هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "البايس" الإسبانية، تقريرا تحدثت فيه عن مسيرة مستشار الرئيس الأمريكي، جاريد كوشنر، فضلا عن خطته الغامضة بشأن الأراضي المقدسة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه عندما حل نتنياهو ضيفا على واشنطن يوم الإثنين الماضي، وصل إلى البيت الأبيض كرئيس وزراء إسرائيلي تطارده فضائح الفساد ويواجه آفاقا انتخابية غامضة، بحثا عن دعم الرئيس ترامب، الذي تجسد في اعتراف تاريخي بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان المحتلة.
كما حظي نتنياهو باستقبال صهر ومستشار الرئيس الأمريكي، جاريد كوشنر، المكلّف بتحقيق السلام والتوصل إلى اتفاق نهائي بين الإسرائيليين والفلسطينيين، في مهمة تعتبر ذات ثقل هائل بالنسبة لشخص في الثلاثينات من عمره، ويفتقر للخبرة السياسية، وليس لديه سوى معرفة سطحية بالجغرافيا السياسية للمنطقة.
وأضافت الصحيفة أن كوشنر أقام علاقة صداقة وثيقة مع الأمير السعودي، محمد بن سلمان، التي ظلت على حالها حتى بعد أن اتهمته وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بإصدار أوامر لقتل الصحفي جمال خاشقجي.
ومما لا شك فيه أن الرياض تمثل عنصرا أساسيا في خطة كوشنر للسلام في الشرق الأوسط. وبحسب مصادر نقلتها وارد في كتابها، يأمل كوشنر في أن يتم تبادل الأراضي بين الدول العربية السنية وأن يقدم السعوديون والإماراتيون مساعدة اقتصادية للفلسطينيين لإعادتهم إلى طاولة المفاوضات.
الجدير بالذكر أن قرار نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، الذي تبعه الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان يوم الاثنين، سيُبقي الفلسطينيين بعيدين عن طاولة المفاوضات في الوقت الراهن.
ويرى العديد من الخبراء أن نوايا كوشنر تفتقر إلى الواقعية والحياد. وبالنسبة للصحفي البريطاني روبرت فيسك، الذي قضى حياته المهنية في تغطية النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، فقال إن نوايا كوشنر قد تتضمن "القضاء النهائي على الدولة الفلسطينية".
وأبرزت الصحيفة أن الفكرة الأساسية تكمن في بناء علاقة موائمة بين إسرائيل والدول العربية السنية على جبهة مشتركة ضد التهديد الإيراني.
اقرأ أيضا : واشنطن تحدد 3 اعتبارات متحيزة للاحتلال في صفقة القرن
وعلى ما يبدو أن كوشنر يعمل على تمهيد الطريق لنتنياهو، حيث كان له دور كبير في تغيير رؤية ترامب تجاه إسرائيل.
لذلك، يبدو مستقبل خطة السلام غير مؤكد اليوم أكثر فأكثر، بالنظر إلى الشكوك التي تحوم حول مستقبل قائد حزب الليكود، بنيامين نتنياهو. من جانبه، أعلن كوشنر أنه لن يكشف عن تفاصيل خطة السلام إلا بعد الانتخابات في إسرائيل.
وأوردت الصحيفة أنه لعقود من الزمن، فشلت محاولات التوصل إلى اتفاق سلام يشرف عليه دبلوماسيون أمريكيون يتمتعون بخبرة واسعة في المنطقة.
لكن ترامب كسر كل الحواجز، سواء كان ذلك للأفضل أو الأسوأ. وفي 21 حزيران/ يونيو 2017، وعندما وصل جاريد كوشنر إلى الشرق الأوسط للقاء نتنياهو ورئيس السلطة محمود عباس، دون أن يكلل ذلك بأي نجاح، أكد أحد المسؤولين الفلسطينيين أن كوشنر كان أكثر من مجرد حكم محايد، وأنه بدا وكأنه مستشار لرئيس الوزراء الإسرائيلي.
وذكرت الصحيفة أن المفاوض الفلسطيني المخضرم، صائب عريقات، كان قد قال لكوشنر إنه "يشعر وكأنه يتعامل مع وكلاء عقاريين وليس مع مسؤولين أمريكيين".
وآنذاك، أجاب كوشنر قائلا: "أنتم لم تحققوا السلام مع السياسيين، لذلك ربما تحتاجون إلى وكيل عقاري".
وأوضحت الصحيفة أن أجداد كوشنر من عائلة أبيه، وهم ناجون من الهولوكوست، قد فروا من بولندا عبر نفق حفروه بأنفسهم نحو أوروبا سيرا على الأقدام، ومن ثم وصلوا إلى نيويورك.
وقد نجح والد كوشنر في إنشاء إمبراطورية عقارية، علما وأنه قضى سنة في السجن لابتزازه شقيق زوجته. ولطالما أراد الأب أن يصبح "أقوى يهودي في أمريكا"، كما قال ذات مرة لأحد شركائه.
اقرأ أيضا : كتاب يكشف ملامح صفقة القرن.. هكذا حضر الأردن والسعودية
وذكرت الصحيفة أن كوشنر تخرّج من جامعة هارفارد وتزوج من عارضة أزياء ثرية للغاية، وعمل محررا في صحيفة "نيويورك أوبزرفر" دون أن يكون لديه أدنى فكرة عن العمل الصحفي.
وقد وصل صهر ترامب فجأة إلى البيت الأبيض دون خبرة سياسية، وأصبح كل من جاريد كوشنر وإيفانكا ترامب "أمراء" في واشنطن يتعاملون بسخط وغموض مع مجموعة من المهام الاستراتيجية الطموحة.
وبحسب الصحفيّة البريطانية، فيكي وارد، في كتابها الصادر مؤخرا بعنوان "مؤسسة كوشنر"، لم يبدأ كوشنر في أخذ السباق الرئاسي لترامب على محمل الجد إلى غاية تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، عندما حضر في اجتماع لترامب في مدينة سبرينغفيلد.
لكن، لا أحد كان يعتقد أن جاريد وإيفانكا كانا يؤمنان بحملة ترامب الشعبوية. ويقول مصدر مجهول في الكتاب: "لقد رأوا في ذلك فرصة لتوسيع شبكة نفوذهم".
وأشارت الصحيفة إلى أن كوشنر سرعان ما سقط ضحية وهمه، وبصفته صهر الرئيس، تحول إلى شخص لا يمكن الاقتراب منه.
وقد كانت تدخلاته في السياسة مزعجة إلى حد بعيد. وسرعان ما ظهرت التوترات بينه وبين وزير الخارجية الأمريكي آنذاك، ريكس تيلرسون.
وفي البداية، أمر كوشنر تيلرسون بالتخلي لصالحه عن مهمة إعادة التفاوض بشأن اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية، ليتولى فيما بعد مسألة الشرق الأوسط.
وبحسب تصريحات أحد مساعديه في كتاب فيكي وارد، كان كوشنر قد قال لتيلرسون: "أريد إسرائيل". وقد فهم تيلرسون أن صهر الرئيس متغطرس للغاية ويفتقر للاهتمام بالتفاصيل.