سياسة دولية

المتطرفون بفرنسا يقابلون الأفراح الجزائرية بـ"حملة كراهية"

تزامن احتفال الجزائريين بتأهل منتخب بلادهم لكرة القدم إلى نهائي كأس أفريقيا مع ذكرى اليوم الوطني بفرنسا- جيتي
تزامن احتفال الجزائريين بتأهل منتخب بلادهم لكرة القدم إلى نهائي كأس أفريقيا مع ذكرى اليوم الوطني بفرنسا- جيتي

تثير احتفالات أنصار المنتخب الجزائري في المدن الفرنسية، حفيظة اليمين المتطرف المعادي للمهاجرين في هذا البلد، ووصل الأمر ببعض الأصوات إلى حد الدعوة لمنع الرايات الجزائرية بالشوارع الفرنسية.


وفي يوم الأحد الماضي، لم تكن الأجواء عادية بباريس، حيث تزامن تأهل المنتخب الجزائري لكرة القدم إلى نهائي كأس أفريقيا المقامة بمصر، مع ذكرى اليوم الوطني الفرنسي المصادف بـ14تموز/ يوليو، ما جعل بعض الفرنسيين لا يهضمون مظاهر الفرح الجزائرية، ورفعَ المهاجرين للأعلام الجزائرية في يوم يعتبرونه خالصا لفرنسا.


وكتبت الممثلة الفرنسية الشهيرة، بريجيت باردو المعروفة بمواقفها المعادية للمسلمين، تغريدة تعبر فيها عن "صدمتها"، لكون يوم 14 تموز/يوليو تحوّل حسبها إلى يوم وطني جزائري.


وسبق هذا اليوم، دعوة صريحة من زعيمة اليمين المتطرف، مارين لوبان، إلى منع الجماهير الجزائرية من دخول شارع الشانزليزيه يوم مباراة منتخبهم مع نيجيريا، معللة ذلك ببعض أحداث الشغب عقب المباريات الأولى للمنتخب الجزائري.


وزعم حزب لوبان "التجمع الوطني"، بأن احتفالات الجزائريين "بعيدة عن كونها مجرد مظاهر للفرح من قبل محبي كرة القدم، بل إنها استعراض للقوة يهدف إلى إثبات وجود واسع (للجزائريين) ورفض لفرنسا".

 

اقرأ أيضا: الاحتفالات تعم الجزائر بعد تأهل "الخضر" لنهائي الكان (شاهد)

محرز يرد


وبلغ الاستفزاز بنائب اليمين المتطرف، جوليان أودول، في تغريدة له على تويتر إلى تمني الخسارة للمنتخب الجزائري في مباراته ضد نيجيريا حتى تتوقف الاحتفالات بباريس، لكون  الاعتماد على الشرطة الفرنسية حسبه لا ينفع.


ولم يُفوت نجم المنتخب الجزائري، رياض محرز، فرصة قيادته المنتخب إلى التأهل، ليردّ بتغريدة مماثلة على النائب الفرنسي قائلا: "هذه المخالفة مهداة لك يا جوليان أودول، نحن معا".


وقال عبد الله زكري رئيس مركز مكافحة الإسلاموفوبيا، إن التعليقات العنصرية توالت منذ تحقيق المنتخب الجزائري انتصاراته في كأس أمم أفريقيا، من أشخاص لم يتحملوا وصول "الخضر" إلى اللقاء النهائي.


وأوضح زكري في تصريح خاص لـ"عربي 21"، أن هؤلاء المتطرفين، لم يتقبلوا رفع الراية الجزائرية في مختلف المدن الفرنسية والأوروبية وسماع الهتافات والأهازيج التي يبثها الأنصار لفريقهم وبلدهم.


وأبرز زكري أن "الكراهية" تجاه الجزائريين بلغت مستوى غير معقول من قِبل الحركات المعادية للأجانب، حيث دعا بعضهم الشرطة إلى استعمال السلاح في وجه أنصار لا يقومون سوى بالتعبير عن فرحهم.

 

اقرأ أيضا: احتفالات استثنائية للمغاربة بتأهل الجزائر لنصف نهائي الكان

إدانة للشغب


بالمقابل، ذكر رئيس مركز مكافحة الإسلاموفوبيا، أنه يجب التنويه بالفرنسيين الذين لم ينخرطوا في هذه الحملة ضد الجزائريين، بل ساندوا المنتخب الجزائري، كحال رئيس إحدى البلديات الفرنسية الذي ظهر وهو يرقص احتفالا مع أنصار المنتخب الجزائري.


وحول أحداث الشغب التي حدثت، أبرز زكري أنه في كل مظاهرة في فرنسا، تتسلل عناصر لا علاقة لها بالموضوع من أجل ممارسة هوايتها في التكسير، مشيرا إلى أن ممارسة الشغب يبقى مرفوضا في كل الأحوال وتجب إدانته بقوة.


وارتفع في السنوات الأخيرة نجم اليمين المتطرف في فرنسا، حيث صار يحصد المراتب الأولى من حيث عدد المصوتين له، وهو ما  تأكد في الانتخابات الأوروبية الأخيرة.


وتمتلك عائلة لوبان التي تتوارث السيطرة على تيار اليمين المتطرف، خصومة خاصة مع الجزائر، لكون مؤسس حزب "الجبهة الوطنية" (تم تغيير اسمه) جون ماري لوبان، كان مجندا في صفوف الجيش الفرنسي خلال الثورة الجزائرية (1954-1962)، وتلاحقه جرائم تعذيب في حق الجزائريين.


ولا يستغرب الصحفي بجريدة ليبرتي الجزائرية الناطقة بالفرنسية، علي بوخلاف هذا السلوك من اليمين المتطرف في فرنسا الذي يؤمن حسبه، بنقاء العرق، ويرفض فرنسا المتعددة.


ويقول بوخلاف في تصريح لـ"عربي 21"، أن اليمين المتطرف يحاول تأليب الفرنسيين على المهاجرين الجزائريين، من خلال ترديد خطاب يقوم على اعتبار أن كل الأزمات التي يعيشها هذا البلد مثل البطالة وارتفاع الجريمة وغيرها، يعود سببها إلى المهاجرين بالدرجة الأولى، وليس فشل السياسات العمومية.


أغراض انتخابية


وكان وزير الداخلية الفرنسي، كريستوف كاستانير، قد وصف "أعمال التخريب والحوادث" التي رافقت احتفالات الجزائريين في فرنسا بفوز منتخب بلادهم بـ "غير المقبولة"، دون أن يتورط في الاستغلال السياسي لها. 


ويقرأ رئيس حزب نداء الجزائر علي بن واري في هجوم اليمين المتطرف على أنصار المنتخب الجزائري، خلفيات انتخابية يحاول من خلالها هذا التيار مغازلة أنصاره في الاستحقاقات المحلية المنتظرة بفرنسا.
وقال ابن واري في تصريح لـ"عربي 21"، إن هذا التيار يلعب على عامل الخوف الذي يحرك الفرنسيين والأوربيين عموما من الخطر الذي يشكله المهاجرون الأجانب، خاصة الجزائريين.


وذكر ابن واري أن السياسة الفرنسية تشجع ضمنيا هذا التيار، عبر مساندتها المستمرة للنظام في الجزائر رغم الفساد المستشري، لأن اليمين المتطرف يرى بأنه في حال انهار النظام في الجزائر، فإن فرنسا سيلجأ إليها مئات الآلاف من الجزائريين.

 

التعليقات (0)

خبر عاجل