هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يمر بعض الأطفال في مرحلة ما من عمرهم بحالة يرغبون فيها باختلاق صديق وهمي والحديث معه، ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل أحيانا يشعرون بأنهم يلعبون معه، ويحاولون تعريف والديهم عليه.
وبحسب خبراء علم الاجتماع فإن وجود الأصدقاء الوهميين، يحفز الأطفال على الإبداع ويساعدهم على التعبير عن مشاعرهم، ولكن هذا الأمر قد يثير قلق الآباء.
وفي هذا الصدد نشر موقع "ستيب تو هيلث" تقريراً أشار فيه إلى الأسباب التي تدفع الأطفال لاختلاق صديق وهمي، وأيضا وضح التقرير كيف يتصرف الأهل في هذه الحالة.
لماذا يخترع الأطفال أصدقاء خياليين؟
يمكن أن تظهر هذه الكائنات "الأصدقاء الخيالين" والتي تم إنشاؤها بواسطة عقول نابضة بالحياة والخيال بدءا من سن الثانية، حيث يبدأ الأطفال في هذه المرحلة بتعلم اللغة وفهم البيئة التي يعيشون فيها، ويخترعونها لأسباب عديدة.
ويُفاجأ الآباء برؤية أطفالهم يلعبون ويتحدثون بمفردهم، وعندما يسألونهم عن الشخصية التي يتحدثون إليها، قد يردون بهدوء على أنهم يتحدثون مع صديقهم الجديد.
وعلى الرغم من أن هذه الحالة يمكن أن تكون مصدر قلق للآباء والأمهات، إلا أن الأصدقاء الوهميين هم جزء من تطور الأطفال العاطفي، وفي بعض الأحيان ترتبط هذه الحالة بالأطفال ذوي العقول الخلاقة والمبدعة والحساسة.
وأشار التقرير إلى إجراء باحثين من جامعتي أوريغون وواشنطن دراسة، تم فيها مراقبة 152 طفلا تتراوح أعمارهم بين 3 و4 سنوات، ووجدوا أن 2 من أصل 3 أطفال صغار لديهم أصدقاء وهميين، وأن 70 في المئة من العينة كانوا إما الطفل البكر أو الطفل الوحيد في العائلة.
اقرأ أيضا: هكذا تسبب ألعاب الفيديو انهيار النظام الليلي لدى الأطفال
وأشارت الدراسة التي أجريت إلى أنه لا توجد علاقة مباشرة بين الوحدة والأصدقاء الوهميين، وبالتالي يساعد الأصدقاء الوهميون الأطفال على التعبير عن مشاعرهم، وتحسين مهارات التواصل لديهم.
وأردف التقرير، مع ذلك "لا يمكننا أن نعتبر وجود الاصدقاء الوهميين علامة على الحرمان العاطفي أو الصدمة، بل هم حلفاء يمكنهم مساعدة الطفل في التغلب على الصعوبات مثل الطلاق أو وصول شقيق جديد أو تغيير المدارس أو الانتقال إلى مدينة أو بلد جديد".
من جهته، قال اختصاصي الطب النفسي وليد سرحان: "اللعب الوهمي ووجود الصديق الخيالي هو مرحلة طبيعية من التطور، ويمر فيها الأطفال من عمر 18 شهرا وبدرجات متفاوتة".
وتابع سرحان في حديث لـ"عربي21": "ويُعتبر وجود صديق وهمي أو اللعب الوهمي غير طبيعي إذا تجاوز عمر الطفل الخامسة أو إذا انحرف اللعب وأصبح يؤثر على الواقع واللعب مع الأطفال الحقيقيين وهذا أمر نادر جدا".
ونصح سرحان "الأهل بتقبل هذه الحالة، وأيضا المشاركة في لعب أطفالهم الوهمي إن أمكن ذلك".
