صحافة دولية

هل تتوصل الأطراف الغربية لاتفاق يتعلق بتأمين مضيق هرمز؟

الحرس الثوري الإيراني متواجد بقوة بمضيق هرمز ويتدخل يوميا بتفتيش السفن الأجنبية- جيتي
الحرس الثوري الإيراني متواجد بقوة بمضيق هرمز ويتدخل يوميا بتفتيش السفن الأجنبية- جيتي

نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية تقريرا تطرقت فيه إلى خطة الأمريكيين لتأمين مضيق هرمز الذي أضحى مؤخرا مسرحا للتوترات الدولية، التي يعارضها الأوروبيون.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن خطة البنتاغون لتأمين مضيق هرمز تتمحور حول توفير وسيلة لتنسيق مراقبة المضيق، بينما يقوم حلفاء الولايات المتحدة بدوريات في المياه المجاورة ومرافقة السفن التجارية الخاصة بهم.

 

من جهتها، تراجعت فرنسا عن دعم الخطة البريطانية معبرة عن استعدادها لتبادل المعلومات مع شركائها الأوروبيين فقط.

 

اقرأ أيضا: دعم أوروبي لقوة بحرية لتأمين الملاحة في مضيق هرمز

وأفادت الصحيفة بأن ملف تأمين مضيق هرمز أصبح معقدا للغاية. ففي التاسع من تموز/ يوليو، قدمت الولايات المتحدة، التي تتهم إيران بالوقوف وراء التوترات الأخيرة التي هزت مضيق هرمز، مقترحا لا يعتمد على تأسيس تحالف عسكري جديد وإنما يقتصر على لعب دور المنارة للحفاظ على الممر البحري مضيئا لعبور ناقلات النفط من هذا المضيق الذي يكتسي أهمية استراتيجية في الاقتصاد العالمي.

والاثنين الماضي، وبعد حجز الحرس الثوري الإيراني لناقلة النفط البريطانية، أعلن وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت، العمل على وضع خطة "في أسرع وقت ممكن ترتكز على تنفيذ مهام لحماية السفن البحرية يشرف عليها الأوروبيون".

 

وحظيت خطة هانت بدعم باريس وبرلين. وتعمل كل من فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا، التي وقعت على اتفاق النووي الإيراني سنة 2015، على تنفيذ "مهمة الرصد والمراقبة" وفقا لما أفاد به وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان.

ونوهت الصحيفة إلى أن فرنسا زعمت أنها لا تنوي تعزيز قواتها العسكرية المتواجدة في الخليج، أين تتمركز فرقاطة بشكل دائم.

 

وأكد مسؤول عسكري فرنسي: "نحن ننتظر كيف ستنفذ هذه المهمة". وبالنسبة للفرنسيين، من شأن هذا الخيار أن يساهم في تهدئة الأوضاع في مضيق هرمز، شريطة ألا يكون الأمريكيون طرفا في هذا الحضور العسكري.

ووفقا لهذا المسؤول العسكري الفرنسي، الذي لم يفصح عن اسمه، فإن هناك خيارين، أولهما يتمثل في تكثيف الدوريات داخل الطريق البحري ومرافقة السفن وناقلات النفط بمجرد دخولها مضيق هرمز.

 

اقرأ أيضا: بريطانيا تقرر مرافقة السفن الرافعة لعلمها عبر مضيق هرمز

وتجرى هذه العملية عبر مرافقة سفينة حربية لناقلة النفط من الأمام بينما تتبعها سفينة أخرى من الخلف، وسفن حربية أخرى تطوف حولها لحمايتها.

أما الخيار الثاني، بحسب مدير مؤسسة "تانكر تراكرز" سمير مداني، فإنه يكمن في "مراقبة تحرك ناقلات النفط عبر صور الأقمار الصناعية مع تجهيز السفن بنظام تتبع إضافي مع الحفاظ على تنقل السفن في شكل رتل بحري".

 

وأشار مختص في النقل البحري من دبي إلى أنه "وقع تفعيل هذه الخطة مع بروز "حرب الناقلات" خلال الثمانينيات، ولكنها كانت خطة مكلفة للغاية وغير منتظمة ناهيك عن أنها غير كاملة".

وأوردت الصحيفة أن كلا الخبيرين يعتبران أن حجز إيران لناقلة النفط البريطانية كان في إطار عملية انتقامية ردا من طهران على حجز سفن تابعة لها في جبل طارق. وذكر الخبير من دبي أن "هناك صراعا ثنائيا تعمل لندن على الترويج له عالميا لتحييد المخاطر".

ويشاطره الرأي ذاته دبلوماسي أمريكي، قال إنه "مع نهاية ولايته على رأس وزارة الخارجية البريطانية، تعمد هانت الترويج لهذا الصراع، حيث سيجد خليفته ملف التوتر مع إيران على مكتبه ولكن سيكون فارغا. وقد كانت المملكة المتحدة تنشر ست سفن في الخليج، قبل أن تسحبها كلها منذ شهر تقريبا".

 

عملية تبادل


ونقلت الصحيفة عن مداني، قوله إن "أفضل طريقة لحل الوضع تتلخص في إجراء عملية تبادل، حيث تسلم إيران الباخرة البريطانية بينما تخلي المملكة المتحدة سبيل الباخرة الإيرانية المحتجزة في جبل طارق". أما إرسال بواخر إضافية إلى مضيق هرمز فلن يؤدي إلا إلى مزيد تأجيج الأزمة.

ووفقا لمسؤول عسكري فرنسي سبق له العمل في مضيق هرمز، فإن "أكثر منطقة ضيقة من المضيق تشرف على المياه الإقليمية الإيرانية والعمانية، حيث كان الإيرانيون يتصلون بنا بصفة ممنهجة، وكنا نجيبهم يوميا عبر مدهم بأقل المعلومات الكافية لنعبر المياه الإقليمية".

 

وأضاف المسؤول العسكري: "لدى إيران محطات خاصة بخفر السواحل، كما يتدخل الحرس الثوري يوميا لتفتيش السفن الأجنبية. ويعد مضيق هرمز نقطة الاتصال الوحيدة التي يتواجه فيها الحرس الثوري الإيراني وقوات البحرية الأمريكية مباشرة".

وذكرت الصحيفة، نقلا عن المسؤول العسكري الفرنسي: "إن ما يثير دهشتي هو الهدوء الذي يبديه الإيرانيون في الوقت الذي يبدو فيه الأمريكيون أشد توترا في قراراتهم وتصريحاتهم. وأتذكر جيدا حادثة كانون الثاني/ يناير 2016، عندما اقتيدت نحو عشر سفن أمريكية إلى إيران، حيث هددت واشنطن طهران وطلبت منها إخلاء سبيل سفنها في أسرع وقت ممكن".

وفي الختام، تساءلت الصحيفة كيف سيتصرف الأوروبيون دون التنسيق مع الأمريكيين؟ وفي إجابته عن هذا السؤال، أوضح مارك ريكيلي، مدير قسم المخاطر العالمية في مركز السياسات والأمن في جنيف: "لا أفهم إلى أي مدى يمكن أن يذهب الأوروبيون ببادرتهم دون التعاون مع الأمريكيين، الذين يمتلكون سفنا ووسائل ضغط أكثر في مضيق هرمز مقارنة بالدول الأوروبية".

التعليقات (0)