هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أعاد توالي وقوع عمليات إرهابية "نوعية" ضد قوات الأمن المصرية، تحمل بصمات تنظيم "ولاية بسيناء"، احتمالات ظهور "موجة جديدة" من الهجمات في مقابل حديث عن مساعٍ للتنظيم إلى "إثبات الوجود" بعد تراجع لافت إثر ضربات أمنية.
وتركزت تلك العمليات الشهر الجاري، بمدينة العريش (عاصمة محافظة شمال سيناء)، وكان آخرها الأربعاء بمقتل ضابط و6 جنود بهجوم على تمركزات أمنية، وهو ما لم تتبنه أي جهة حتى الساعة، فيما قال خبراء إنه يحمل بصمات "داعش"، وسبق تلك العملية أخرى مشابهة، علاوة على واقعتي اختطاف لمدنيين.
وعزا خبيران أحدهما عسكري وآخر مختص في شؤون الجماعات المسلحة، في حديثين منفصلين للأناضول، عودة النشاط الإرهابي إلى محاولة إثبات الوجود، والقدرة على امتصاص الضربات، واستعادة زمام المبادرة، والتكيف مع الوضع الميداني الجديد بسيناء، وسط توقعات بعدم النجاح له كما حدث في السنوات السابقة.
محاولة إثبات وجود
في هذا الصدد، قال الخبير العسكري اللواء المتقاعد طلعت مسلم، إن تنظيم الدولة يحاول استعادة التموضع بميدان العمليات ضمن مساع مشكوك في قدرتها بعد تعرضه لضربات سابقة.
وفي حديثه، أوضح مسلم، أن استهداف "داعش" للارتكازات الأمنية "هدفه عسكري، ضمن خطة إعلامية لمحاولة إثبات الوجود".
وربط في هذا الشأن بين استهداف المدنيين كالعمال والمحامين، ومساعي "داعش" في التصعيد الإعلامي لعملياته "باختياره استهداف فئات لها صوت مسموع".
واستبعد انطلاق موجة جديدة من العمليات المسلحة بسيناء، أو قدرة التنظيم الإرهابي على تنفيذ عمليات لفترة طويلة، مشيرًا إلى أن "الإرهاب في سيناء تراجع إلى أقل مستوى ممكن، وبالتالي لن يفرق نشاطه كثيرًا في مراحل متقدمة".
ورغم تأكيده نجاح الحملة العسكرية بسيناء، أبدى مسلم رفضه للمبالغة في تصور القضاء على الإرهاب.
وخلال العام الماضي والشهور الأولى من العام الجاري، خفتت وتيرة العمليات المسلحة التي تستهدف الجيش والشرطة في سيناء، لاسيما مع انطلاق حملة عسكرية بعنوان "العملية الشاملة" المتواصلة منذ فبراير/ شباط 2018.
وأشار مسلم إلى أن كل عملية لها مزاياها وعيوبها، والعملية الشاملة "غير واضحة التفاصيل والمراحل، وبالتالي فإن من الصعوبة الحكم التفصيلي عليها".
اقرأ أيضا: مقتل ضابط و6 جنود مصريين إثر هجوم بالعريش (شاهد)
ولا يعرف عدد المسلحين في سيناء، ولا توفر السلطات معلومات تفصيلية بشأن عدد القتلى أو المصابين أو الموقوفين منهم، في مقابل تقارير تقدرهم بالمئات وأغلبهم ينتمون لجماعة "ولاية سيناء" التي بايعت "داعش" أواخر عام 2014.
وفي المقابل، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مطلع 2017 إن 41 كتيبة من الجيش تضم 25 ألف مقاتل تواجه الجماعات المسلحة في سيناء.
استعادة زمام المبادرة
بدوره، عزا الباحث في شؤون الجماعات المسلحة، أحمد مولانا، عودة نشاط داعش بسيناء إلى "قدرة المسلحين على امتصاص الضربات، والتكيف مع الوضع الميداني الجديد".
مولانا، أشار في حديثه للأناضول إلى أنه لا يشترط في عودة النشاط الإرهابي كونه يعتمد على موجة جديدة من المسلحين فقط، بل "رغبة تلك الجماعات في استعادة زمام المبادرة من السلطات".
وحول دلالات ذلك، أوضح أن التنظيم بهذه المحاولات يقول إنه "لا يزال موجودًا رغم كل ما تلقاه وأن الوضع في سيناء ليس مستقرا بعد".
