا بحجة التهميش.

ويعيش في ليبيا ثلاث أقليات غير عربية وهي: "التبو والطوارق والأمازيغ"، يتوزعون على كل مناطق ليبيا وأشهر الجنوب الذي يعيش فيه التبو والطوارق بكثافة، وطالبت هذه الأقليات في عدة محافل بحقوق واحترام لها وضرورة اعتماد اللغات الخاصة بهم كلغات رسمية في البلاد، بل رفض بعضهم أن تكون ليبيا جزءا من الأمة العربية، وأصروا أن تكون جزءا من المغرب الكبير وأفريقيا.

"حقوق دستورية"

 واعترف الإعلان الدستوري الليبي، وهو دستور مؤقت للبلاد، في مادته الأولى بثقافة ولغة الأقليات في ليبيا، ومن هذه المادة: "واللغة الرسمية هي اللغة العربية مع ضمان الحقوق اللغوية والثقافية للأمازيغ والتبو والطوارق وكل مكونات المجتمع الليبي".

وفعّل القانون الليبي الذي أصدره المؤتمر الوطني - بمقتضاه - سنة 2014، وأعطي الحق باستعمال الأقليات للغاتهم في مناطقهم في كل ما يخصهم، وتعليمها لأبنائهم في مدارسهم، وعلى الدولة مساعدتهم في ذلك؛ كما أكّد هذا الإعلان حقوق المواطنة لكل الليبيين، بدون أيّ تفرقة، في مادته السادسة.

ورغم ذلك فما زال كثيرون من هذه الأقليات يشكون التهميش ويطالبون بتحقيق مطالبهم وقاطع نوابهم جلسات البرلمان وكذلك جلسات الهيئة الخاصة بصياغة الدستور الليبي اعتراضا على تجاهل هذه المطالب وغياب دمج هذه القليات في المبادرات المطروحة أو المفاوضات، والسؤال: ما أسباب ذلك وتداعياته؟

"اضطهاد وتهميش"

من جهته، قال الناشط من أقلية "التبو"، إسماعيل بازنكة، إن "مجرد الحديث عن الأقليات يقلق الكثير من الساسة والأنظمة الشمولية ذات الطيف الواحد، واليوم الأقليات في ليبيا مهددون بالعودة إلى المربع الأول من الاضطهاد والتهميش في ظل تنامي النفوذ السياسية والعسكرية والتحالفات الدولية لجنرال قومي يعادي الأقليات بشكل متطرف وهو خليفة حفتر".

وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أنه "بسبب هذا الدعم والعداوة من قبل حفتر اصطفت أغلب الأقليات خلف حكومة الوفاق بكافة إمكانياتها السياسية والعسكرية من أجل المحافظة على النضال والتوافق والطريق نحو الدولة المدنية التي تحترم التعددية"، حسب كلامه.

وتابع: "وبخصوص المبادرات والمفاوضات الراهنة فإن أي حديث عن خارطة طريق للأزمة الليبية في ظل غياب دور الأقليات يعتبر ضربا من الخيال"، كما وصف.

"حقوق ودولة مدنية"

الناشط المدني من أقلية "الطوارق"، عيسى مدريكو، أكد أن "تجاهل الحديث عن الأقليات الآن لأنهم يدعمون الحلول السياسية في ليبيا والدولة المدنية ويرفضون الحلو العسكرية التي يريد البعض فرضها".

وأشار في تصريحه لـ"عربي21" إلى أن "الأقليات بكل مجموعها لم تغب أبدا عن المشاركة والمساهمة في أي حلول سلمية للأزمة، لذا فإنه لا يجب أبدا تجاهلها في أي مبادرة أو تسوية مستقبلية".

"مطالب قبلية"

الناشط من الجنوب الليبي، طاهر النغنوغي، رأى أنه "إن غاب الحديث عن الأقليات فلن يغيب دعمهم سياسيا وعسكريا على أرض الواقع، كما حدث في الأيام القليلة الماضية من دعم حكومة الوفاق لقبيلة التبو على العرب الفزازنة بمدينة مرزق وتم تصنيف هذه الحرب سياسيا بينما هي حرب قبلية أكثر منها سياسية".

وأضاف لـ"عربي21": "الأقليات في ليبيا ما زالت تفاوض على أنها أقليات لكن حقيقة الأمر أنها تمارس حياتها الطبيعية كغيرها من العرب، ويبقى تخوف من تشكيل هؤلاء أزمة حقيقية في الحوار القادم لعدم مشاركتهم في لجنة صياغة الدستور وعدم رضائهم بـكوتة البرلمان، أما بخصوص فشل أطراف الصراع في استقطابهم فلأن إيمانهم بقضيتهم أولى لهم من التنازلات المؤقتة الحالية"، وفق تقديره.

"مصالح دول كبرى"

لكن أستاذ القانون بجامعة "طرابلس"، محمد بارة، أشار إلى أن "إثارة قضية الأقليات وحقوقهم ومطالبهم يعتمد في الأساس علي مدى تحقيق مصلحة الدول الكبرى، وغيابه الآن عن الطرح أو المشاركة ربما لأن إثارته في هذا الوقت لا تخدم هذه المصالح".

وأكد في تصريحات لـ"عربي21" أن "مجموعات الأقليات في الوقت الحالي تؤيد وتشارك حكومة الوفاق الوطني سياسيا وعسكريا، لكن رغم ذلك فإنه لا يهتم المجتمع الدولي بمطالبهم"، وفق رأيه.

"وعود زائفة"

ورأى المدون الليبي، مصطفى شقلوف أنه "رغم قيام ثورة في البلاد أعطت الحرية للجميع إلا أن رحلة الاعتراف بالأقليات وحقوقهم ما زالت مستمرة وكل الوعود لهم لا تزال مجرد حبر على ورق، وإن كانت قد أخذت هذه الأقليات حقوقها في نطاق مدنهم إلا أنه لا يحق لهم تعلم أساسيات لغتهم خارج إطار مدنهم".

وأوضح :"وفي واقع الحروب تنال هذه الأقليات نصيب الأسد من الجرحى والقتلى، وهم أساس الحروب وحطبها وهذه سياسة قديمة متبعة، فلا يتحصل أحدهم على الجنسية العربية الليبية -وفق ما كان- إلا بالانتساب إلى إحىد الكتائب الأمنية"، وفق زعمه.
التعليقات (0)