من جهتها، قالت الأخصائية الاجتماعية تسنيم كايد: "باعتقادي وجود صديق خيالي للطفل أمر طبيعي، ولكن يعتبر الأمر خطر إذا زاد اتصاله بهذا الصديق وانعزل عن العالم المحيط، وأصبح هناك حديث مستمر معه وعدم الحديث مع الآخرين".
وتابعت في حديث لـ"عربي21": "وبرأيي سبب ظهور الصديق الخيالي للأطفال هو سعة خيالهم، ولكن في بعض الأحيان يكون السبب قلة اهتمام الأهل بالطفل، الأمر الذي يدفع الطفل للافتراض وتخيل وجود صديق يشاركه أشياء مختلفة".
ماذا تفعل الأسرة؟
وأوضحت تسنيم "بأنه يجب على الأسرة مراقبة الطفل ومعرفة لأي مدى يصل مع صديقه الخيالي"، مضيفة: "أيضا يجب عليهم مع المراقبة محاولة شرح وتوضيح للطفل أن هذا الصديق لا وجود له".
بدوره، أوضح التقرير بأنه يجب على الأسرة حينما يكون لدى طفلها صديق وهمي الحفاظ على الهدوء كرد فعل أولي، وأيضا عدم القلق حتى يصل عمر الطفل للثامنة، فمن الطبيعي أن يكون للطفل صديق وهمي، ولكن كل ما تحتاج الأسرة فقط لمعرفته هو كيفية التعامل مع الموقف.
تصرف على طبيعتك
ونصح التقرير الأهل بتجنب تجاهل أو إنكار صديق طفلهم الوهمي، وأن يتصرفوا على طبيعتهم، ولكن دون تشجيع العلاقة ولا حظرها. وعلى الأسرة التذكر بأن الرفيق الوهمي لطفلهم هو جزء من حياته. ويُنصح الآباء بمقابلة الصديق الجديد لطفلهم كما لو كانوا مع صداقة طبيعية.
ولفت التقرير إلى أن سؤال الأب أو الأم طفلهم عن صديقه الوهمي سيسمح له باكتشاف ما يعنيه ذلك لطفلهم، وكيفية التعامل مع الموقف بشكل أفضل.
لا تدع الصديق الخيالي يصبح عذرا
ونصح التقرير الآباء، أيضا، بأن لا يسمحوا للطفل باستخدام صديقه الجديد "الوهمي" لكسر قاعدة أو أن يكون شقيا، وأن عليهم تعليمهم الانضباط وكيفية تحمل المسؤولية، سواء كان "الصديق" موجودا أم لا.
تشجيع لقاءات مع أطفال حقيقيين
وأكد التقرير بأنه على الرغم من أنه يجب على الأسرة إظهار الاحترام والتسامح تجاه هؤلاء الأصدقاء الوهميين، يجب أن تتأكد الأسرة من أن طفلها يقضي وقتا مع أطفال آخرين، وبهذه الطريقة سوف تحفز مهاراته النفسية والاجتماعية، والتي قد تجعل رفيقه الوهمي يختفي.
متى يجب أن أقلق؟
وأوضح التقرير بأنه يجب على الأهل القلق ومراجعة الطبيب النفسي في حال ظهور أي من الحالات التالية:
- عندما يعزل الطفل نفسه ويفضل اللعب مع صديقه الوهمي بدلا من الأصدقاء الحقيقيين.
- عندما يظهر طفلك انفعال، أو فقدان السيطرة، أو الارتباك الذهني، أو تهيج مفرط وواضح خاصة عندما يظهر الصديق الوهمي.
- عندما تسبب شخصية الأصدقاء الوهمية الشعور بعدم الراحة أو الخوف لدى طفلك.
وختم الموقع تقريره بالقول: "إن الوقت والاهتمام اللذين تكرسهما لطفلك هما مفتاح اكتشاف أي مشكلة حقيقية".
اقرأ أيضا: تعرف كيف تُعلّم طفلك كيفية توفير المال