ملفات وتقارير

الدستور أو الرئاسيات أولا.. خلاف يقسم المعارضة الجزائرية

تجددّ النقاش الذي أعقب الثورة المصرية ضد نظام الرئيس مبارك، بنفس المضمون في الجزائر عقب الإطاحة بالرئيس بوتفليقة- فيسبوك
تجددّ النقاش الذي أعقب الثورة المصرية ضد نظام الرئيس مبارك، بنفس المضمون في الجزائر عقب الإطاحة بالرئيس بوتفليقة- فيسبوك
تجددّ النقاش الذي أعقب الثورة المصرية ضد نظام الرئيس مبارك، بنفس المضمون في الجزائر عقب الإطاحة بالرئيس بوتفليقة، بين من يدعو إلى البدء بصياغة الدستور، ومن يرى أولوية إجراء الانتخابات الرئاسية

وظهر في الفترة الأخيرة، تياران أساسيان في المعارضة الجزائرية، الأول يسمى "فعاليات قوى التغيير من أجل نصرة خيار الشعب" وتتكتل فيه أحزاب التيار الوطني والإسلامي، أما الثاني فيطلق عليه "قوى البديل الديمقراطي" ويتشكل من القوى الديمقراطية واليسارية، ولكل منهما تصوره لإدارة المرحلة المقبلة.

ويطرح تكتل "فعاليات قوى التغيير من أجل نصرة خيار الشعب"، فكرة المزج بين الحل الدستوري والسياسي لمعالجة الأزمة، من خلال الدعوة لرحيل رئيس الدولة الحالي ووزيره الأول، وإنشاء هيئة مستقلة لتنظيم الانتخابات، ومن ثم الذهاب إلى الانتخابات الرئاسية.

أما قوى البديل الديمقراطي، فهي ترى في المجمل أن الحل يكون سياسيا، من خلال الذهاب إلى مرحلة انتقالية يتم فيها صياغة دستور جديد أو تعديل الدستور الحالي، قبل الذهاب إلى الانتخابات الرئاسية. 

وتُرافع أحزاب داخل هذا التكتل من أجل إنشاء مجلس تأسيسي يقوم بوضع الدستور ويتم فيه انتخاب رئيس للدولة مؤقتا إلى غاية الفراغ من الدستور والذهاب إلى الرئاسيات.

وتتصارع الفكرتان في الساحة السياسية والإعلامية وداخل الحراك الشعبي، حيث يُحاول كل طرف حشد مؤيدين له بهدف تسيير المرحلة الانتقالية وفق الطريقة التي يراها الأنسب.

مخاوف النقاش الايديولوجي
وفي هذا السياق، أعلنت "فعاليات قوى التغيير" عن تنظيم ندوة وطنية في 6 تموز/ يوليو المقبل، دعت إليها أحزاب وشخصيات من أجل طرح خارطة طريق موحدة لمن يعتقدون أن حل الأزمة ينبغي أن يبدأ بالذهاب إلى انتخابات رئاسية.

وأوضح لخضر بن خلاف، القيادي في جبهة العدالة والتنمية وأحد الفاعلين في التكتل، أن هذه الندوة ستعمل على توحيد التصورات والجمع بين كل المبادرات المطروحة في الساحة، حتى تخرج بمبادرة مُوحدة يكون لها وزنها.

وأبرز بن خلاف في تصريح لـ"عربي 21" أن الكثير من المبادرات المطروحة في الساحة، سواء تلك التي تقدمت بها منظمة المجاهدين أو العلماء أو الأحزاب أو الشخصيات الوطنية مثل أحمد طالب الإبراهيمي، تتقارب فيما بينها وتُطالب بضمانات حقيقية من أجل الذهاب إلى انتخابات رئاسية تكون مُعبرة حقيقة عن إرادة الشعب الجزائري.

وأضاف النائب في البرلمان، أن ما يُميز المبادرة الموحدة التي ستخرج بها ندوة 6 تموز/ يوليو أنها سترفض الذهاب إلى مرحلة انتقالية على طريقة الداعين إلى المجلس التأسيسي وتغيير الدستور، لأن هذا المسار سيُدخل البلاد، حسبه، في متاهات هي في غنى عنها.

ويتخوف بن خلاف من فكرة الذهاب إلى مجلس تأسيسي وتعديل الدستور، كونها ستؤدي إلى جدل لا ينتهي خصوصا إذا تمت مناقشة مسائل الهوية وثوابت الدستور الحالية المكونة من الإسلام والعروبة والأمازيغية، في حين أن البلاد تريد العودة بسرعة إلى الشرعية الشعبية عبر الانتخابات الرئاسية من أجل الالتفات لحل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تتخبط فيها.

ضرورة تغيير النظام
على الطرف الآخر، يُدافع أنصار المجلس التأسيسي، عن فكرتهم بالقول إن الانتخابات الرئاسية مهما كانت نزيهة ستضمن فقط تغيير رئيس برئيس، في حين أنها لا تتيح التغيير الجذري للنظام كما يطالب بذلك الحراك.

وقال رمضان تعزيبت، القيادي في حزب العمال، إن من أبرز عيوب النظام الجزائري هو نمط الحكم "الرئاسوي" الذي يعطي صلاحيات مطلقة للرئيس على حساب باقي السلطات التشريعية والقضائية، بما يُخل تماما بمبدأ توازن السلطات.

وأوضح تعزيبت، في تصريح لـ"عربي 21"، أن النظام الحالي إذا بقي دون تعديل سينتج في كل مرة شمولية وتسلطا في الحكم، وهو ما يوجب الذهاب إلى منظومة أخرى عبر صياغة دستور جديد، وعدم الاكتفاء بتغيير هوية الرئيس.

وأضاف القيادي الذي ينشط حزبه ضمن "البديل الديمقراطي"، أن صياغة دستور جديد في خضم "ثورة شعبية أصيلة"، يتطلب بالضرورة المرور على مسار تأسيسي، لأن الشعب يجب أن يشارك في تحديد نمط الحكم الذي يريده عبر النقاش والحوار.

حل متوازن
وفي تقدير أستاذ العلوم السياسية زهير بوعمامة، فإن "البديل الأقرب لاستجماع متطلبات النجاح والابتعاد عن احتمالات الفشل في تسيير الانتقال هو الذهاب الى انتخابات رئاسية في آجال معقولة بعد تغيير الحكومة الحالية، والاتفاق على شكل ومهام اللجنة المستقلة لتنظيم الانتخابات المقبلة". 

وذكر بوعمامة في تصريح لـ"عربي 21"، أن "أي تأخر في التقاء الفاعلين سيؤزم الوضع أكثر، وقد يستغل من قبل جيوب المقاومة في امتدادات المنظومة السابقة للمناورة، ومحاولات إعادة التأهيل والتموقع من جديد".

ويتصور المتحدث "ضرورة إيجاد وصفة حل توازن بين الحرص على إنجاح الانتقال باعتماد خطوات مدروسة، وعدم الإفراط في التردد الذي يديم حالة الجمود القاتل والباعث على كل الشكوك والمخاوف". 

ويختم بوعمامة تحليله بالقول: "ليس من حقنا أن نفوت الفرصة التاريخية التي صنعها هذا الشعب لكي يبني بطريقته جزائر جديدة".

اقرأ أيضا: ما سيناريوهات حراك الجزائر بعد احتمالية تأجيل الانتخابات؟

التعليقات (0)