التايمز: ما سر اهتمام مصر بالآثار اليهودية لديها؟

نشرت صحيفة "التايمز" تقريرا لمراسلها ريتشارد سبنسر، يتحدث فيه عن مظاهر اهتمام مصر بإعادة بناء علاقاتها مع اليهود. 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن شارعا خلفيا في ثاني المدن المصرية، وهي الإسكندرية، كان يتحول حتى عام 2010 إلى مسرح لأغرب الطقوس في العالم. 

ويفيد سبنسر بأن رجالا يهودا كانوا يدخلون وسط إجراءات أمنية مشددة بابا في مدخل جدران عالية داخل شارع النبي دانيال، وفي الداخل ينضمون إلى مجموعة من الرجال والنساء المصريين للاحتفال بالسنة اليهودية الجديدة "روش حشانا" في كنيس إلياهو هانبي.  

وتبين الصحيفة أن التقاليد اليهودية تقضي بوجود عشرة رجال لحضور الاحتفال، مشيرة إلى أنه لم يعد في الإسكندرية، التي كان يعيش فيها عدد كبير من اليهود، سوى ثلاثة رجال وما بين 14- 15 امرأة. 

ويلفت التقرير إلى أن الاحتفال السنوي يعد جزءا من الترتيبات التي نشأت بعد اتفاقية كامب ديفيد في عام 1979، التي جلبت معها سلاما وراحة لمن تبقى من اليهود في الإسكندرية، فيما تلاشت المجتمعات اليهودية في أماكن أخرى بسبب السياسة والحروب.

وينوه الكاتب إلى أن اليهود في مصر كان لهم حضور طوال الفترات الإسلامية، وزاد عددهم في القرن التاسع عشر، حيث جاؤوا عبر اليونان فرارا من معاداة السامية الأوروبية، مشيرا إلى أن اليهود الذين جاؤوا من إيطاليا بنوا الواجهة الأساسية والقصور البيضاء.

وتقول الصحيفة إنه ليس بعيدا عن الكنيس تقع قاعة بلياردو مكابي، التي التقى فيها الروائي الإنجليزي لورنس داريل، بإيفل كوهين، التي تخيل من خلالها بطلة روايته "رباعية الإسكندرية" جوستين. 

ويشير التقرير إلى أن اليهود في مصر عاشوا بعد إنشاء إسرائيل فترة من الكراهية، تبعتها عملية خروج في عهد عبد الناصر، وبحلول عام 1970 كان معظم اليهود قد غادروا مصر.

ويقول سبنسر إن ما يجري خلف جدران شارع النبي دانيال يثير التساؤل عن عودة اليهود أو تلاشيهم، مشيرا إلى أن أمرا مثيرا للدهشة يحدث هناك، فبعد ثورة عام 2011 قررت السلطات أن الزيارة السنوية لم تعد آمنة، ثم حدث أمر آخر حيث سقط سقف الكنيس بسبب الإهمال، وفي هذا العام بدأت السلطات بترميم الكنيس، وليس سقفه، حيث تشرف وزارة الآثار المصرية على هذه الجهود.

وتجد الصحيفة أن قصة الترميم مثيرة للاهتمام، مشيرة إلى أن سبنسر قدم طلبا لوزارة الآثار لزيارة الكنيس، التي حولته إلى وزارة الإعلام، التي حولته بدورها إلى المخابرات، وكلها ختمت على الطلب، إلا أن الزيارة لم تكن ممكنة حتى بوجود الشركة التابعة للجيش والمسؤولة عن ترميم الكنيس.

ويقول الكاتب إن نائب وزير الآثار هشام سمير كان سعيدا للقائه، وهو قائد لواء في الجيش، لكنه لم يكن سعيدا بأسئلته، بأن الرئيس عبد الفتاح السيسي المعادي للإسلاميين ربما كان يريد إرسال رسائل معينة، وأكد سمير قائلا: "هذا ليس سياسة.. لدينا مسؤولية قانونية لترميم الآثار"، وأجاب عند سؤاله عما إذا كانت مصر تتنكر من معاداة السامية من خلال ترميمها الكنيس، قائلا: "الأمر ليس بهذه الطريقة". 

وبحسب التقرير، فإنه حصل على فرصة لزيارة المكان في النهاية، بمساعدة مرشدة سياحية اسمها زهرة عادل عواد، التي قدمت له كما من المعلومات، وقالت إن الانفتاح نحو اليهود حقيقي، ويقف وراءه المناخ الاستثماري الذي يقوم بجذب المصريين المولودين في الخارج. 

ويورد سبنسر عن عواد، قولها إن عملية الترميم لا تمولها وزارة الآثار، لكن ثلاثة يهود مصريين يعيشون في الخارج، مشيرا إلى أنه من غير المعلوم من الذي يمول الترميم، "فلم يكن بالإمكان التوصل للحقيقة"، وقال أحدهم إنه لا يستطيع التحدث للصحافيين إلا بعد إكمال عمليات الترميم.

وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن يوفس فديدا (73 عاما)، الذي تزوج في الكنيس ولعب في داخله عندما كان طفلا، يهتم بالتراث اليهودي في الخارج، وقال فديدا، الذي يعيش في لندن، إن وزارة الآثار المصرية هي من تقوم بترميم الكنيس لكنها تلقت تبرعات من الخارج، وأشار إلى جهود الحكومة المصرية لحماية المكان، ووفرت له الأمن حتى في الفترات الأسوأ من العنف.

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)