مقالات مختارة

ابن سعيّد هزم الأحزاب السياسية في تونس وحده

محمد صالح المسفر
1300x600
1300x600

شرارة الربيع العربي انطلقت من تونس عام 2010 لتشعل الانتفاضات في دول عربية
لكل ظالم نهاية "مهما طال الزمن به في الحكم ومهما تحصن بقوى "المارينز" أو بلاك وتر
صفحة جديدة تفتح في تاريخ تونس العظيمة بعد انتخاباتها البرلمانية والرئاسية

(1)

 

أثبت الشعب العربي المجيد في تونس أنه جدير بالاحترام والتقدير، وراح يضرب الأمثال لبقية الشعب العربي في أرجاء الوطن العربي الكبير، من تونس كانت شرارة الربيع العربي الأولى، التي انطلقت في السابع عشر من شهر كانون الأول/ديسمبر عام 2010 لتشعل الانتفاضات الشعبية في أكثر من قطر عربي، كان يوم الرابع عشر من كانون الثاني/يناير 2011 يوما حاسما في تاريخ تونس العظيمة، في ذلك التاريخ أجبر الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي الذي حكم تونس قرابة 23 عاما، مارس فيها أبشع أنواع القهر والإذلال لشعب تونس وانتشر في عهده الفساد، أجبر على الهروب خلسة وانتهى به المقام في السعودية.


لست هنا بصدد تقديم تسلسل تاريخي للأحداث التي أدت إلى هروب الرئيس وعائلته إلى خارج تونس، وما أردت ذكره في هذا المقال هو استدعاء العبر من تاريخ ثورة / حركة الربيع العربي التي أسقطت أربعة أنظمة من أعتى وأقسى أنواع الأنظمة التي حكمت العالم العربي (معمر القذافي، حسني مبارك، علي عبدالله صالح، وزين العابدين بن علي)، ولم يتمكن شباب الربيع العربي من إنهاء نظام بشار الأسد في سوريا الحبيبة لسرعة حركة الثورة المضادة التي قادها ورسم مسرح عملياتها تجار النفط العربي.

 

(2)

 

العبرة الأولى "إن لكل ظالم نهاية" مهما طال الزمن به في الحكم ومهما تحصن بقوى "المارينز" أو بلاك وتر أو مرتزقة، يجلبونهم من أمريكا اللاتينية وأفريقيا أو من أي اتجاه. والعبرة الثانية أن إرادة الشعوب لا تقهر، قد تتراجع وتكمن، لكن جمرها يتقد تحت الرماد سرعان ما يتقشع الرماد فيتطاير الشرر ليحرق الظالمين والطغاة ومن والاهم، قد تتعثر مسيرة الثورة لكن سرعان ما تستجمع قواها فتنطلق كالسيل العرم لا ترده سدود ولا حدود، فلا تجدي قوى المارينز ولا جحافل جيوش الغرب كلها، لأن إرادة الشعب تستمد من إرادة الله، وضرب الشعب السوداني الشقيق أروع مثال بأن الثورة تكمن لفترة قصيرة سرعان ما تنطلق ثم تحلق في معراج التغيير، فأسقط الشعب في السودان حكم البشير بعد أن ظن تجار النفط أنهم انتصروا على إرادة الشعوب، وهناك عبر كثيرة في هذا السياق، فهل يعتبر الظالمون الطغاة وما أكثرهم في عالمنا العربي؟

 

(3)

 

كان يوم الأحد الثالث عشر من شهر تشرين الأول/أكتوبر الحالي يوما من أعظم أيام الله بالنسبة لكل أحرار ومناضلي وثوار تونس. هذا اليوم الذي أعلنت هيئة الانتخابات التونسية فوز الدكتور قيس بن سعيّد برئاسة الجمهورية عبر صناديق الانتخابات، التي وصفت بأنها انتخابات نزيهة لا ريب في ذلك، وأن نسبة نجاح ابن سعيّد بلغت 72 % من أصوات الناخبين، ولا شك أنها كانت صدمة للفرانكفونيين والمتسلقين على مداخن البترول وأنصار الفساد والمفسدين، الدكتور قيس لم يكن ينتمي إلى حزب سياسي في تونس، ولا اعتمد على جحافل قبلية لتدلي بأصوات جماهيرها لقيس. أقولها بكل وضوح: لقد "هزم قيس سعيّد الأحزاب وحده "كان إلى جواره الشباب والصادقون من الشعب التونسي الذين لم يتسخوا بأي فساد أو تبعية لقوى خارج الحدود، فهنيئا لتونس وشعبها المناضل الشريف بما حقق من إنجاز.

 

(4)

 

اليوم صفحة جديدة تفتح في تاريخ تونس العظيمة، ماذا سيكتب في هذه الصفحة؟ لا جدال أن حزب النهضة الفائز بأغلبية الأصوات في البرلمان هو الذي سيكتب قولا في هذه الصفحة، ولا جدال أن هناك فئة ستقف في وجه ما سيكتب فيها ولو من باب المناكفة، من حق الكاتب أن يشيد بعقلانية وحكمة قادة حركة النهضة ومفكريها، ولكني أقول إن العالم بما في ذلك بعض الدول العربية لن تسمح بنجاح تجربة يعتنق قادتها الفكر الإسلامي، حتى ولو كانوا ليبراليين في تفكيرهم والنماذج الواقعة بين يدينا في مصر وتركيا والسودان شاهدة على ذلك، وما برحوا يحاربون حزب الإصلاح في اليمن وهو ليس في سدة الحكم.

 

من اللحظة الأولى لإعلان فوز الدكتور قيس سعيّد بالرئاسة، بدأت الصحافة الغربية وخاصة في فرنسا وإيطاليا وغيرهما يفصلون مواقف الرئيس التونسي الجديد وينسبونها إلى حركة النهضة الإسلامية، ويلصقون به وبالحركة أمورا لم يفكروا فيها، وذلك من أجل النيل من الإدارة التونسية الجديدة ومحاولة عرقلة مسيرتها نحو الحرية، وترسيخ قواعد السيادة والشروع في بناء نهضة حقيقية لتونس على جميع الصعد.

 

آخر القول: أدعو الله أن يوفق تونس وشعبها وقيادتها لما فيه خير الأمة العربية والإسلامية، وأن يحفظ تونس وشعبها من كل شر، آمين.

 

(الشرق القطرية)

0
التعليقات (0)