هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تقود فرنسا مبادرة تهدف إلى إعادة العلاقات
الأوروبية مع روسيا على نحو يجنب القارة الأوروبية "حربا باردة" وسباق
تسلح قد يفضي إلى عسكرتها.
ودعا الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، القادة
الأوروبيين إلى إعادة التفكير في العلاقات مع روسيا، وتحقيق تقارب معها، دون
التخلي عن بعض الشروط الأوروبية بنفس الوقت، خصوصا فيما يتعلق بالسلاح والأزمة مع
أوكرانيا، والعقوبات الأوروبية على موسكو.
وعلى المستوى العملي، اتصلت وزيرة الدفاع
الفرنسية، فلورانس بارلي، بنظيرها الروسي، سيرغي شويغو، وبحثت معه المسارات
الممكنة للتعاون بشأن الأزمات الراهنة ومشكلة التسلح، تمهيدا لزيارة تجريها
الوزيرة إلى موسكو الاثنين المقبل.
وتسممت
العلاقات الأوروبية الروسية بعد سيطرة روسيا على جزيرة القرم، لكن انسحاب أمريكا
من معاهدة الصواريخ المتوسطة المدى مع روسيا زاد من مخاوف الأوروبيين من "حرب
باردة" تكون أوروبا فيها أرض المعركة.
رئيس مركز الدراسات العربي الأوروبي في باريس،
صالح بن بكر الطيار، رأى في حديث لـ"عربي21" أن فرنسا تقود مبادرة حسن
الجوار بين روسيا وأوروبا لإبعادها عن أي حرب باردة ولحماية المصالح المشتركة.
ولفت إلى أن روسيا كما أوروبا، لها دور كبير في
استقرار الاقتصاد حول العالم، وإن روسيا ودول أوروبا تعاني من أزمات اقتصادية
كبرى.
وأكد على أنه لا مفر من أن تتعاون أوروبا
وروسيا من أجل التصدي للتحديات الاقتصادية، وعدم الدخول في نزاعات حتى لو كانت على
مستوى وجهات النظر لأن من شأنها أن تؤدي إلى كوارث.
ولفت إلى أن الاقتصاد الأوروبي يعاني وإن دول
أوروبا لديها ما يكفي من المشاكل، فبريطانيا ستخرج من الاتحاد الأوروبي، والاقتصاد
الألماني في تدهور، وفرنسا تعاني اقتصاديا، وروسيا تعاني معهم أيضا.
ولفت الخبير بالشأن الأوروبي إلى أن المبادرة
الفرنسية طيبة، وأن الروس سوف يتجاوبون معها، إلى جانب دول أوروبية أخرى.
وقال إن روسيا تعد دولة منغلقة على نفسها كما
في السابق، وتعمل الآن مع الصين، واليابان، والخليج العربي، ولها مصالح في كل دول
العالم.
اقرأ أيضا: فرنسا تبحث سبل تفاهم مع روسيا وسط مخاوف من عسكرة أوروبا
وعن التأثير الأمريكي على العلاقات الروسية
الأوروبية، قال الطيار إن التقارب الروسي الأوروبي إن حدث فسيكون شأنها خاصا لا
دخل للأمريكيين فيه.
وكان وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، استبق
الزيارة المزمعة إلى روسيا بالقول إن "روسيا مكانها في أوروبا"، للتأكيد
على دعوات الرئيس ماكرون للتقارب مع موسكو.
وقال في المؤتمر السنوي لسفراء فرنسا:
"هناك ثوابت جغرافية وتاريخية وثقافية غالبا ما يتم تجاهلها، إن روسيا مكانها
في أوروبا".
من جانبه، قال المحلل السياسي في الشأن الروسي،
أندريه أونتيكوف لـ"عربي21" إن الجميع يذكر كيف تعالت أصوات رجال
الأعمال الأوروبيين بعد أن فرضت أوروبا عقوبات على روسيا، مشيرا إلى أنها سياسة
أمريكية، وإن على سياسة أوروبا أن تكون مختلفة.
وأوضح أن العقوبات الأوروبية الروسية أضرت
بالاقتصاد الأوروبي بعشرات مليارات اليوروهات.
وأكد أن السياسيين الأوروبيين اصطدموا بالواقع
على الأرض بعد العقوبات على روسيا، وكبد ذلك أوروبا خسار مالية كبيرة، وها هم
القادة الأوروبيون الآن يدركون ذلك، لا سيما في فرنسا.
وأشار إلى أن المبادرة الفرنسية شيء إيجابي، وإننا
الآن نشاهد الآن أوروبا ترفع صوتها على مستوى رجال الأعمال تارة، وعلى مستوى
السياسيين في بعض الأحيان.
وأكد أن على الأوروبيين أن يتصرفوا وفقا
لمصالحهم الخاصة، خصوصا بعد أن أدركوا أن الخسائر لا يمكن أن تستمر.
وحول الرد الروسي المحتمل على المبادرة
الفرنسية، قال أونتيكوف إن روسيا تنتظر خطوات على الأرض مثل رفع العقوبات على سبيل
المثال، وسوف تستجيب بدورها بشكل إيجابي وسترفع هي العقوبات من طرفها أيضا.
اقرأ أيضا: بوتين يعلق على "السترات الصفراء" ويزعج ماكرون
وعن أي تدخل أمريكي محتل، قال إن الأمريكيين
بكل تأكيد لن يتركوا أحدا وشأنه، وإن السياسة الأمريكية بخصوص خط الغاز الروسي
"سيل الشمال2".
وتخشى الولايات المتحدة أن يكون خط الغاز
الروسي ورقة ضغط بيد روسيا في وجه الأوروبي، وترى أنه يقوض "أمن الطاقة" للدول الأوروبية.
وختم أونتيكوف أن الجميع يدرك منذ البداية أن فرض
العقوبات الأوروبية على روسيا كان بإجبار من أمريكا وعليه فسوف تعارض الأخيرة كل
المبادرات التي تحسن العلاقات مع الدول الأوروبية.