ملفات وتقارير

ابن صالح يحيّد نفسه عن الحوار.. والمعارضة تقبل بشروط

نجح رئيس الدولة المؤقت نسبيا في استقطاب اهتمام أطراف سياسية لمبادرته- صفحة مجلس النواب الرسمية
نجح رئيس الدولة المؤقت نسبيا في استقطاب اهتمام أطراف سياسية لمبادرته- صفحة مجلس النواب الرسمية

فتح عبد القادر بن صالح رئيس الدولة المؤقت في الجزائر، ثغرة في جدار الأزمة السياسية المستعصية على الحلّ منذ الإطاحة بالرئيس السابق، بإطلاقه مبادرة للحوار لا تكون السلطة الحالية طرفا فيها.


ودعا ابن صالح في خطاب أمس بمناسبة ذكرى عيد استقلال الجزائر من المستعمر الفرنسي، كافة الأطراف السياسية وفعاليات المجتمع المدني، إلى حوار تقوده شخصيات وطنية مستقلة مشهود لها بالكفاءة والمصداقية.


وأبرز ابن صالح أن رئاسة الدولة التي يمثلها والمؤسسة العسكرية، لن تكونا طرفا في هذا الحوار وستلتزمان بما يتمخض عنه من مخرجات من أجل السهر على تنفيذها.


وحدّد ابن صالح معالم الحوار في التفاهم حول عملية التحضير للانتخابات الرئاسية، تاركا توقيت إجراء هذه الانتخابات وصلاحيات السلطة التي سيتم استحداثها لتنظيمه إلى ما سيُسفر عنه الحوار.


ونجح رئيس الدولة المؤقت، نسبيا في استقطاب اهتمام أطراف سياسية لمبادرته، خصوصا وأن بعض الأحزاب كانت قد اقترحت نفس فكرة إشراف شخصيات مستقلة على الحوار الوطني، إلا أن ثمة من عارض تماما مقترح الحوار الجديد.

 

اقرا أيضا : أحزاب جزائرية تدعو ابن صالح للتنحي للخروج من الأزمة


ويُحاول ابن صالح بهذا الاقتراح إبعاد الضغط على شخصه من خلال تحييد نفسه من أي عملية سياسية، وهو تكتيك يهدف إلى سحب ورقة المطالبة برحيله التي يتشبث بها إلى غاية الأسبوع الأخير.


ترحيب بالحوار

 
وسارعت أحزاب محسوبة على السلطة، إلى مباركة المسعى الجديد لابن صالح على غرار حزب التجمع الوطني الديمقراطي الذي أعلن انخراطه في مسعى الحل، وهو نفس الموقف المنتظر من حزب جبهة التحرير الوطني التي تطالب بالإسراع في إجراء لانتخابات الرئاسية.


كذلك، أيّد حزب جبهة المستقبل ما جاء في خطاب ابن صالح، معتبرا أن الدولة قدمت تنازلات غير مسبوقة لإنجاح الحوار تمهيدا لتقديم كافة الضمانات التي من شأنها تحقيق نزاهة وشفافية الانتخابات. 


وأصدرت حركة البناء الوطني المحسوبة على التيار الإسلامي بيانا تعبر فيه عن استعدادها لإنجاح هذا الحوار في انتظار إعلان الشخصيات التي ستقوده والتي يجب أن تكون، حسبها، في مستوى تطلعات الشعب.


استجابة مشروطة

 
وفي تقدير لخضر بن خلاف القيادي في حزب جبهة العدالة والتنمية، فإن ابن صالح أدرك جيدا في خطابه أمس أنه مرفوض ما جعله يلجأ إلى بعض الأفكار التي طرحتها المعارضة بخصوص الحوار.


ويرى ابن خلاف في حديثه مع "عربي 21"، أن الحوار ممكن مع الشخصيات التي ستشرف على تنفيذ مبادرة ابن صالح، شريطة أن تكون الأسماء المختارة غير متورطة في الفساد ولم يسبق لها دعم الولاية الخامسة للرئيس بوتفليقة وتتمتع بالقابلية العامة عند الشعب الجزائري.

 

اقرأ أيضا : ابن صالح يطرح مبادرته ويعرض حوارا دون مشاركة الدولة والجيش


ويضيف ابن خلاف الذي ينشط حزبه في إطار تكتل المعارضة، بأن من أهم عوامل نجاح الحوار هو الاتفاق مسبقا على أن تكون نتائجه واجبة التنفيذ حتى يحظى بالمصداقية اللازمة لإجرائه ويمنع تكرار تجارب سابقة في عهد الرئيس بوتفليقة، كان فيها الحوار مجرد ديكور سياسي لا تلتفت السلطة إطلاقا لمخرجاته.


من جانبه، يؤكد حبيب براهيمية مسؤول الإعلام في حزب جيل جديد، بأن الحوار يتطلب مناخا صحيا يُعقد فيه، يبدأ بإطلاق السجناء السياسيين ومعتقلي الرأي وتحرير وسائل الإعلام العمومية والكف عن الانتهاكات التي تطال حق الجزائريين في التنقل والتظاهر السلمي وإبداء الرأي.


ويوضح براهمية في تصريح لـ"عربي 21" أن ما دعا إليه ابن صالح اليوم سبق به حزبه "جيل جديد" قبل أسابيع من خلال مطالبته بإشراف شخصيات مستقلة على الحوار، إلا أن ذلك لا يعني الانخراط التام في مسار الحوار إلا إذا تأكد الحزب من توافر الشروط الحقيقية لنجاحه من أجل ضمان المرور إلى الانتخابات الرئاسية.


رفض للحوار

 
لكن هناك من يعترض بالمُطلق على دعوة ابن صالح للحوار، ويعتبرها مجرد مناورة جديدة هدفها إعادة إنتاج النظام عبر الذهاب بأقصى سرعة للانتخابات الرئاسية.


ويقول عثمان معزوز القيادي في حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، إن المشكلة تكمن في أجندة النظام الذي يسعى بكل الطرق للذهاب للرئاسيات، بينما الجزائريون لا يرون في ذلك أولوية إلا إذا توفرت شروط حقيقية لنزاهتها.


ويشدد معزوز في حديثه مع "عربي21"، على أن الجزائريين رسموا ما يشبه خارطة طريق تتعلق بالمرحلة الانتقالية خلال تظاهراتهم المليونية كل يوم جمعة، وهم لا يريدون رموز النظام السابق في الواجهة ولا يأتمنونهم على أي مسار انتخابي.


ويتابع النائب السابق في البرلمان، بأنه لا مجال لبقاء رئيس الدولة الحالي عبد القادر بن صالح والوزير الأول نور الدين بدوي إلى غاية الانتخابات، معتبرا رحيلهما مطلبا غير قابل للتفاوض.

التعليقات (0)