هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "المونيتور" تقريرا للصحافي التركي محمد ستنغوليك، يقول فيه إن السلطات التركية بدأت بإزالة لافتات المتاجر المكتوبة باللغة العربية في أنحاء تركيا.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن قيام السلطات التركية بهذا الإجراء جاء للتخفيف من السخط الشعبي الناشئ عن أعداد اللاجئين السوريين، وهو الأمر الذي رفع، بسبب الأزمة الاقتصادية، التكاليف السياسية للحكومة.
ويلفت ستنغوليك إلى أن هذه اللافتات زادت بشكل كبير بسبب تدفق اللاجئين منذ عام 2011، ما غير شكل المدن في تركيا، التي تحمل فيها اللغة العربية معاني سياسية أبعد من مشكلة اللاجئين، فاستبدال الأحرف العربية بالأحرف اللاتينية عام 1928 كان واحدا من الإصلاحات الواسعة التي قام بها المؤسس العلماني لتركيا مصطفى كمال أتاتورك، لتحويل الأمة التي قامت من رماد الامبراطورية العثمانية.
ويفيد الموقع بأنه بحسب بيانات وزارة الداخلية، فإن هناك أكثر من 3.6 مليون سوري كانوا تحت "الحماية المؤقتة" في تركيا في حزيران/ يونيو، فيما يصل عدد اللاجئين إلى أكثر من 4 ملايين شخص عندما يؤخذ بالحسبان اللاجئين من البلدان الأخرى، مثل العراق وباكستان وأفغانستان.
وينوه التقرير إلى أن كثيرا من هؤلاء اللاجئين بدؤوا أعمالا تجارية صغيرة في تركيا، معظمها تسوق للاجئين الآخرين، مشيرا إلى أنه بالنسبة للكثير من السكان المحليين، فإن وجود اللافتات العربية يذكر بمشكلة اللاجئين متعددة الأوجه، وبعضهم يشكو من أنهم يخسرون تركيا، أو أنه بدأ يتم تعريبها.
ويذكر الكاتب أن السوريين قاموا بإنشاء أكثر من 15 ألف شركة في تركيا إلى الآن، بحسب أرقام من وزيرة التجارة روشار بيكان، ردا على سؤال في البرلمان من عضو الحزب المعارض الرئيسي حزب الشعب الجمهوري سيزغين تانريكولو، لافتا إلى أن معظم الأعمال التجارية السورية موجودة في اسطنبول وبورصة ومحافظة مرسين والمحافظات الحدودية، مثل هاتاي وغازي عنتاب.
ويقول الموقع إن من بين المنزعجين من انتشار اللافتات العربية الصحفي التركي المشهور أمين كولاسان، الذي قال لموقع "مونيتور" إن اللافتات تمثل تراجعا عن المكاسب من إصلاحات أتاتورك، وكتب كولاسان في 6 تموز/ يوليو في صحيفة "سوزكو" اليومية التي تنتقد الحكومة: "عام 1928 تمت ثورة الأبجدية، وبعد عقود عادت الأحرف العربية إلى السوق، وسط غزو السوريين والعرب والآسيويين والأفارقة، وتم إلقاء اللغة التركية في سلة القمامة".
ويشير التقرير إلى أن كولاسان اتفق مع الذين يشتكون من أنهم أصبحوا يشعرون بأنهم غرباء في بلدهم، قائلا: "لا يعرف الناس كيف يفكرون عندما يرون اللافتات العربية في المدن الكبيرة، ولا تعرف هل أنت تعيش في سوريا أم السعودية أم العراق".
ويقول ستنغوليك إن الأمر تفاقم لدرجة أنه قبل انتخابات 31 آذار/ مارس المحلية، جعلت أحد المرشحات الموضوع نقطة على أجندتها في منطقة الفاتح، وهي منطقة من اسطنبول تضم أكبر جالية سورية في اسطنبول، فعلقت إيلاي أكسوي من الحزب الجيد (Good Party) لافتة كبيرة في المنطقة كتب عليها: "لن أسلم الفاتح للسوريين"، وزيادة في إثارة الجدل ولتعكس الحروب الثقافية في تركيا، قامت بتصوير فيلم دعاية باللغة الإنجليزية المتقنة، ما جعل صحيفة إسلامية تنتقدها وتتهمها بأنه "عدوة للعرب" و"مفتونة بالكفار".
ويلفت الموقع إلى أن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان قال في تجمع انتخابي في اسطنبول، بأن أكسوي "مخزية" و"وقحة"، وقال موجها الكلام لها: "ليست عندك مشكلة مع اللغة الإنجليزية، فلماذا تزعجك اللغة العربية؟ العربية لغة عالمية، إن جهلاء يخوضون الانتخابات في الفاتح".
