مقالات مختارة

يا حكام الخليج أنقذونا وأنفسكم قبل أن يحل غضب الله علينا جميعا

محمد صالح المسفر
1300x600
1300x600

عاش الشعب العربي في الخليج في مطلع الأسبوع الماضي فترة أمل أن أزماته "حصار قطر، وحرب اليمن، والتدخل في ليبيا، وفي تونس والسودان بأموال الخليج وتدافع أساطيل القوى الغربية نحو الخليج تحت شعار حماية أمن الخليج" ستجد حلا مرة وإلى الأبد. فتأمل أهل الخليج أن حصار قطر من الأشقاء، الذي لم يسلم أحد من آثاره السلبية حكومات ومؤسسات عامة وخاصة وفردية، أوشك على أن يرفع.


ذلك الأمل رافق الرسائل الخطية التي تم تداولها بين قادة الرياض والكويت وقطر، استبشر الناس خيرا وقالوا قرب الفرج وعاد العقل والحكمة إلى رؤوس قادة الحصار والحرب في اليمن.


الشيخ صباح "حكيم الخليج" أمير دولة الكويت وهو يعد حقائبه للسفر إلى أمريكا لمقابلة الرئيس الأمريكي استكمالا لمشروعه السلمي في الخليج، خرجت علينا وكالة الأنباء السعودية ببيان رسمي ينسف كل الجهود والآمال التي عاشها اهل الخليج لفترة ثلاثة أيام من الاتصالات بين العواصم المعنية في الخليج العربي، وترد الخارجية القطرية ببيان تفند ما جاء في البيان السعودي من مغالطات وحجج واهية، وهنا ازدادت الهوة بين قطبي الحصار "الرياض وأبوظبي" ودولة قطر، وفقد الناس الأمل الذي كان يحدوهم نحو الانفراج.


يورد بعض المهتمين بالشأن الخليجي من العرب أن هذا الارتداد السعودي جاء نتيجة لاتصالات سريعة بين القاهرة والرياض وأبوظبي، ترفض أي تقارب مع قطر أو حتى محاولات تخفيف الحصار عنها. في أحد المجالس "الديوانيات" طرح أحد رواد المجلس سؤالا استنكاريا مؤداه: هل تحولت الدولة السعودية التي كانت متبوعة من جميع الدول العربية والإسلامية إلى دولة تابعة تحركها وتسير سياستها الخارجية وحتى الداخلية، أيد وعقول لا تملك من الخبرة والمكانة ما تملكه القيادة السعودية؟ هل تجمد العقل وانعدمت الحكمة التي كانت تدار بها السعودية منذ عهد الملك عبد العزيز مؤسس الدولة السعودية الثالثة، مرورا بملوكها الخمسة الراحلين؟ والحق، إنه أمر غريب عجيب أن يتحول المتبوع إلى تابع.


في الخليج العربي بلغ السيل الزبى، فقد تكاثرت أساطيل الدول الاستعمارية برا وبحرا وجوا، برغبة بعض حكام الخليج، ذات الأطماع في ثروات خليجنا العربي، واستغلال مكانته الاستراتيجية، تحت ذريعة حماية أمن الخليج من إيران، وخطوط الملاحة البحرية، وحماية ناقلات النفط من تعرضها لأي مانع يحد من إبحارها. والسؤال الذي يطرح هنا: أليست أبوظبي والرياض تملكان أقوى وأكبر سلاح جوي فتاك كما تقول المعلومات الصادرة من تلك العواصم، وأنهم يملكون صواريخ هجومية عالية الدقة كما يملكون صواريخ مضادة للصواريخ الإيرانية، وراح بعض مشاهير الشاشة في الرياض يبشرون بأنهم يستطيعون تدمير إيران ومحوها من الجغرافيا، إذا كان هذا صحيحا فلماذا الخوف على أمن الخليج من إيران أو غيرها، الأمر الذي يستدعي وجود قوى استعمارية في المنطقة؟


