هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا أعده كل من جيسون بيرك ولوك هاردينغ، تقول فيه إن وثائق مسربة حصلت عليها كشفت عن خطط للكرملين لتحويل القارة الأفريقية لمركز تأثير روسي.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن روسيا تحاول تقوية وجودها في 13 دولة أفريقية، من خلال إقامة علاقات مع حكامها، وتوقيع صفقات أسلحة، وتحضير جيل جديد من القيادات و"عملاء" سريين.
ويلفت الكاتبان إلى أن الوثائق كشفت عن أن المهمة لزيادة التأثير الروسي في القارة يقودها رجل الأعمال يفغيني بروغجين، الذي يتخذ من سانت بطرسبرغ مقر له، والمقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مشيرين إلى أن الهدف الرئيسي من هذه الجهود هو تقوية الوجود الروسي، ودفع الولايات المتحدة والدول الاستعمارية السابقة، مثل بريطانيا وفرنسا، للخروج منها.
وتذكر الصحيفة أن هناك هدفا آخر كشفت عنه الوثائق، وهو منع الثورات "المؤيدة للغرب"، لافتة إلى أن المحقق الأمريكي الخاص روبرت مولر قد وجه اتهامات لبروغجين، المعروف باسم "طباخ بوتين" نظرا لحصوله على عقود توفير الطعام للكرملين، وبحسب مولر، فإن بروغجين قام بحملة مكثفة على وسائل التواصل الاجتماعي لمساعدة دونالد ترامب للفوز في انتخابات عام 2016، فيما وفرت شركة التعهدات الأمنية "واغنر" المرتبطة به مرتزقة للقتال في سوريا وأوكرانيا.
وينوه التقرير إلى أن الوثائق تظهر أن بروغجين ربط هذه العمليات بأفريقيا، بهدف خلق مركز تأثير استراتيجي في القارة، مشيرا إلى أن هناك عددا من رجال الأعمال والشركات، بمن فيها "واغنر"، مرتبطة بما يعرف بـ"الشركة"، ويتم تنسيق نشاطاتها من خلال وزارتي الخارجية والدفاع الروسيتين.
ويكشف الكاتبان عن أن بوتين أظهر اهتماما بالقارة الأفريقية منذ بداية عام 2000، إلا أن العقوبات الغربية التي فرضت على موسكو بسبب ضم شبه جزيرة القرم دفعتها للبحث عن أصدقاء وفرص تجارية وجيوسياسية جديدة.
وتشير الصحيفة إلى أن لروسيا حضورا عسكريا وبعثة في جمهورية أفريقيا الوسطى، التي توصف بـ"المهمة استراتيجيا" و"المنطقة العازلة" بين الشمال المسلم والجنوب المسيحي، وتسمح لروسيا بالتوسع في القارة، فيما حصلت الشركات الروسية على عقود مربحة للتنقيب عن المعادن الثمينة، لافتة إلى أن الكرملين أعلن في 24 أيار/ مايو عن نيته إرسال فريق من الخبراء العسكريين إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية.
ويورد التقرير نقلا عن المتحدث الصحافي باسم بوتين، ديمتري بيسكوف، قوله إن الهدف من إرسالهم هو صيانة المعدات العسكرية المصنعة في روسيا.
ويذكر الكاتبان أن موسكو وقعت حتى الآن عقودا عسكرية مع 20 دولة في أفريقيا، وبعد أسابيع أعلنت موسكو عن أول قمة روسية أفريقية ستعقد في تشرين الأول/ أكتوبر في منتجع سوتشي على البحر الأسود، وسيترأس بوتين والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي هذه المناسبة، وسيحضرها 50 زعيم دولة بهدف تعزيز العلاقات التجارية والسياسية والثقافية.
وتلفت الصحيفة إلى أن "مركز دوسيه" للتحقيق الاستقصائي، ومقره لندن، حصل على الوثائق، مشيرة إلى أن المركز يديره رجل الأعمال ميخائيل خودوركوسفكي، الذي يعيش في المنفى والناقد للكرملين.
وبحسب التقرير، فإن الصحيفة حاولت الحصول على تعليق بروغجين، حيث رفض الأخير الاتهامات الموجهة له بشن حملة على وسائل التواصل الاجتماعي للتأثير على الانتخابات الأمريكية، ونفى وجود شركة "واغنر"، وقال بوتين سابقا إن المؤسسات المرتبطة برجل الأعمال بروغجين لا علاقة لها بالدولة الروسية.
وتكشف خريطة شاهدتها "الغارديان" عن حجم العلاقة بين "الشركة" والحكومات الأفريقية، دولة تلو أخرى، وتمت الإشارة لطبيعة العلاقات من خلال الرموز، سياسية أو اقتصادية أو عسكرية، وتدريب للشرطة ومساعدات إنسانية، ومنافسة مع فرنسا وغير هذا، وتم تقييم العلاقة من 1- 5 خمسة، وتعد العلاقة الروسية الأوثق مع جمهورية أفريقيا الوسطى والسودان ومدغشقر (كلها حصلت على درجة 5)، أما ليبيا وزيمبابوي وجنوب أفريقيا (علامة 4).
وينوه الكاتبان إلى أنه بحسب الخريطة، فإن العلاقة مع جنوب السودان هي في درجة 3، أما جمهورية الكونغو الديمقراطية وتشاد وزامبيا فدرجتها 2.