ويجد التقرير أنه مع أن حكومة أردوغان كانت مناصرة للسوريين في وجه التشكك الشعبي، إلا أن التوتر بين الجنسيتين انحدر أحيانا إلى عنف في الشارع، مشيرا إلى أن الغضب المتزايد من سياسات الحكومة تجاه اللاجئين، كان هو سبب خسارة حزب العدالة والتنمية المدن الكبيرة في 31 آذار/ مارس، وفي إعادة الانتخابات في اسطنبول في 23 حزيران/ يونيو، التي جاء فيها مرشح المعارضة الأول، حتى في المناطق التي هي في العادة مناطق تأييد قوي لحزب العدالة، مثل الفاتح.
ويلفت الكاتب إلى أن الحكومة قررت بعد الهزيمة التي واجهها حزب العدالة في اسطنبول إزالة اللافتات العربية عن المتاجر، وأعلن نائب وزير الداخلية، إسماعيل جتاكي في أوائل تموز/ يوليو، بأن الكتابة على واجهات المتاجر الأمامية يجب أن تكون بالأحرف التركية بنسبة لا تقل عن 75%، مشيرا إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي انشغلت بالموضوع، وانتشرت احتجاجات، مثل: "لا يمكن منع اللافتات العربية، بينما تتركون اللافتات الإنجليزية كما هي".
ويؤكد الموقع أن لب المشكلة ليس اللغة، إنما الاقتصاد، حيث يوفر اللاجئون من سوريا وغيرها من البلدان العربية عمالة رخيصة، ما ساعد على البطالة بين أهل البلد، مشيرا إلى أن لافتات المتاجر باللغة الإنجليزية والروسية شائعة في تركيا أيضا، لكنها لا تولد ردة فعل؛ لأنها تستخدم لجذب السياح الأوروبيين والروس الذين يجلبون الأموال، وهو ما ينعش الاقتصاد، وفي المقابل فإن اللاجئين يشكلون منافسة في سوق العمالة، حيث إنهم مستعدون للعمل بشكل غير قانوني بنصف رواتب الأتراك.
وينوه التقرير إلى أن البطالة في تركيا وصلت إلى 14.1% في آذار/ مارس، في الوقت الذي كانت فيه البطالة 9.1% في 2011، عندما بدأ تدفق اللاجئين من سوريا، بحسب الإحصائيات الرسمية، وارتفع عدد العاطلين عن العمل إلى 4.5 مليون من حوالي 2.3 مليون في الفترة ذاتها.
ويؤكد ستنغوليك أن "السوريين ليسوا هم السبب الوحيد لارتفاع معدل البطالة، لكن أنقرة فشلت في تشجيع خلق فرص عمل، وأساءت إدارة الأموال وبددتها، وغير ذلك من الأخطاء التي أدت إلى الركود الحالي، ومع ذلك لا يمكن إهمال العمالة السورية الرخيصة بصفتها عاملا فاقم مشكلة البطالة، وولد العداوة ضد اللاجئين".
وبحسب الموقع، فإن ما زاد من الاستياء هو الشبكات الاقتصادية المغلقة، فالسوريون عادة ما يشترون من المتاجر التي يديرها سوريون وتحمل لافتات باللغة العربية، خاصة بين أصحاب المتاجر الصغيرة الذين يصارعون الأوضاع الاقتصادية الصعبة، لافتا إلى أن سياسيا من حزب العدالة، اشترط عدم ذكر اسمه، ذكر أنه سمع الشكاوى من أصحاب المتاجر في اسطنبول، الذين يقولون إن الشعب التركي "يتحمل عبء اللاجئين، لكنهم يذهبون لبعضهم لشراء حاجياتهم.. ولا نحصل على شيء منهم".
ويشير التقرير إلى أن أكبر كثافة لوجود السوريين هي في محافظة كلس الحدودية Kilis، حيث وصلت نسبة السوريين إلى 80% من عدد السكان البالغ 142 ألف نسمة، وحتى عدة أسابيع ماضية كانت عاصمة المحافظة ومع كثافة اللافتات العربية تبدو وكأنها انتقلت إلى شعب آخر، فقام المجلس المحلي بحملة لإزالة مئات اللافتات العربية ليعيد للمدينة مظهرها على الأقل.
ويختم "مونيتور" تقريره بالإشارة إلى أن الدور الآن جاء على اسطنبول، حيث قام مسؤولو البلدية ببدء جهد مشترك لاستبدال اللافتات في المدينة المترامية الأطراف، حيث يعيش أكثر من نصف مليون سوري، بحسب وزير الداخلية سليمان سويلو، وسيتم استبدال لافتات المتاجر المكتوبة باللغة العربية كلها مع نهاية العام.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)