هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" في نسختها الإنجليزية تقريرا سلطت من خلاله الضوء على النهج الذي تقوم عليه ممارسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يسعى للحصول على حماية السلطة القضائية في بلاده، مقابل المحافظة على المستوطنات والأراضي التي يتحصل عليها بالقوة.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته
"عربي21"، إن نتنياهو وعد القادة الأمريكيين باستعادة الأراضي المتنازع
عليها في الضفة الغربية، والعمل على الحفاظ على منطقة الجولان بعد انتخابات التاسع
من نيسان/ أبريل القادم، وخلال حديثه إلى الصحفيين الذين رافقوه على الطائرة إلى
واشنطن، صرّح رئيس الوزراء الإسرائيلي قائلا: "يمكننا الاحتفاظ بالأراضي التي
نحتلها، فعندما تخسر أرضك في حرب دفاعية لا تعد للمطالبة بها لاحقا، لذلك هي ملكنا
الآن".
وفيما يتعلق بالمزاعم التي تفيد بأن بلاده قد تجاوزت
القوانين الدولية لتمنح إسرائيل منطقة الجولان، رد وزير الخارجية الأمريكي مايك
بومبيو بالرفض القاطع، واصفا مقترح الأمم المتحدة بالتخلي عن هذه المنطقة في سوريا
بالقرار الانتحاري. وأظهرت العديد من المصادر الإسرائيلية والأمريكية أن نتنياهو
يسعى إلى ضم العديد من الكتل الاستيطانية الكبرى عقب انتخابه، على غرار كتلة عصيون
ومعاليه أدوميم وأريئيل.
وذكرت الصحيفة أن نتنياهو سيسعى إلى التعلق باحتمال
ضم الكتل الاستيطانية الكبرى، حتى يتسنى له امتلاك ورقة ضغط على أعضاء الكنيست
الداعمين لقرار عدم تنحيته عن منصبه بسبب التهم الجنائية الموجهة ضده. بعبارة
أخرى، سيعمل رئيس الوزراء الإسرائيلي على حماية نفسه من العقوبات القضائية عن طريق
القيام بما يريده أعضاء الكنيست القادرون على سن قوانين وتشريعات، تحميه من
المحاكمة في حال فاز بالانتخابات القادمة.
وأشارت الصحيفة إلى المكاسب الكبرى التي حققها
نتنياهو منذ اضطلاع دونالد ترامب بمنصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، على غرار
إعلانه للقدس عاصمة لإسرائيل والانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، ومنح إسرائيل
السيادة على منطقة الجولان. ويبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي سيحول تركيزه نحو
مفاوضات صفقة القرن مع فلسطين في حال فوزه بالانتخابات.
اقرأ أيضا: هكذا قوّض "صاروخ غزة" نشوة انتصار نتنياهو بالجولان المحتل
وبشكل لا يثير الدهشة، من المتوقع أن يرفض
الفلسطينيون شروط صفقة القرن، ناهيك عن عدم استساغتها من طرف السلطة الفلسطينية.
ومن المؤكد أن هذه الصفقة التي يشرف عليها كبير مستشاري دونالد ترامب وصهره، جاريد
كوشنر، وسفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان، لن تكون موضع ترحيب من
قبل الفلسطينيين خلال المناقشات القادمة.
وبينت الصحيفة أن رئيس السلطة الفلسطينية، محمود
عباس، سيرفض خطة السفير فريدمان التوصل إلى اتفاق سلام في حال استمد محتواه من
مقترحات دونالد ترامب السابقة، وكان عباس قد قاطع إدارة الرئيس الأمريكي منذ
اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل في كانون الأول/ ديسمبر 2017.
ونوهت الصحيفة إلى أن فريدمان يخشى من أن أي إدارة
أمريكية أخرى لن تكون قادرة على إدراك الخطر الوجودي الذي يهدد إسرائيل في حال
أحكم الإرهابيون قبضتهم على منطقة يهودا والسامرة، مثلما حصل في قطاع غزة بعد
انسحاب جيش الدفاع الإسرائيلي منها. كما شدّد فريدمان على ضرورة محافظة إسرائيل
على إحكام سيطرتها الأمنية في الضفة
الغربية بشكل عام. وقد تطرق منافس نتنياهو في الانتخابات المرتقبة، بيني غانتس،
لهذه المسألة في الخطاب الذي ألقاه في المؤتمر السنوي للأيباك.
وأضافت الصحيفة أن فريدمان أشار ضمنيا إلى الاقتراح
المتعلّق بعملية السلام الذي من المقرر أن يقدمه ترامب قريبا، الذي لن ينص على حل
الدولتين، وهو حل بالتأكيد سيرفضه الفلسطينيون. وفي استطلاع رأي أجرته صحيفة
"هآرتس" الإسرائيلية هذا الأسبوع، تبين أن نسبة تأييد الإسرائيليين لحل
الدولتين لا تتجاوز 34 بالمئة. وفي حال رفض عباس خطة فريدمان، فمن المرجح أن يجدّد
نتنياهو اتهاماته المتكررة بأن عباس شريك غير جدّي في عملية السلام. وهو ما سيضطره
للمضي قدما في ضم الكتل الاستيطانية وفقا لبعض المصادر.
وأوردت الصحيفة أن تصريحات وزير الخارجية الأمريكي
مايك بومبيو، التي أدلى بها يوم الثلاثاء، تشير إلى أن الولايات المتحدة لا تعتزم
تأييد مثل هذه الخطوة. لكن خطاب فريدمان الذي ألقاه خلال مؤتمر الأيباك في اليوم
ذاته، يحمل في طيّاته احتمالات واردة لتأييد الإدارة الأمريكية لقرار نتنياهو في
المستقبل، حيث طالب السفير "بمزيد من التقدم" في المناطق التي تتعرّض
فيها إسرائيل لمواجهات مباشرة.
اقرأ أيضا: بطريقة مثيرة تباهى نتنياهو بقرار ترامب بشأن الجولان (صورة)
وفي خطابه الذي وجّهه لجمهوره، تساءل فريدمان:
"هل يمكننا أن نترك عملية السلام والصراع الفلسطيني الإسرائيلي لإدارة قد
لا تعي أن السلام في الشرق الأوسط لا يأتي إلا بالقوة، وليس من خلال الكلمات
فحسب؟"، مضيفا أنه "لا يمكن أن نجازف بأن الحكومة الإسرائيلية ستندم ذات
يوم لأنها لم تحرز مزيدا من التقدم، عندما كانت السياسة الخارجية الأمريكية في
أيدي الرئيس ترامب وبنس وبومبيو وبولتون وجاريد كوشنر وجيسون غرينبلات، وحتى ديفيد
فريدمان".
وأشارت الصحيفة إلى تأكيد فريدمان عزم الحكومة
الأمريكية مواصلة العمل مع نظيرتها الإسرائيلية والفلسطينيين والأطراف الإقليمية
الأخرى، من أجل تحقيق السلام في المنطقة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن تنوع الآراء
حول هذا الموضوع سيخلق بعض الاضطرابات.
وفي الختام، ذكرت الصحيفة أن فريدمان، وهو مؤيد قوي
لمشروع الاستيطان الإسرائيلي، قد جدّد دعوته في نهاية خطابه إلى ضرورة دعم
العلاقات الوطيدة التي تربط بين الولايات المتحدة وإسرائيل للعمل على ترسيخ السلام
في الأرض المقدسة.