هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
شهد التبادل التجاري بين مصر وتركيا زيادات مطردة، وحقق أرقاما غير مسبوقة، رغم التوترات السياسية القائمة بين البلدين منذ عام 2013.
ووفق القائم بالأعمال التركي في مصر، مصطفى كمال الدين آريغور، فإن القاهرة وأنقرة حققتا رقما قياسيا في حجم التجارة البينية عام 2018.
وقال في كلمة ألقاها على هامش مأدبة إفطار نظمتها جمعية رجال الأعمال الأتراك المصريين، ومركز الثقافة التركي "يونس إمرة"، بالقاهرة، إنّ "البلدين حقّقا رقمًا قياسيًا تاريخيًا، في السنوات الأخيرة، في حجم التجارة، بلغ 5.24 مليارات دولار".
وأضاف أن حجم الصادرات التركية إلى مصر، بلغ 3.05 مليارات دولار في 2018، أي بزيادة تقدر بنحو 29.4 بالمئة مقارنة بعام 2017.
أما الواردات التركية من مصر، وفق آريغور، فوصل حجمها، في 2018، إلى 2.19 مليار دولار، بزيادة قدرها 9.68 بالمئة مقارنة بالعام السابق له.
الاستثمار التركي بمصر
وجاءت تركيا في المركز الثالث ضمن أكبر الدول المستوردة من مصر خلال الـ11 أشهر الأولى من 2018 مستحوذة على 6.8% من قيمة الصادرات المصرية، حيث بلغت قيمة وارداتها من مصر نحو 1.795 مليار دولار.
وحلت تركيا في المركز الخامس ضمن أكبر الدول المصدرة لمصر خلال أول 11 شهر من 2018 مستحوذة على 4.1% من قيمة الواردات المصرية، حيث بلغت قيمة صادراتها لمصر نحو 3.022 مليارات دولار ، وفق الجهاز المركزي المصري للإحصاء.
اقرأ ايضا: القاهرة وأنقرة تحققان رقما قياسيا في التجارة البينية
وهناك قرابة مليون مصري يستفيدون بشكل مباشر وغير مباشر من الاستثمارات التركية في مصر البالغة نحو ملياري دولار، ويوجد أكثر من 200 شركة ومصنع تركي على مستوى الجمهورية، بحسب ما أكده رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأتراك، أتيلا أتاسفين.
وتمثلت أهم الواردات المصرية من تركيا في وقود وزيوت معدنية ومنتجات تقطيرها، وسيارات وجرارات ودراجات وأجزاؤها بالإضافة إلى الحديد والصلب، في حين تمثلت أهم الصادرات المصرية للسوق التركي في اللدائن ومصنوعاتها والأسمدة، ومنتجات كيماوية عضوية وغير عضوية، وملابس وتوابعها.
رغبة مشتركة
وفي رصده لتطور العلاقات التجارية بين البلدين، قال الباحث الاقتصادي، عبدالحافظ الصاوي، إن "المعاملات التجارية والاقتصادية بين مصر وتركيا منذ 21013 وحتى الآن لم تتأثر بشكل كبير، إلا بين عامي 2014 و2015؛ بسبب الحالة الاقتصادية السيئة التي كانت تمر بها مصر؛ نتيجة العجز في العملة الصعبة مما أثر على حركة الصادرات التي هبطت دون 5 مليار دولار ثم عاودت الارتفاع مرة أخرى".
وأوضح لـ"عربي21" "أن من أهم أسباب نمو تلك العلاقات التجارية، أن معظم الاستثمارات التركية تتم في قطاع الصناعة التي تحتاج إلى أدوات تصنيع من تركيا لاستكمال إنتاجها وتصديره للخارج، فضلا عن أن الاستثمارات والمصانع التركية يعمل بها 25 ألف مصري، ولذلك كان رد فعل الحكومة المصرية ضعيف لأن أي مجال اقتصاي آخر كان يمكن أن يتأثر بسبب التوترات بين البلدين".
وأضاف: "الأمر الآخر، الحكومة التركية كانت حريصة على استمرار التعاون التجاري مع مصر باعتبارها واحدة من أكبر الأسواق في منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي التواجد فيها مهم"، مشيرا إلى أن "هناك سببا آخر يتعلق بما تقدمه الحكومة التركية من خلال قطاعها الخاص بدعم المستمثرين والتجار المصريين، وحرصها على أن يكون التبادل في صالح الطرفين".
اقرأ ايضا: لماذا هاجمت مصر تركيا دون إسرائيل في أزمة غاز المتوسط؟
تحييد العلاقات الاقتصادية
واعتبر المحلل السياسي والاقتصادي التركي، يوسف كاتب أوغلو، أن "مبدأ السياسة التركية الخارجية، هو ألا تنعكس الخلافات السياسية على العلاقات التجارية والاقتصادية التي تخص الشعوب"، مؤكدا أن "تركيا لا تخلط الأوراق، ولا تعاقب الشعوب، لذلك فإن العلاقات الاقتصادية بكل مفرداتها مفتوحة مع مصر، ولا ننسى أن تركيا تستثمر مليارات الدولارات في القطاع الصناعي هناك".
وأضاف لـ"عربي21": أن "العلاقات السياسية تتعرض لأزمات بسبب إدارة هذه البلدان، أو بسبب عدم التوافق حول رؤى معينة، ولكن تركيا نجحت في تحييد العلاقات الاقتصادية مع الدول التي لا تتفق معها سياسيا سواء مع أمريكا أو إيران أو حتى سوريا".
وأكد أن "هذه الرؤية ناجحة بدليل أنها تنعكس إيجابيا بالأرقام على حجم التبادل التجاري بين أنقرة والقاهرة، إضافة إلى زيادة الاستثمار في القطاع الصناعي، وتعزيز من العلاقات الاقتصادية، وتركيا ترى أنه لا فائدة أن يكون هناك تأثير سلبي على العلاقات الاقتصادية بين البلدين".
وأشار أغلو إلى أن "تركيا تؤكد أنها قوية اقتصاديا بقوة جيرانها الاقتصادية؛ وبالتالي يجب البعد تماما عن استهداف العلاقات التجارية والاستمثارية بين تركيا وجيرانها؛ لإن هناك من يريد أن يكون هناك نزاعات تؤدي إلى صدامات أو ربما مواجهات، ونرى ذلك واضحا في ملف شرق المتوسط، وهناك دولا (دون أن يسميها) ترعى هذا التأزيم، ومحاولة نقله لملفات اقتصادية".