هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لجأت قوات سوريا الديمقراطية إلى ورقة "الاحتماء" بالنظام السوري، بعد تخلي الولايات المتحدة عنها، تزامنا مع بدء تركيا عملية "نبع السلام" بمنطقة شرق الفرات، ورغم المناشدات المتكررة من "قسد" لواشنطن في بداية العملية، إلا أنها أعلنت قبل يومين اتفاقها مع النظام السوري لمواجهة العملية العسكرية التركية.
وقالت "قسد" في بيان لها الأحد الماضي، إنه
"تم الاتفاق مع الحكومة السورية لمنع وصد الاعتداء التركي، بدخول الجيش
السوري والانتشار على طول الحدود السورية التركية، لمؤازرتها"، مضيفة أن
"هذا الاتفاق يتيح الفرصة لتحرير باقي الأراضي والمدن السورية المحتلة من قبل
الجيش التركي"، بحسب تعبيرها.
وفي تطورات هذه الخطوة، أعلنت وزارة الدفاع الروسية
الثلاثاء، أن قوات النظام السوري دخلت مدينة منبج، بعد مغادرة القوات الأمريكية المدينة
واتجاهها إلى الحدود العراقية، لافتة في الوقت ذاته إلى أن "هناك اتصالات مع
نظيرتها التركية لتنسيق التحركات العسكرية بالمدينة".
فرضية الاشتباك
وأمام هذا التقدم، شدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان
الثلاثاء، على أن بلاده "ستقوم بإرساء الأمن من منطقة منبج إلى الحدود العراقية،
من خلال عملية نبع السلام المتواصلة في شمال سوريا"، مبينا أن "العملية
سيطرت حتى هذه اللحظة على ألف كليومتر مربع شمال بالمنطقة السورية".
وحول إمكانية الاشتباك المباشر بين القوات التركية
والنظام السوري، اتفق خبيران عسكريان تحدثت معهم "عربي21" أن هذه
الفرضية مستبعدة بشكل كبير، لوجود توافقات مسبقة مع القوى الفاعلة بالملف السوري،
قبل بدء عملية "نبع السلام".
اقرأ أيضا: روسيا: النظام السوري دخل منبج.. وهناك اتصالات مع تركيا
وقال الخبير في الشؤون العسكرية العميد أحمد تمساح إن
"كل ما يحدث في الشمال السوري متفق عليه، والدخول التركي حصل بضوء أخضر
أمريكي، لكن وفقا لشروط معينة"، معتقدا أن تحرك النظام السوري، يأتي بأوامر
روسية "لضمان عدم تجاوز تركيا للعمق المتفق عليه".
وأكد تمساح في حديث لـ"عربي21" أن قوات
النظام السوري بدأت بالوقوف على أطراف المنطقة المسموح لتركيا الانتشار فيها في
شمال شرق سوريا، مشددا على أن "كل شيء مضبوط ويُعمل به وفق اتفاقيات سابقة
حدثت في أمريكا وأستانا".
وتابع تمساح: "لا يستطيع أحد تجاوز هذه الشروط،
لأن العقوبات ستكون قوية في حال تجاوز أي طرف من الأطراف حدود المنطقة المسموح له
التواجد فيها"، متوقعا أن تكون المناطق التي سيتحرك فيها النظام، خارج حدود
الأهداف التي تسعى العملية التركية لتحقيقها.
قال خبير عسكري إن تحرك النظام السوري لن يكون للتصدي للدخول التركي
ورأى أن تحرك النظام السوري لن يكون للتصدي للدخول
التركي، لأن تركيا تنسق عمليتها مع روسيا الداعم الرئيس للنظام، مضيفا أن
"موسكو حاليا هي اللاعب الأساسي والمستفيد الأكبر من الحرب السورية، وتحاول
أخذ مكان أمريكا، في ظل انسحاب واشنطن الشامل كما وعد الرئيس دونالد ترامب".
واعتبر تمساح أن "تسليم
المناطق التي كانت تسيطر عليها أمريكا في سوريا، سيكون لتركيا وروسيا وإيران وكذلك
إسرائيل"، مستبعدا في الوقت ذاته أن يزيد اقتراب قوات النظام من القوات
التركية، من احتمالية الاشتباك والصدام بين الطرفين، "لأن كل طرف يعلم حدوده"، وفق قوله.
اختبار بالنار
واستدرك قائلا: "ربما
يحدث اختبار بالنار، بمعنى أن يكون تقدم لبعض المقاتلين وفي حال اندلع اشتباك
ينسحبون مرة أخرى (..)، لكن برأيي لن يتجرأ أحد على تنفيذ هذا الاختبار، التزاما
بالحدود المرسومة له، وتفاديا لعقوبات قد تطاله".
وذكر الخبير العسكري أن
"الأطراف المشاركة في الحرب السورية تلتزم بالفوضى المضبوطة، ولن يشتبك أي
طرف مع الآخر"، مبينا أن "التصعيد الحالي له حساباته الخاصة ويسعى
لتأمينها، وكلما وجد أي طرف الفرصة السانحة إقليما ودوليا سيستغلها، وسيبقى الصراع
مضبوطا"، على حد وصفه.
اقرأ أيضا: مقتل جنديين تركيين.. و"نبع السلام" على مشارف منبج الغربية
وفي السياق ذاته، استبعد رئيس
مركز الشرق الأوسط للدراسات والأبحاث العميد الركن هشام جابر أن يقع صدام مباشر
بين الجيش التركي والنظام السوري، مؤكدا أن "روسيا الدولة الضامنة هي التي
ترعى هذا الشأن".
ولفت جابر في حديث لـ"عربي21"
إلى أنه "لم يحدث أي صدام سابق على مدار السنوات الماضية، ولن يحدث هذا
الصدام خلال هذه التطورات"، مستدركا بقوله: "من الممكن أن يحدث اشتباك
بين المقاتلين المدعومين من تركيا مع النظام السوري، لكن أغلب الظن أنهم سينسحبون
ولن يشتبكون مع النظام"، بحسب تقديره.
تأثر "نبع السلام"
ورأى جابر أن "روسيا
تمسك بالقيود جميعها، وانتشار قوات النظام السوري يتركز في أماكن محددة"،
مضيفا أن "تركيا لن تنسحب وستحاول التقدم لكسب المزيد من الأرض، وخلال
اليومين القادمين ستتضح الصورة أكثر".
وأشار إلى أن تركيا رحب سابقا
بوجود قوات النظام السوري، وسيكون تنسيق بين النظام وتركيا بواسطة روسيا، التي
تضمن بشكل كبير عدم وجود صدام عسكري بين أنقرة ودمشق، منوها في الوقت ذاته إلى أن
أمريكا تنسحب وتترك ورائها "قنابل موقوتة".
وبشأن تأثير تدخل قوات النظام
السوري على عملية "نبع السلام" التركية، توقع جابر أن تُقصر المدة
الزمنية للعملية العسكرية، مرجئا ذلك إلى أنه "يزيل خشية أنقرة من الوحدات
الكردية والتهديدات الأمنية على حدودها".