هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يشتكي حاجزون في مشروع "دار مصر" للطبقة المتوسطة
في 12 مدينة مصرية جديدة من تأخر استلام وحداتهم الخاصة، وسوء التشطيب، ورداءة التنفيذ.
وأطلقت وزارة الإسكان بالتعاون مع الهيئة الهندسية للقوات
المسلحة المرحلة الأولى من مشروع "دار مصر" في 8 مدن جديدة، بواقع 30 ألف وحدة سكنية، ثم المرحلة
الثانية في 2015، بواقع 25 ألف وحدة سكنية في 12 مدينة جديدة، دون أن تلتزم بالمعايير
والوقت المحدد في كراسة الشروط.
ومع بدء العام الخامس للمشروع، لا تزال أعمال البناء قائمة
في العديد من المدن، ما تسبب في صعوبة السكن فيها، على الرغم من بدء تسليم بعض الوحدات
في المرحلة الأولى المتعاقد عليها منذ 2014، إلا أن الدولة تلزم الحاجز بضرورة استكمال
دفع مقدمات الحجز والاستلام أو تنذره بسحب الشقة منه.
وتسبب تأخر تسليم المشروع للحاجزين في خسائر كبيرة لهم، خاصة
أن وزارة الإسكان تقوم بتحصيل الدفعات المتعاقد عليها، وتفرض غرامات على تأخير سد أي
دفعة، وتحظر أي عمليات بيع أو شراء لها، ولم تلزم نفسها بدفع أي تعويض للمتضررين أو
تأجيل الأقساط، وفق عدد من الحاجزين.
"الرقص على السلم"
ويقول المهندس محمد عبد اللطيف، أحد الحاجزين في المشروع، لـ"عربي21": "حجزت في المرحلة الأولى للمشروع بسعر 3400 جنيه للمتر
(450 دولارا) في 2014، أي ما يعادل الآن 7700 جنيه للمتر، واضطررت لبيع شقتي لسداد أقساط
الوحدة كل ثلاثة شهور، وأسكن بالإيجار منذ أربع سنوات".
وأضاف لـ"عربي21": "أصبحت وأسرتي كالمعلقين،
لم أحتفظ بشقتي الصغيرة، ولم أستلم شقتي الجديدة، وأجد صعوبة في دفع الأقساط والإيجار
معا كل شهر، وترفض الدولة جدولة أو تأجيل أي أقساط، ولا يوجد قانون أو جهة تلزمها بتعويض
المتضررين، إنها الدولة تفعل ما يحلو لها".
وزارت "عربي21" أحد مواقع "دار مصر"،
حيث لا تزال أعمال البناء في معظم المشروع، وتشوب الوحدات عيوب داخلية، وتسببت أعمال
الردم والحفر والرصف في طمر واجهات العمارات الجديدة، وباتت بحاجة إلى إعادة طلاء.
"مشروعات من الباطن"
وكشف أحد المهندسين المدنيين المشرفين على تنفيذ إحدى العمارات،
ويدعى محمود، أن شركات مدنية وليست شركات الهيئة الهندسية للقوات المسلحة التي
تنفذ المشروع، وأضاف لـ"عربي21": "لا توجد شركة واحدة للهيئة الهندسية
هنا، كل الشركات شركات مدنية تعاقدت مع الهيئة الهندسية من الباطن".
وعن سبب تأخر المشروع، أوضح المهندس أن السبب الرئيس هو "تأخر
استلام المشروع هو عدم وجود أموال، فالكثير من الشركات لم تستلم الكثير من مستحقاتها؛
بسبب تعويم الجنيه، الذي تلا تدشين المرحلة الثانية من المشروع، وارتفاع أسعار الخامات
إلى الضعف، ما يعني تكبد المقاولين خسائر كبيرة في حال التنفيذ على الأسعار في العقود
القديمة".
مضيفا سبب آخر يكمن في أن المشروع كان "أكبر من قدرات
الهيئة الهندسية؛ بسبب حجم المشروعات الأخرى الكبيرة التي تولت إداراتها والإشراف عليها،
كمشروع قناة السويس الجديدة وقتها، والأنفاق، والمشروع القومي للطرق، والعاصمة الإدارية
الجديدة، ومدينة العلمين، ومدينة الإسماعيلية الجديدة".
ويشكو حاجزون من التشطيبات السيئة
للشقق.
وقال محمد سالم،
أحد الحاجزين بالمشروع بالمرحلة الثانية، لـ"عربي21": "حتى الآن، وحدتي
قيد التشطيب، لكن التشطيبات سيئة جدا؛ فالإهمال من قبل المهندسين أو المقاولين أو العمال
كبير، فمعظمهم ينظر له باعتباره مشروعا حكوميا، وافعل به ما تشاء".
وأضاف: "هناك العديد من عيوب التشطيب بسبب الخامات الرديئة
من جهة، أو بسبب الصنعة السيئة من جهة أخرى، إضافة للتعامل السيئ من قبل العمال مع
الخامات ومواد البناء والإكسسوارات وغيرها؛ ما يتسبب في حدوث عيوب غريبة وعجيبة لم
نرها من قبل".
"أولويات القوات المسلحة"
وعلق الخبير الاقتصادي، مصطفى شاهين، على التأخير في
التنفيذ وسوء التشطيبات بالقول: "الجيش الآن لم يعد مهتما بالطبقة المتوسطة، ولا
تمثل له أولوية، هو الآن يدير الدولة كمشروع تجاري لتحقيق أرباح كبيرة، ولذلك لم يحظ
مشروع "دار مصر" بأولوية لدى الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وانصرف للعاصمة
الإدارية والعلمين الجديدة وغيرهما؛ لأنها تحقق أرباحا ضخمة".
وأكد في تصريحات لـ"عربي21" عدم قدرة الحاجزين
على تقديم شكوى أو المطالبة بتعويض، قائلا: "الجيش لا رقيب ولا حسيب عليه، ولا
يوجد شفافية، وقوى الجيش هي التي تهيمن وتسيطر، ولم تعد هناك منافسة إلا في إطار إذعان
من خلال الجيش، ما يفتح الباب أمام الفساد".