مع انتهاء جولة الانتخابات الإسرائيلية التي أفرزت عن فوز بنيامين
نتنياهو
بولاية خامسة، يترقب الشارع في
غزة تطبيق ما تم الاتفاق عليه بين فصائل المقاومة ودولة
الاحتلال من التسهيلات الاقتصادية والإنسانية التي جرى التوافق عليها قبيل أيام من
هذه الانتخابات.
وأكد خليل الحية عضو المكتب السياسي لحركة حماس في ختام فعاليات "جمعة
معا ضد التطبيع"، أن التفاهمات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي لا تزال قائمة، لافتا إلى أن الحركة تتابع عن كثب مجريات التزام الاحتلال بتطبيق هذا الاتفاق.
لا يوجد مسودة نهائية تشير إلى ما تم الاتفاق عليه بين فصائل المقاومة
ودولة الاحتلال، ولكن ما رشح من تسريبات عن هذه التفاهمات جاءت على النحو التالي: تعهدات
دولية بتمويل محطة لتحلية مياه البحر في غزة بقيمة 650 مليون دولار، وتوسعة مساحة الصيد
إلى 15 ميلا، وزيادة قيمة المنحة القطرية لـ40 مليون دولار حتى نهاية العام، وتشغيل
آلاف الخريجين في غزة، وتفعيل الممر الأمن بين الضفة وغزة.
تقييم الموقف
إلى ذلك يشير القيادي في حماس، يحيى موسى، أن "حركة حماس بجانب فصائل
المقاومة في غزة تراقب وتقيم سلوك دولة الاحتلال الإسرائيلي بشأن تنفيذ ما تم الاتفاق
عليه مؤخرا"، محذرا من أي تنصل أو تأخير في تطبيق هذه التفاهمات؛ لأن "ردة
الفعل الشارع ستكون وخيمة على دولة الاحتلال من خلال مسيرات العودة".
وشدد موسى في حديث لـ"
عربي21" على أن "حركة حماس من جانبها التزمت بما جرى التوافق عليه، ونحن ما زلنا في المرحلة
الأولى لهذه التفاهمات، وبذلك فإن المسؤولية الآن تقع على الطرف المصري كونه الراعي
لهذا الاتفاق من خلال الضغط على دولة الاحتلال".
يواجه نتنياهو رغم فوزه بالانتخابات معضلة قد تقف عائقا أمام تنفيذ تفاهمات
التهدئة تتمثل في إقناع أحزاب اليمين خاصة حزب "إسرائيل بيتنا" الذي يتزعمه
أفيغدور ليبرمان، الذي أعلن منذ أن كان وزيرا للدفاع قبل استقالته، عن معارضته لأي
تسوية مع حماس تكون من ثمارها تمرير الأموال القطرية لتوفير السيولة النقدية في غزة.
نفوذ نتنياهو
وفي هذا الصدد، يشير الباحث في مركز القدس للدراسات الإسرائيلية، ياسر
مناع، إلى أن "نتنياهو ما زال الرجل الأقوى على الساحة السياسية في إسرائيل، وثبت
ذلك في فوزه برئاسة الحكومة رغم قضايا الفساد التي كانت تلاحقه والمنافسة الشرسة التي
أبداها منافسه بيني غانتس، لذلك قد يكون ليبرمان مضطرا للقبول بما يمليه عليه نتنياهو
من تفاهمات مع حركة حماس".
وأضاف مناع لـ"
عربي21": "ما أبداه ليبرمان من مواقف رافضة
لأي اتفاق مع حركة حماس قد يتغير في حال عرض عليه نتنياهو حقيبة وزارية مهمة في حكومته
الجديدة".
وتابع أما "بشأن الأحزاب الدينية الأخرى التي عارضت اتفاق التهدئة،
فيستطيع نتنياهو أن يغير قناعاتهم في حال نجح بتمرير مشروع ضم الضفة الغربية، وبذلك
تتحول قضية غزة من أزمة سياسية إلى أزمة إنسانية".
ويتفق الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم القرا مع سابقه، ويضيف أن
"ما جرى من تفاهمات بين فصائل المقاومة والطرف الإسرائيلي جاءت في ظل التقدير
العسكري من مؤسسة الجيش، بأن فرص تحقيق انتصار عسكري في أي مواجهة مع غزة لن تكون في
صالح إسرائيل، لذلك جاء مشروع التهدئة ليجنب إسرائيل أي مواجهة عسكرية قد لا تكون في
صالحهم".
وأكد القرا لـ"
عربي21" أن المرحلة القادمة قد تشهد "تنصلا
إسرائيليا من تنفيذ بعض التفاهمات، ولكن سيتم استدراك الأمر عبر الوسيط المصري، وهو
سيناريو مشابه لما كان يجري قبل الانتخابات الإسرائيلية".
ونوه المحلل السياسي إلى أن "مسيرات العودة أثبتت أنها أداة ضغط سياسي
وأمني على دولة الاحتلال، فحالة الاستنزاف التي تكبدها الجيش على مدار عام كامل، قد
لا يستطيع تكرارها لعام آخر إذا ما قررت الفصائل الفلسطينية تفعيل الأدوات الخشنة كالإرباك
الليلي والطائرات الحارقة".