وثمة أمر أشار إليه مولانا يتمثل في "وجود خصومة بين السكان والسلطات توفر بيئة حاضنة للمسلحين".
أمّا عن فرص إنهاء هذا التواجد بسيناء فهي مرتبطة، وفق مولانا، "بكسب النظام للسكان إلى صفه... وهو ما لا توجد له بوادر حتى اليوم".
وفي سياق قريب، من الطرح السابق، تحدث الكاتب الصحفي عمرو الشوبكي، على حسابه على "فيسبوك"، عن حل للأوضاع المتأزمة بسيناء يتمثل في "ضرورة التعامل مع البيئة الحاضنة للتطرف التي تفرز إرهابيين بغرض العنف والانتقام والثأر".
الشوبكي، حذَّر من أن المسلحين بمصر "تم تجنيدهم برواية انتقام ومظالم سياسية وليس بتفسيرات دينية تأتي متأخرة لإضفاء شرعية ما على القتل والإرهاب".
وقبل أيام نفى المتحدث باسم الجيش المصري، العقيد تامر الرفاعي، صحة تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش الدولية، بشأن وجود "انتهاكات" أمنية بسيناء، بينها "حالات اعتقال جماعية تعسفية وعمليات إخفاء قسري"، على حد قول المنظمة.
العريش مركز العمليات
تركزت عمليات المسلحين في مدينة العريش الشهر الجاري وكان آخرها الأربعاء بمقتل ضابط و6 جنود في هجوم على تمركزات أمنية.
فيما قُتل مطلع الأسبوع الجاري 4 عمال مدنيين، في هجوم مسلح قرب مطار العريش الذي توقفت رحلاته منذ 2013 على خلفية الأوضاع الأمنية.
ومنتصف الشهر الجاري، تعرض 12 بينهم محاميان بمدينة العريش للاختطاف من قبل مجهولين، وسط مؤشرات عدة تؤكد مسؤولية داعش عن الواقعة التي لم تعلق عليها السلطات، باستثناء بيان إدانة لنقيب المحامين سامح عاشور، وإعلان النقابة تعطيل العمل بالمحاكم تضامنًا مع المخطوفين.
وواقعة الاختطاف لا تعد الأولى إذ تعرض 4 آخرون أواخر شهر رمضان الماضي للاختطاف، لأسباب بينها إبلاغ الأهالي عن تحركات العناصر الإرهابية، وفق تأكيد الناشط السيناوي عبد القادر مبارك بفيسبوك.
وفي 5 يونيو/ حزيران الجاري، قتل 8 شرطيين بينهم ضابط، بالإضافة إلى 5 مسلحين، إثر هجوم على حاجز أمني بالعريش تبناه داعش، فيما ردت الداخلية المصرية بمهاجمة مقار قالت إنها تابعة لعناصر متورطة في الهجوم، أسفرت عن مقتل 31 شخصا خلال 4 أيام عقب الحادث.
اقرأ أيضا: لهذه الأسباب تفرض مصر حصارا إعلاميا على سيناء
ومطلع 2018 أخلت السلطات دائرة قطرها 5 كيلومترات كحرم آمن من محيط مطار العريش، على خلفية استمرار استهدافه أكثر من مرة كان أبرزها نهاية 2017 بقذيفة من نوع متطور أثناء زيارة وزيري الدفاع والداخلية آنذاك للمدينة؛ ما أدى إلى مقتل ضابط وتضرر طائرة عسكرية.
3 حملات عسكرية
وشهدت سيناء في السنوات الست الأخيرة، ثلاث عمليات عسكرية، بدأت الأولى في سبتمبر/ أيلول 2013، قبل أن تعلن السلطات في سبتمبر/ أيلول 2015، عن عملية عسكرية شاملة باسم "حق الشهيد"، استمرت مرحلتها الأولى شهرًا، تلاها تدشين "المرحلة الثانية" بهدف تهيئة الظروف المناسبة لبدء أعمال التنمية بسيناء.
وسبق أن أمهل السيسي قادة الجيش والشرطة، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، ثلاثة أشهر للقضاء على الإرهاب، باستخدام "القوة الغاشمة، بعد أيام من استهداف مسجد "الروضة" في حادث أسقط 311 قتيلاً وعشرات الجرحى في هجوم لم تتبنه أية جهة، رغم وجود مؤشرات تفيد بمسؤولية "داعش" عنه.