حكومة لبنان وخطط بين حدّين.. "الانهيار" أو "الإصلاح"
بيروت- عربي21- عامر معروف22-Apr-1912:01 AM
0
شارك
رزق: الحلول التي تنسجها الحكومة تستهدف الشعب- جيتي
تترنح الخطط التي تطلقها الحكومة بهدف إحداث إصلاح اقتصادي يلامس اشتراطات مؤتمر سيدر الدولي الداعم للبنان بقرابة 11 مليار دولار، ويبدو أنّ "الخيارات الصعبة" بحسب توصيفات أركان الحكومة، ستطال مخصصات ورواتب موظفين في القطاع الخاص والقطاع العسكري، الذي يحظى بعدد كبير من الامتيازات المتنوعة على نفقة الدولة اللبنانية.
ويبدو نبض الشارع
اللبناني مترقبا لمآلات الأوضاع، مع بروز دعوات تدعو إلى التحرك في الشارع بشكل
واسع، لمنع تمرير حلول حكومية على حساب المواطنين.
تخفيضات ولكن؟
اعتبرت الكاتبة
والمحللة السياسية الدكتورة هدى رزق أنّ "تخفيض الرواتب التي أشار إليها وزير
المالية علي حسن خليل، ترتكز على العسكريين الذين يتمتعون بامتيازات كبيرة، خاصة
على الصعيد المالي"، مشيرة في تصريحات لـ"عربي21" إلى أنّ
التخفيضات في حال أقرت، لن تؤثر على "العسكريين لأنهم سيحتفظون بكثير من
المكتسبات الأخرى".
ورأت رزق أن
تصريحات وزير المالية تهدف إلى تهدئة الرأي العام بخصوص سياسة التقشف التي تنوي الحكومة
المضي بها، ولفتت إلى أن إيقاف الهدر يأتي من خلال تطبيق معايير الشفافية، قائلة:
"ندرك عدد الموظفين الجدد الذين انضموا إلى القطاع العام من دون الخضوع إلى
مجلس الخدمة المدنية، وفق معايير استنسابية، لا تخضع لاعتبارات مهنية تؤشر إلى أنّ
الدولة تحتاج فعلا إلى توظيفهم".
وأضافت:
"التوظيف الجديد أقرته الحكومة لأهداف سياسية، وهذا يدخل في إطار الهدر النابع
من الطبقة السياسية عموما"، متسائلة: "لماذا يريدون تحميل الموظفين
مسؤولية الهدر عبر الاقتطاع من رواتبهم، في حين أنهم يمارسونه بطريقة فاضحة؟".
وطالبت رزق بإلغاء
الكثير من المكتسبات المخصصة لبعض موظفي القطاع الرسمي، ومن أبرز تلك المكتسبات
منح التعليم في المدارس والجامعات الخاصة لأبناء الموظفين، متسائلة: "لماذا
يخوّل لأستاذ في الجامعة اللبنانية بأنّ يعلم أبناءه في الجامعات الخارجية أو
الجامعة الأمريكية في بيروت على حساب خزينة الدولة، بينما لو سحبت هذه الميزة
لاضطر الأساتذة أن يسهموا بجدية في تطوير التعليم وأساليبه في الجامعة اللبنانية
التابعة للدولة".
ورأت رزق أنّ
الحكومة لا تلجأ إلى اتخاذ خطوات عملية، سواء على صعيد تخفيض مخصصات العسكريين
وامتيازاتهم والموظفين في القطاع الرسمي، أو حتى على صعيد تبديل قانون الضرائب
المعمول به حاليا بآخر عصري، يطال جميع شرائح المجتمع اللبناني"، وانتقدت "وضع
الحكومة جميع اللبنانيين أمام خيارين، إمّا القبول بالتخفيضات على الرواتب، أو قبول
رفع الضريبة على القيمة المضافة ”TVA” لتبلغ 15 أو ربما 17 بالمئة".
واعتبرت أن
"الحلول التي تنسجها الحكومة تستهدف الشعب، في حين أن من يتحمل مسؤولية الهدر
طوال السنوات الماضية هي الطبقة السياسية نفسها، مشددة على أنّ "ما يمارس ضد
المواطن يدخل في إطار التهويل والتخويف؛ بهدف فرض الأمر الواقع عليه".
واستبعدت رزق أن
يكون ملف التوطين جزءا مما يحاك على المستوى المالي اللبناني، وقالت: "أعداد
الفلسطينيين الموجودين في لبنان مبالغ فيها، في ظل الهجرة المستمرة لهم خلال
السنوات الماضية، عدا أن الإدارة الأمريكية الحالية تبدو مقتنعة بمسألة عدم ضرب
التوازن الطائفي اللبناني".
بين الإصلاحين؟
من جهته، أوضح الخبير
والسياسي شارل شرتوني أنّه "لا يمكن إحداث إصلاح اقتصادي من دون إصلاح
سياسي، فالمساران متلازمان" على حد قوله، مضيفا في تصريحات
لـ"عربي21": "نوايا المسؤولين غير إيجابية تجاه دعم الاستقرار
السياسي والاقتصادي، وتحديدا من قبل حزب الله الذي يعتبر لبنان ساحة حرب مفتوحة، يواجه
خلالها أطرافا عدّة ويفتح انطلاقا منه جبهات كثيرة نكاد لا نحصيها"، وبيّن
أنّ "الوضع الراهن يتطلب الانطلاق في خطة شاملة محكمة لاحتواء الأوضاع
الاقتصادية، وطمانة المواطنين القلقين من المسار الانحداري للدولة اللبنانية".
واعتبر أن الحديث
عن المعالجات والوصفات التي تطلقها الحكومة للإصلاحات، لا يعدو كونه للاستهلاك
السياسي، لأنّ "التحسينات تبدأ من خلال تطوير بنيوي في إدارات الدولة
السياسية والمالية، بينما يبدو جليا استمرار الفساد والمحسوبيات والفوضى في
مؤسسات الدولة، إلى جانب التوظيفات العشوائية في القطاع العام لأهداف وغايات
سياسية".
وتطرّق إلى انعدام ثقة المؤسسات الدولية في الوضع اللبناني، فقال: "أبدت مؤسسات
أمريكية إنسانية خلال تواصلي معها استعدادها العمل في لبنان، غير أنّها أفصحت في
الوقت عينه عن عدم رضاها وقلقها من الوضع الداخلي بمستوياته كافة، ومن ثم إمكانية انعكاساته على أي مشاريع تقوم بها على الأراضي اللبنانية"، متابعا:
"على المستوى الإنساني هناك حذر وقلق، والوضع أعمق وأصعب على صعيد المستثمرين
أو الطامحين في العمل بالمجال الاقتصادي في لبنان".
وختم حديثه
بالإشارة إلى أن "لبنان يعاني من حالات متنوعة من الفساد التي يصعب معالجتها
في ظل استمرار الطبقة الحاكمة في لبنان في الإمساك بزمام الأمور، وامتصاص المكاسب
الخاصة على حساب خزينة الدولة والمواطن، في ظل فساد يكابده أيضا القضاء وغياب
المحاسبة والمراقبة والشفافية".