هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
على الأرجح أن من أطلق ما تسمى بـ «خطة ترامب»، أو «صفقة القرن»، لم يدرك أن هذه الخطة لن يكتب لها النجاح، وبالمراهنة على أن صعود السياسة الأمريكية قادر على إملاء الضغوط والمواقف على المنظومة العربية، يكسب هذه الخطة طريقها إلى النجاح، راهنت إدارة ترامب، وعلى الأخص كوشنير وغرينبلات، على أن ضغطا أمريكيا، وإسرائيليا، وعربيا على وجه الخصوص، من شأنه أن يثني القيادة الفلسطينية عن موقفها الرافض للخطة.
التأجيل المتكرر وربط كل موعد بحدث هنا وآخر هناك منذ أكثر من عام، وتزامن كل موعد في الغالب مع تشكيل حكومة نتنياهو، أدى إلى طرح الخطة بشكل مخادع من خلال مؤتمر البحرين، الذي عاد ليكون مجرد ورشة البحرين، للأسباب ذاتها تقريبا.
ففي البداية تطلع الثنائي كوشنير وغرينبلات إلى «مؤتمر» ضخم يحشد فيه معظم قوى العالم، قادة ورؤساء ورؤساء حكومات ووزراء مالية، وكبار القوى المانحة على الصعيد الدولي، وفي المقدمة من كل هؤلاء، المنظومة الرسمية، والممولون العرب، غير أن إطلاق «المؤتمر» شهد رد فعل باهتا، فإضافة إلى تمسك القيادة الفلسطينية بموقفها، عدد قليل من الدول العربية أعلن عن مشاركته بالمؤتمر «الورشة» وكذلك رفض معظم المهتمين بالشأن الاقتصادي انتفاعهم علنا عن تلبية الدعوة، فتحول المؤتمر إلى مجرد «ورشة» يتزايد عدد المشككين بنجاحها كل يوم، وحتى في حال النجاح بعقدها، فإنها لن تكون حدثا تاريخيا حسب ما يرغب به الثنائي كوشنير وغرينبلات.
وحسب مصدر أمني إسرائيلي نقل عنه الصحفي شلومي الدار، «ان من يرى الصورة بأكملها يدرك أن هذه الورشة مجرد حدث هامشي، بل ربما كانت أمرا محرجا»، وإسرائيل ترى في تأخر توجيه دعوة لها حتى الآن، رغم أنها كانت قد أعلنت عن استعدادها للمشاركة بالورشة، من خلال تمثيل وزير المالية موشيه كحلون ومنسق أعمال الحكومة في «المناطق» كميل أبو ركن، ترى في ذلك بداية تراجع التوقعات حول نتائج هذه الورشة، خاصة بعد أن قالت كل من مصر والأردن والمغرب، إنها حتى الآن، لم تقرر المشاركة بأعمال الورشة رغم ما صرح به كوشنير بهذا الشأن، وحتى في حال إعلان هذه الدول، خاصة مصر والأردن، عن هذه المشاركة، بعد تردد كبير، يعني بالضرورة أن لا رهان على مخرجات ذات أهمية من هذه الورشة حتى عند انعقادها!
لكن، إحدى أهم الملاحظات السلبية على طبيعة التجاوب الرسمي العربي مع هذه الورشة، أن هناك نكوصا عن سياسة عربية معلنة، حول قبول الأنظمة بما يقبل به الشعب الفلسطيني، وحيث إن الشعب الفلسطيني، قيادة وفصائل ونقابات ومجتمعا مدنيا في الداخل والخارج أعلنها مدوية ضد «صفقة القرن» ومتفرعاتها بما فيها ورشة البحرين، فإذا ببعض الأنظمة تقبل ما رفضه الشعب الفلسطيني، وهنا، كان على القيادة الفلسطينية، أولا تذكير المنظومة العربية بتعهداتها، وإدانة كل نظام يتخلى عن هذا المبدأ تحت أي مبرر، وليس فقط مطالبة هذه الأنظمة بمراجعة موقفها. إن إدانة هذه الأنظمة، كان ليشجع الأنظمة المترددة، خاصة مصر والأردن والمغرب، على التمسك بموقف يساند الموقف الفلسطيني، كما كان من المفترض.
إن عقد المؤتمر الشعبي العربي في بيروت بالتوازي مع عقد ورشة البحرين، لا يهدف فقط إلى إفشال المخطط الأمريكي، ولكن فرصة فريدة، لاستعادة فلسطين حضنها العربي، الذي فقدته خلال السنوات الأخيرة!
عن صحيفة الأيام الفلسطينية