هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
انتقد
عدد من القانونيين والحقوقيين القرارالأخير الذي أصدرته محكمة جنايات الجيزة بشأن
وزير العدل الأسبق، المستشار أحمد سليمان، والمتضمن إخلاء سبيله مع تحديد إقامته
داخل بمنزله، معتبرين ذلك نوعا من الاستخدام المتعسف للقانون وفي غير موضعه لمعاقبة
المعارضين للنظام؛ ومنعهم من أي نشاط لهم عقب خروجهم من السجن.
وتأتي
مثل هذه القرارات، بحسب مراقبين، للحد من حركة المعارضين، وللضغط عليهم، وإشعارهم
بالقلق والخوف الدائم؛ فضلا عن تصفية الحسابات مع البعض الآخر، كما هو الحال مع
المستشار أحمد سليمان، رغم أنه كانت هناك مطالبات بإلغاء أو تخفيف القيود على المعتقلين
السابقين.
وكانت
هناك حالات مماثلة سواء بشكل قانوني أو بتعليمات شرطية، وهو ما حدث مع الصحفي محمد
حمزة، فضلا عن أحكام أخرى بتدابير لمدة ثلاثة أيام يقضيها المتهم بالقسم بعدد
ساعات معينة، وكذلك متابعة لمدة يومين أو ثلاثة بمقر الأمن الوطني التابع له، بحيث
يكون الأسبوع كله تقريبا تدابير احترازية للمفرج عنه، وهناك نماذج كثيرة في هذا الإطار.
وتُعد
التدابير الاحترازية هي العقوبة المكملة والبديلة للحبس الاحتياطي في القانون المصري
وفقا لنص المادة 201 من القانون رقم 150 لسنة 1950، والمعدلة بالقانون رقم 145
لسنة 2006 من قانون الإجراءات الجنائية، ويتم تطبيقها على متهمين في قضايا سياسية.
وعلى
النقيض تماما من ذلك؛ فإن القرارات الصادرة في القضايا ذات الطابع الجنائي قيد
التحقيق تكون في معظمها في حالة إخلاء السبيل، إما يكون القرار إخلاء السبيل بضمان
محل الإقامة أو بأي ضمان مالي.
والسمة
الأساسية للتدابير الاحترازية هي الإلزام والإجبار، لذا فإنها تمثل عبئا وضغطا على
المتهمين؛ حيث أنها تمس حقوق وحريات الأفراد، وتمنعهم من الحركة والتنقل أو السفر،
وقد تؤثر أيضا على حصولهم على فرصة عمل، مما يؤثر سلبا على حياة هؤلاء المتهمين،
الذين هم في الأصل بُرآء مما نُسب إليهم حتى تثبت إدانتهم.
يقول
الباحث الحقوقي بالتنسيقية المصرية للحقوق والحريات، أحمد العطار، إن "القانون
حدد فترة الحبس الاحتياطي بفترة زمنية
معينة، وبالتالي لجاًت المحاكم لطريقة جديدة لحبس المعتقلين أطول فترة ممكنه
بإصدار ما يسمى بإخلاء السبيل بالتدابير الاحترازية من أجل استمرار النظام في
الضغط على المفرج عنهم، وتحديد تحركاتهم وإجبارهم على الاستمرار في دوامة القلق
والخوف من إعادة الاعتقال".
وأوضح،
في تصريح لـ"عربي21"، أن النظام يهدف أيضا من قرارات إخلاء السبيل
بتدابير احترازية إلى إعطاء صورة مزيفة للخارج بأن القضاء المصري يخلي سبيل المعارضين،
ولكن الحقيقة هو إعادة اعتقالهم بالتدابير كما حدث مع المستشار أحمد سليمان، حيث تم
تحديد إقامته في تطور للأسوأ".
اقرأ أيضا: معتقلون مصريون يستغيثون من "ظلم" قاضي بمحافظة الشرقية
وأكد
العطار أن "النظام يستخدم الإخلاء المشروط من أجل ضمان حصار المفرج عنهم
بشروط التدابير وتهديدهم بإعادة اعتقالهم مرة أخرى، وذلك بسبب خوف وقلق السلطات
المصرية من إعطاء الفرصة للمعارضين بإعادة تنشيط أنفسهم والعودة إلى نشاطهم السابق،
وتعمل على إخماد اي تحرك من جانب هؤلاء".
أما
رئيس محكمة سوهاج الإبتدائية سابقا، المستشار محمد سليمان، فيقول إن "الإصرار
على القيود وتطورها للأسوأ نتيجة لتعمق الديكتاتورية والاستبداد وانتهاك حقوق
الإنسان، ولا يمكن للنظام أن يعيش إلا هكذا بسبب الخوف والقلق الدائم الذي يعيشه
خوفا من فضح جرائمه وكشف أكاذيبه أمام العالم؛ حيث الممارسات الخارجة عن كافة
المواثيق والقوانين الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان".
وبشأن
التعنت مع المستشار أحمد سليمان تحديدا، أضاف في حديثه لـ "عربي21" أن "هذا
التعنت مع هذا الرجل لكونه قيمة قضائية مستقلة له مصداقيته ولديه الحجة والبرهان،
ولا يخشى أحدا إلا الله، وله مواقفه المشهودة التي كشف فيها عورات هذا النظام
وجرائمه، وكذلك تمسكه بقيم ومبادئ وميثاق شرف العدالة التي دافع عنها طوال فترة
عمله في هذا المجال".
وبخصوص
دور المنظمات الحقوقية، قال رئيس محكمة سوهاج السابق إنه "يقع عليها عبء رصد
تلك الانتهاكات وكشفها وفضحها وتوقيفها، حتى لا يضيع حق هؤلاء الذين يتم انتهاك حقوقهم
طوال الوقت ومخالفة كل الأعراف الدولية في التعامل معهم، خاصة أن هذه الجرائم لا
تسقط بالتقادم".
ومن
جانبه، قال مديرمنظمة السلام الدولية لحماية حقوق الإنسان، علاء عبد المنصف، إن "هناك
تفعيل للقانون ولكن بشكل سيء، وهناك تدرج في القانون بشان هذه التدابير سواء ساعات
محددة أو منع من السفر أو تحديد إقامة، وبالتالي تم استخدام الخيار الأسوأ، فالفكرة
ليست إجراء تعسفيا من عدمه ولكن استخدام نصوص قانونية بشكل يحيد عن الحق القانوني".
وأضاف،
في حديثه لـ "عربي21"، أن "النظام يطبق هذه الإجراءات الاحترازية،
وهذه القوانين منذ ستة سنوات، ونحن أمام وضع غير طبيعي في منظومة العدالة، والتساؤل
هنا: هل يتم استخدام القانون على الوجه السليم أم يتم توظيفه من خلال الاستخدام
الأسوأ؟".
وحول
دور المجلس القومي لحقوق الإنسان، ذكر مدير منظمة السلام الدولية أن دوره معروف
ويتمثل في "التواطؤ مع السلطات، ومحاولة تبرير ما يحدث، أما بخصوص المنظمات
الحقوقية فنحن نحاول أن يكون لها دورها من خلال تعريف العالم بمثل هذه الانتهاكات
لحماية الشعب المصري منها، وتحقيق الكرامة، والحرية المنشودة لهذا الشعب".