هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أخيرا، أقدمت الأغلبية الديمقراطية بمجلس النواب الأمريكي على اتخاذ قرار المضي بالتحقيق في إساءة الرئيس دونالد ترامب، الجمهوري، استغلال السلطة، تحت مظلة قانون العزل من البيت الأبيض، وسط تساؤلات بشأن تفاصيل الخطوة قانونيا وحساباتها السياسية.
والثلاثاء، وافقت رئيسة مجلس النواب، وزعيمة الديمقراطيين، نانسي بيلوسي، على المضي بالخطوة، بعد أن كانت من أشد المعارضين لها.
جاء ذلك على خلفية تفجر فضيحة ممارسة ترامب ضغوطا على نظيره الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، مستغلا سلطاته، لتحريك قضية في كييف ضد "جو بايدن"، أبرز منافسيه الديمقراطيين على رئاسة الولايات المتحدة العام المقبل، وابنه "هانتر"، الذي يعمل في شركة أوكرانية لإنتاج الغاز الطبيعي، منذ عام 2014، والتي كانت تخضع لتحقيقات بشبهات فساد قبل أعوام.
إجراءات عزل الرئيس
يمنح الدستور الأمريكي الكونغرس صلاحية إقالة الرئيس في حال ارتكابه "الخيانة أو الفساد أو جرائم أو جنح كبرى أخرى"، فيما لا يمكن للقضاء النظر في جريمة يرتكبها أثناء حكمه، بحسب ما أقرت وزارة العدل عامي 1973 و2000، بحجة أن ذلك "يمكن أن يلحق ضررا" بعمل البيت الأبيض.
وفي حديث مع "عربي21"، أوضح المختص بالشأن الأمريكي، أسامة أبو ارشيد، أن مجلس النواب يمكنه إجراء تحقيق في قضية إساءة ترامب استخدام صلاحياته، ومن ثم تمرير قرار بعزله (بمثابة اتهام)، الأمر الذي يتطلب موافقة أغلبية النصف زائد واحد من النواب، وهو ما يمكن للديمقراطيين تحقيقه.
اقرأ أيضا: ما هي "فضيحة أوكرانيا" وما مدى خطورتها على ترامب؟
يتم بعد ذلك نقل القرار لمصادقة مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون (بمثابة محاكمة، يشكل فيها مجلس النواب الادعاء، ومجلس الشيوخ هيئة المحلفين)، إلا أن ذلك سيتطلب موافقة أغلبية الثلثين (67 عضوا من أصل 100).
وحال صادق الشيوخ على إدانة الرئيس، فإن العزل يكون غير قابل للطعن فيه، ويتولى نائب الرئيس المنصب بشكل تلقائي، وهو مايك بنس في حالة ترامب.
وتعد احتمالات حدوث ذلك "ضئيلة جدا إن لم تكن مستحيلة"، بحسب أبو ارشيد، مضيفا أن من يصوت من الجمهوريين لصالح الإطاحة برئيسهم سيخسر سياسيا داخل الحزب، فيما تمرير قرار العزل بمجلس النواب يواجه هو الآخر خلافا بين الديمقراطيين أنفسهم.
الحسابات السياسية
أشار أبو ارشيد إلى "امتلاك الديمقراطيين أرضية دستورية للمضي في إجراءات العزل، على اعتبار أن ترامب أساء استخدام السلطة، إلا أن السؤال الذي يطرح في أروقة الحزب هو ما إذا كان ذلك سيخدم موقفهم في الانتخابات أم لا".
وأوضح: "رئيسة مجلس النواب وزعيمة الديمقراطيين نانسي بيلوسي أعربت عن تخوفها من أن يقرأ الرأي العام في المضي بالخطوة في مجلس النواب أنه توظيف لأوراق سياسية ضد الرئيس، فيما يشدد آخرون على ضرورة اتخاذها حتى يعرف الناخب من هو الشخص الذي سيصوت له العام المقبل، والتزاما بالواجب الدستوري"، وهو ما يجعل الكرة في ملعب الديمقراطيين خلال هذه المرحلة.
اقرأ أيضا: 3 رؤساء أمريكيين واجهوا إجراءات العزل (إنفوغراف)
وتتخوف "بيلوسي" من أن تحتكر إجراءات الإقالة النقاشات على حساب الاهتمام بالتحضير للانتخابات، وأن يعود تعثر القضية في النواب أو الشيوخ سلبا على حزبها، بتعميق الانقسامات بين أقطابه، فضلا عن الخوف من شبح سيناريو عام 2000، عندما دفع الجمهوريون ثمن محاولتهم الإطاحة بالرئيس الأسبق بيل كلينتون.
وحتى الآن، عبّر أكثر من 150 من أصل 235 نائبا ديمقراطيا في مجلس النواب عن تأييدهم إطلاق الإجراءات، بينما لم يبد أي نائب جمهوري دعما لذلك.
ولفت أبو ارشيد إلى أن التلويح بعزل ترامب لا يعكس بالضرورة ضعفا لدى الديمقراطيين أمامه، إنما مكمن الضعف لديهم هو في عدم قدرتهم على صياغة رؤية موحدة وواضحة للتعامل مع هذا الملف أو غيره ضد الرئيس، وهو ما ظهر سابقا في شبهات "التواطؤ مع روسيا"، أثناء حملته لرئاسيات 2016، التي فاز فيها.
وختم بالقول: "استطلاعات الرأي تشير إلى فوز أي من مرشحي الحزب الديمقراطي الرئيسيين على ترامب، ولكن ذلك قد يتغير خلال الأشهر القادمة، كما أن تلك النتائج لا تأخذ بعين الاعتبار حسابات الولايات والمجمع الانتخابي، ومن ثم فإن معارضي الرئيس معنيون بإبقائه في دائرة الجدل والفضائح وتسليط الكثير من الأضواء عليها إلى حين توجه الأمريكيين إلى صناديق الاقتراع".
يشار إلى أن الديمقراطيين أثاروا العديد من القضايا ضد ترامب في الكونغرس، منها ما هو متعلق بشبهات التواطؤ مع روسيا، لا سيما في تسريب رسائل البريد الإلكتروني لمنافسته السابقة هيلاري كلينتون ومؤسسة الحزب الديمقراطي، مرورا بتحقيقات حول ضرائبه وتضارب مصالح بين مسؤوليات كرئيس وأعماله الخاصة، وليس انتهاء بدفعه مبالغ من أجل إسكات نساء لدرء فضائح جنسية.