سياسة عربية

متظاهرو السودان يلجأون للجيش لإسقاط نظام البشير

المتظاهرون والمعارضة يريدون تسليم الجيش مسؤولية المرحلة الانتقالية- صفحة تجمع المهنيين السودانيين
المتظاهرون والمعارضة يريدون تسليم الجيش مسؤولية المرحلة الانتقالية- صفحة تجمع المهنيين السودانيين

بشكل مفاجئ، تغيرت لافتات المتظاهرين في السودان من "يسقط حكم العسكر" إلى شعارات مثل "جيش واحد.. شعب واحد"، في تطور ملحوظ يشير إلى لجوء المتظاهرين والمعارضين للمؤسسة العسكرية، لكسب تأييدها في الإطاحة بحكومة الرئيس عمر البشير.

وفي مؤتمر صحفي من داخل الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش في الخرطوم، قال ممثلون عن المتظاهرين في بيان، إن قوى الحرية والتغيير تعلن من داخل الاعتصام الترتيبات الانتقالية التي ستسلمها للجيش.

 

وأعلن متحدثون باسم المتظاهرين والقوى السياسية الموقعة على إعلان الحرية والتغيير، إلغاء أهلية وشرعية الحكومة الحالية.

وأكدوا تفويض القوات المسلحة لاستلام السلطة، وفقا لترتيبات انتقالية متفق عليها.

مسؤولية الجيش بمرحلة انتقالية

وأكدت أنها ستسلم الجيش مسؤولية مرحلة انتقالية لما بعد البشير، مطالبين المؤسسة العسكرية بسماع مطالبهم برحيل البشير ونظامه.

وتجمع آلاف السودانيين في اليومين الماضيين أمام القيادة العامة للقوات المسلحة، مرددين شعارات تحث المؤسسة العسكرية على استلام السلطة وتغيير النظام الذي يرأسه قائد الجيش المشير عمر البشير، وشوهدت لحظات التحام بين المتظاهرين وضباط وجنود من الجيش، كما رصدت عمليات إطلاق نار تحذيرية أطلقها الجيش عندما حاولت قوات من أجهزة أمنية أخرى فض اعتصام للمتظاهرين في محيط القيادة العامة، ما تسبب باشتباكات راح ضحيتها جندي ومدني.

 

اقرأ أيضا: اعتصام السودان: مقتل اثنين باشتباك الجيش مع الأمن


وأصدر تجمع المهنيين السودانيين الذي يقود التظاهرات الداعية لإسقاط النظام، بيانا موجها لأول مرة إلى القوات المسلحة السودانية، يدعوها إلى تسلم السلطة لفترة انتقالية، ما أعتبره محللون موقفا جديدا لم يشر صراحة إلى دور المؤسسة العسكرية في أي تغيير ضمن بيانات التجمع السابقة، لاعتبارات تتعلق بالموقف الذي أعلنته قيادة المؤسسة العسكرية مند اندلاع الاحتجاجات في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وأعلنت خلالها هيئة أركان الجيش أنها تساند قيادة البلاد السياسية.

وقال ناشطون في الحراك الشبابي المعتصم أمام القيادة العامة للجيش في الخرطوم لـ"عربي21"، إن توجههم هذه المرة إلى الجيش، للاحتماء من بطش الأجهزة الأخرى، ودفعه لإزاحة حزب المؤتمر الوطني المهيمن من السلطة، وإحداث تغيير جذري في النظام، واستلام السلطة لفترة انتقالية، تمهيدا لإجراء انتخابات.

مطالب بالحذر من الجيش

لكن الناشطة السياسية الدكتور ناهد محمد الحسن، أبلغت لـ"عربي21"، أن استجابة الجيش للثوار أمر معقّد، لأنّه يعتمد إلى حد كبير على فهم التربية والقيم والتدريب الأساسي للمؤسسة العسكريّة، ورأت أن المؤسسة العسكرية خلال حكم نظام الرئيس البشير، فقدت الكثير من قوميتها.

