هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشف مركز حقوقي مصري تنظيم 16 احتجاجا مهنيا وعماليا خلال شهر شباط/ فبراير الماضي، مثلت نحو ثلثي الاحتجاجات الإجمالية التي شهدتها البلاد في الشهر ذاته، وبلغت 25 احتجاجا.
وقال مركز "هردو" الحقوقي لدعم التعبير الرقمي، المعني برصد وتوثيق الاحتجاجات ونشر معلومات عنها، إن الاحتجاجات العمالية تعود للشارع المصري، رغم تضييق الخناق على الحريات بشكل عام في البلاد بشكل غير مسبوق خلال السنوات الأخيرة، وقمع أي احتجاج عمالي بشكل خاص، ما يشير إلى أن العمال فاض بهم الكيل، وأصبحوا مستعدين للمطالبة بحقوقهم مهما كانت العواقب.
وأوضح التقرير، الذي صدر الأحد الماضي، أن التحركات الاحتجاجية توزعت في أرجاء البلاد، لكن العاصمة القاهرة استحوذت على النصيب الأكبر بسبعة احتجاجات، وجاءت محافظات الجيزة، والدقهلية في المركز الثاني بواقع ثلاثة لكل منهما، ثم توزعت باقي الاحتجاجات على 13 من محافظات الجمهورية.
وتنوعت أشكال الاحتجاجات بين التجمهر بواقع تسع حالات في ثماني محافظات مختلفة، وفي المرتبة الثانية الإضراب عن العمل بواقع أربع حالات، والوقفات الاحتجاجية بواقع أربع حالات أيضا.
موجة مستمرة
وكشف تقرير سابق للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، أن الربع الأول من عام 2019 شهد 106 فعاليات احتجاجية، جاءت الاحتجاجات العمالية في المرتبة الأولى بواقع 54 فعالية، تلتها احتجاجات جماعة الإخوان وتحالف دعم الشرعية بـ41 فعالية احتجاجية، مشيرا إلى تعرض 29 فعالية مختلفة للاعتداء من قبل الأمن، فيما تم حل 15 احتجاجا عماليا واجتماعيا بالتفاوض.
وفي الشهور التسعة الأولى من عام 2018، نظم العمال 299 احتجاجا، بمتوسط 33 احتجاجا في الشهر الواحد، فيما بلغت 62 احتجاجا في تشرين الثاني/ نوفمبر، و60 احتجاجا في تشرين الأول/ أكتوبر.
وفي عام 2016، رصد المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في تقريره الختامي 1736 وقفة احتجاجية، بزيادة قدرها 30% عن عام 2015 الذي شهد 1400 احتجاج، وتصدرت الوقفات الاحتجاجية العمالية القائمة بإجمالي 726 وقفة، تلتها الاحتجاجات الاجتماعية بإجمالي 633 وقفة، ثم الاقتصادية في المركز الثالث بعدد 377 وقفة.
فشل آلة القمع
الناشط الحقوقي عادل إسكندر قال إن استمرار الاحتجاجات العمالية وتحديها لآلة القمع الوحشية للنظام هي دليل على أن قطاع العمال ما زال يتمتع بالحيوية والقوة، وأن النظام لم يتمكن حتى الآن من إسكاته، على الرغم من الإجراءات غير المسبوقة التي تتبعها السلطات لقمع الحريات النقابية والعمالية في البلاد.
وأشار إسكندر، في تصريحات لـ"عربي21"، إلى أن حزمة القوانين والتشريعات التي أقرها النظام في السنوات الأخيرة، ومن بينها قانون النقابات وقانون العمل، لم ولن تنجح في إجبار العمال على التوقف عن المطالبة بحقوقهم.
وأوضح أن عدم التسيس هو عنصر القوة الرئيس في الاحتجاجات العمالية على مر العصور، حيث تمثل المطالب بالحقوق المالية والوظيفية بوتقة تنصهر فيها الاختلافات السياسية والدينية بين العمال، وتوحدهم جميعا في وجه إدارة الشركة أو الحكومة، لافتا إلى أن النظام دائما ما يحاول وصم هذه الاحتجاجات بانها تابعة لفصيل سياسي معين؛ لتشويهها وإضعافها.
وأشار عادل إسكندر إلى أن مئات العمال نجحوا بتكاتفهم وتوحدهم في تحقيق مطالبهم المادية، حينما أعلنوا قبل أسبوعين اعتصاما بأحد مصانع المكرونة بالمنوفية، وهو ما اضطر الحكومة إلى الاستجابة؛ لمطالبهم لإنهاء اعتصامهم وديا.
صداع في رأس الأنظمة
من جانبه، قال الباحث الحقوقي أحمد الإمام إن موجة الاحتجاجات العمالية تصاعدت في مصر خلال السنوات الأخيرة، على الرغم من قمع الحريات العمالية والنقابية، وسن العديد من التشريعات لخنق الحركة العمالية التي مثلت، طوال عقود، صداعا في رأس الأنظمة المتعاقبة، حيث تصدر العمال المشهد السياسي في مصر منذ منتصف القرن الماضي، باحتجاجاتهم التي كثيرا ما تحولت إلى مظاهرات سياسية أو اجتماعية بعد إعلان قوى سياسية في البلاد دعمهم والتضامن معهم.
وحول إمكانية تحول الاحتجاجات العمالية إلى حراك شعبي عام، قال الإمام، لـ"عربي21"، إن الشواهد التاريخية في مصر تؤكد ذلك، بدءا حركة عمال النسيج في أواسط أربعينيات القرن الماضي، وحتى إضراب 6 إبريل عام 2008 في المحلة الذي مهد لثورة يناير 2011 التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك بعدها بثلاث 3 سنوات فقط، مضيفا أن الضغوط الاقتصادية الهائلة على العمال جراء ثبات الأجور في مواجهة الأسعار المتصاعدة باستمرار منذ تعويم الجنيه تدفع آلاف العمال إلى المطالبة بحقوقهم المالية مهما كلفهم الأمر من تضحيات.
وتابع: "وليس بعيدا عن مصر، فإن تصدر "تجمع المهنيين السودانيين" طليعة الاحتجاجات منذ شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، ومطالبته بزيادة الحد الأدنى للأجور، كان من أهم أسباب الثورة التي نجحت في الإطاحة بالرئيس عمر البشير.