يقول الرئيس الأمريكي ترامب إننا نحميكم من إيران وعليكم أن تسددوا فواتير الحماية، معنى ذلك أن هذه الأساطيل مدفوعة التكاليف من بعض حكام الخليج، بينما مواطنوهم يعيشون تحت قهر العُسرة، اسعار البترول الاستهلاكي اليومي ارتفعت في معظم دول الخليج بأسعار خيالية، ضرائب فرضت على الناس، أسعار الكهرباء والماء في بعض الدول الخليجية لا تقل ارتفاعا عن أسعار البترول المستهلك لسير المركبات، أسعار تذاكر السفر جوا لا تطاق، وفي يقيني كل ذلك من أجل توفير أموال لتسد العجز في ميزانية تلك الدول، نتيجة الإنفاق على الوجود الأجنبي المسلح في المنطقة، وعلى استرضاء الرئيس الأمريكي ترامب الذي لا يمكن التنبؤ بخطواته وقراراته السياسية.

يا حكامنا الميامين، لماذا تزجون بأنفسكم ومواطنيكم وأموالكم في نزاعات لن تعود عليكم بالنفع؟ حرب اليمن هدفها استرداد العاصمة صنعاء من الحوثيين الذين بغوا على الحكومة الشرعية كما أعلنتم، والمفروض أن الحرب تدور رحاها في صنعاء وتخومها وتمتد إلى صعدة شمالا وما جاورها. لماذا تنتشر الحرب إلى جنوب اليمن بعيدا عن ميدان المعركة مع الحوثيين، وتختلقون حربا وتزرعون عداوات لكم ولمواطنيكم في خاصرتكم الجنوبية.


المجال الحيوي للسعودية أمنا واقتصادا وقوة يكمن في اليمن الموحد لا اليمن المفكك، اليمن القوي لا اليمن الضعيف. إن الحرب في جنوب اليمن اليوم بقيادات ما يسمى المجلس الانتقالي وأجهزته المسلحة من قوات الحزام الأمني والنخب، وغير ذلك من المليشيات المسلحة تستهدفكم. إنها في الجنوب اليمني للتمكن والتطويق وإحكام الطوق عليكم من الشرق والجنوب والغرب، البحر الأحمر.
إن بعدائكم لحزب الإصلاح في اليمن تحت ذريعة محاربة الإخوان المسلمين، ترتكبون خطأ استراتيجيا رهيبا ستندمون عليه عندما لا ينفع الندم.


أعترف بأني لست من أنصار حزب الإخوان المسلمين أو أي حزب ديني أينما كان، ولكنكم تتخلون عن سلاحكم العقائدي الذي يستطيع مواجهة حزب وتنظيم عقائدي آخر، كما هو الحال في اليمن "الحوثيين". إن هذا التنظيم "الحوثيين " يجد سندا له يشد من أزره مالا وسلاحا وإعلاما وتوجيها، وأنتم تمعنون في قتل وإضعاف حليفكم العقائدي في اليمن وغيره.


إني لكم ناصح أمين؛ شدوا من أزر السلطة الشرعية بقيادة عبد ربه منصور حليفكم لفرض هيبتها وسلطانها على العاصمة اليمنية الثانية عدن، وكل الجنوب من المهرة شرقا وحتى البحر الأحمر غربا. إن الحوار الجاري في جدة الذي فرضتموه على السلطة الشرعية مع الانفصاليين، لن يجلب لكم الاستقرار. إذا أردتم الحوار الناجح والمجدي بين مكونات الشعب اليمني، فعودوا إلى "الحوار الوطني" الذي جمع كل مكونات الشعب اليمني السياسية والقبلية والمذهبية، الذي أصبحت مخرجاته مطلبا وطنيا يمنيا لتحقيق العدالة والمساواة بين الناس في اليمن.


آخر القول: النصيحة لأهلنا في الرياض، شدوا أزركم بإخوانكم في قطر برفع الحصار أولا، وشدوا أزركم في اليمن بـ "الحوار الوطني" وإيقاف الحرب إلى جانب التصالح مع الجبهة الداخلية، وبذلك تحققون أمنكم واستقراركم، وتستعيدون هيبتكم في المحتمع الدولي التي اهتزت في الأعوام الأخيرة.

 

عن صحيفة الشرق القطرية
1
التعليقات (1)
تنوير الآفاقي
الجمعة، 27-09-2019 10:24 ص
ادعو الله الكريم أن يعيد العقل والحكمة إلى رؤوس حكام الخليج-