وتذكر الصحيفة أن الوثائق الأخرى تكشف عن خطط للعمل في يوغندا وغينيا الاستوائية ومالي، فيما تم وضع ليبيا وإثيوبيا على أنها دول "يمكن" العمل معه، مشيرة إلى أن الكرملين زاد في الفترة الأخيرة من دعمه لليبيا، ففي تشرين الثاني/ نوفمبر زار الجنرال خليفة حفتر موسكو، والتقى مع وزير الدفاع سيرغي شويغو، ولوحظ وجود بروغجين في اللقاء.
ويفيد التقرير بأن مصر وصفت "بالداعم التقليدي"، مشيرا إلى أن الرسم التوضيحي يقدم إنجازات ونشاطات "الشركة"، ففي جمهورية أفريقيا الوسطى ترى أنه تم التخلص من سياسيين موالين لفرنسا، بينهم أعضاء في المجلس الوطني ووزارة الخارجية، ويقصد هنا تشارل أرمل دوبان الذي عزل من منصبه في كانون الأول/ ديسمبر، بالإضافة إلى أنه تمت تقوية الجيش وفتح إذاعة وإصدار صحيفة، وأصبحت روسيا "صديقة 83%".
ويبين الكاتبان أنه في مدغشقر فاز أندريه راجولينا في الانتخابات الرئاسية بدعم من "الشركة"، لافتين إلى أن الخريطة تشير إلى أن روسيا "أصدرت ووزعت أكبر صحيفة في الجزيرة، بمليوني نسخة منها كل شهر"، وقالت إن راجولينا ينفي حصوله على المساعدة.
وتقول الصحيفة إن السودان يعد من المناطق المهمة، ففي العام الماضي قام خبراء روس برسم خطة إصلاح سياسية واقتصادية للحفاظ على عمر البشير في السلطة، واحتوت الخطة على تشويه صورة المتظاهرين المعارضين للبشير، واستخدمت على ما يبدو الأساليب ذاتها ضد المعارضة المعادية لبوتين، وتذكر وثيقة خطأ "روسيا" بدلا من "السودان".
ويكشف التقرير عن أن من الحيل نشر الأخبار المزيفة وأشرطة الفيديو لتصوير التظاهرات في الخرطوم أنها ضد الإسلام ومؤيدة لإسرائيل وداعمة للمثليين، مشيرا إلى أن الحكومة دعت إلى زيادة سعر الطباعة، بحيث يتعذر على المعارضة نشر رسالتها.
ويشير الكاتبان إلى أن الوثائق المسربة تكشف أن بروغجين كتب مشتكيا للبشير من أنه لم يتبع ما ورد في النصيحة، وأشار بروغجين إلى "غياب النشاط" من جانب الحكومة السودانية وموقفها الحذر، وكان الجيش قد أطاح بالبشير في نيسان/ أبريل، واستهدفت قوات الدعم السريع المتظاهرين في الأسبوع الماضي، ما أدى لسقوط أكثر من مئة شخص.
وتنقل الصحيفة عن مسؤول سابق في النظام، قوله لشبكة أنباء "سي أن أن" إن الروس طالبوا من الجيش قمع الاعتصام وبأقل خسائر ممكنة.
وبحسب التقرير، فإن روسيا تبدو في الوقت ذاته راغبة في استغلال النزاع الحدودي في جزر القمر، حيث تسيطر فرنسا مباشرة على واحد من أربع جزر، وهي مايوت، مشيرا إلى أنه في عام 2018 سافر موظفون تابعون لبروغجين إلى جزر القمر، من خلال بيلاروس، بهدف فحص إمكانية استخدام "التكنولوجيا السياسية" لإثارة نزاع بين حكومة جزر القمر وفرنسا.
ويقول الكاتبان إن الوثائق تشمل على خطط لإنشاء طرق عابرة للحدود وسكك حديد وخط حديدي يربط دكار في السنغال بميناء بورسودان على طول طريق الحج القديم، وطريق يربط بورسودان مع دوالا في الكاميرون.
وتشير الصحيفة إلى أنه تم الحديث عن فكرة الوعي الأفريقي، التي تم تشكيلها على أساس "روسكي مير" أو العالم الروسي، وأصبحت الفكرة منتشرة في عهد بوتين، وتعبر عن التمدد الروسي خارج الحدود.
ويلفت التقرير إلى أن ورقة بعنوان "العالم الأفريقي" تدعو إلى بناء هوية أفريقية، وتقترح جمع بيانات عن الأفارقة الذين يعيشون في الولايات المتحدة وأوروبا لاختيار قادة المستقبل منهم أو "أدوات تغيير"، والهدف النهائي هو بناء "سلسلة موالية من الممثلين في مناطق أفريقيا كلها"، هذا بالإضافة إلى إنشاء منظمات غير حكومية تسيطر عليها روسيا في الدول الأفريقية من أجل تنظيم لقاءات محلية.
وينوه الكاتبان إلى أنه من غير المعلوم إن كانت مبادرات بروغجين قد طبقت، مع أن خططه الإعلامية التي وردت في الوثائق طبقت، وإن كان ذلك بنجاح قليل، التي تضم موقعا على الإنترنت اسمه "أفريقيا ديلي فويس"، ومقره في المغرب، والخدمات الإخبارية باللغة الفرنسية "أفريك بانوراما" في مدغشقر.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن من الوثائق تلك التي تدعو للبحث عن شركاء في الدول الأفريقية، وبناء قواعد عسكرية لتقوية التأثير الروسي في أفريقيا.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)