وتساءلت: "لكن إلى أي درجة هو المعيار الذي تعتمد عليه مسألة انحياز الجيش للثوار؟"، مشيرة إلى أن "تاريخ السودان يكشف أنه خلال عهد الرئيس الرحل جعفر نميري كانت قيادة الجيش تقدم فروض الولاء والطاعة للرئيس قبل أسبوع فقط من سقوط نظامه، وكذلك الوضع في دول الربيع العربي".

ورأت الحسن أن على الثوار عدم الركون للجيش في مستقبل الثورة، ومن المهم أن يعاد تعريف دوره بعد سقوط النظام وقصره على دوره المتعارف عليه في العالم، حماية الأوطان وخدمتها لا حكمها.

بيد أن القيادي في حزب المؤتمر الوطني محمد الواثق، استبعد استجابة المؤسسة العسكرية للمطالبين بإسقاط النظام، وقال لـ"عربي21"، إن المنظومة الأمنية متماسكة، وإن القوات المسلحة على مستويات القيادة العليا أو الوسيطة أو صغار الضباط أو الجنود، هي جزء مهم من تكوين النظام نفسه وفي قلب النظام الحاكم، كما أن الرئيس البشير يمثل أيضا المؤسسة العسكرية، وأن تماسك هذه المؤسسة يعطي صورة أوضح لتماسك النظام.

 

اقرأ أيضا: البشير يجتمع بقيادات الجيش وآلاف المتظاهرين أمام مقر إقامته


ويرى أن بعض المحللين غير مدركين لحقيقة أن التنظيمات الأمنية الأخرى هي جزء من هيئة القيادة للجيش السوداني بما فيها قوات الدفاع الشعبي التي ساندت الجيش إبان الحرب في الجنوب وهي من عقيدة النظام الحاكم، إلى جانب قوات الدعم السريع التي تتبع لهيئة قيادة القوات المسلحة، وتعمل تحت إمرة الجيش، وعتادها من الأسلحة الخفيفة أو الثقيلة يتم جمعها وتوزيعها بواسطة قيادة الجيش.

تأييد ضباط

في المقابل، فقد لقيت دعوة الثوار للجيش لاستلام السلطة استجابة، وسط عدد من كبار ضباط الجيش السابقين، وقال العميد صلاح كرار لـ"عربي21" إنه يدعم خيارات الشعب السوداني في تغيير النظام، وإسقاط حزب المؤتمر الوطني.

ووصف تجمع المتظاهرين أمام القيادة العامة للجيش بأنه "ملحمة" كافية لإسقاط حكومة البشير، ومماثلة لتلك التي سبقت انحياز الجيش السوداني للمتظاهرين وسقوط الرئيس السابق جعفر نميري في السادس من نيسان/ أبريل العام 1985.

والعميد كرار هو أحد الضباط الذي نفذوا الانقلاب العسكري عام 1989م بقيادة الرئيس عمر البشير، وظل عضوا في المجلس العسكري الذي أطاح بحكومة رئيس الوزراء السابق الصادق المهدي، وشغل في وقت سابق أكثر من منصب في حكومة الرئيس البشير.

ووفقا لكرار، فإن تدخل الجيش لاستلام السلطة في هذا التوقيت، يجنب البلاد الانزلاق للفوضى، وانهيار الاقتصاد، وتقطيع السودان من أوصاله، إلى حين تسليم السلطة للشعب. 

وأعرب عن أمله في ضباط وجنود القوات المسلحة وهيئة الأركان المشتركة وقادة الأفرع العسكرية، في الاستجابة إلى مطالب الشارع، واعتبر أن الخطوة ليست "خيانة" لقيادة الجيش.

وقال: "القوات المسلحة ظلت طيلة تاريخها بعيدة عن التلون سياسيا، وإن تلونت عقائديا، وإن السلطة ستظل أمانة في أعناق الجيش، ويتحمل مسؤوليتها بعد استتباب الأمن والخضوع للمحاسبة في أي انتهاكات أو أخطاء وقعت خلال فترة تسلم الجيش للسلطة خلال فترة انتقالية"، بحسب ما صرح به العقيد المتقاعد صلاح كرار.

التعليقات (0)