هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تجاهلت السلطات اللبنانية طلب القضاء الألماني تسليمه مدير المخابرات الجوية في النظام السوري، جميل حسن، "المتهم بارتكاب مجازر إبادة جماعية بحق عشرات الآلاف من السوريين".
يأتي ذلك بعدما كشفت مصادر متطابقة وجود حسن في الضاحية الجنوبية؛ لتلقي العلاج بأحد مستشفياتها.
وقال رئيس الجمهورية ميشال عون إن "الأجهزة الأمنية لم تطلعه على دخول حسن إلى البلاد"، نافيا علمه بما نشرته مجلة دير شبيغل الألمانية عن طلب برلين من السلطات في بيروت تسليم حسن عبر الإنتربول.
وبيّن رئيس مؤسسة لايف لحقوق الإنسان، المحامي نبيل الحلبي، أنّ القانون الألماني يجيز ملاحقة أي شخص ارتكب مجازر تصنف تحت خانة الإبادة الجماعية، وتمثل انتهاكا لحقوق الإنسان، حتى لو يكن الضحايا من حملة الجنسية الألمانية، متابعا في تصريحات لـ"عربي21": "صدر عن القاضي الجزائي البريطاني في حزيران/ يونيو الماضي مذكرة توقيف بحق اللواء جميل حسن قائد المخابرات الجوية لدى النظام المسؤولة عن قتل عشرات الآلاف من المعتقلين السوريين في السجون".
وأشار إلى أنّ "الأنباء تشير إلى وجود الضابط جميل حسن في لبنان لتلقي العلاج في مستشفى الرسول الأعظم في الضاحية الجنوبية، وعلى هذا الأساس طلبت السلطات الألمانية من الجهات اللبنانية تسليم اللواء الحسن استنادا إلى مذكرة التوقيف الصادرة بحقه".
موقف القضاء
وكشف عن أنّ القانون القضائي اللبناني لا يتيح ملاحقة أشخاص متهمين بجرائم ضد الإنسانية على أراضيه؛ لذلك "يفترض أن يسلم لبنان المطلوب إلى السلطات الألمانية عبر الإنتربول"، مقللا من إمكانية هذا الإجراء بالقول: "يكاد يكون من المستحيلات لعجز القضاء اللبناني سابقا وحتى الساعة عن جلب المتهمين في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري"، لافتا إلى أنّ "الأمر سيتكرّر أيضا في مسألة توقيف اللواء جميل الحسن".
ورجح الحلبي ِأن تنفي السلطات في لبنان علمها "بوجود الضابط المطلوب على أراضيها؛ في محاولة للهروب من الطلب الألماني"، وعن تأثير هذه القضية على الثقة في العدالة، قال: "القضاء غير مستقل، وهو يتعرض دائما لتأثيرات السياسيين، والجميع يدرك أنّ الوضع القضائي ليس بخير، خصوصا بعد التشكيلات القضائية المبنية على المحاصصة"، مشيرا إلى أن القضاء بات "مُلحقا بالسياسيين، ولا يتمتع باستقلالية في ظل سيطرة حزب الله وحلفائه من مناصري النظام السوري على البلاد".
وعن مصير اللاجئين السوريين في المرحلة المقبلة، أكد أن "الملف ليس في عهدة اللبنانيين، بل هو مرتبط بالأمم المتحدة والوضع الدولي والجهات المانحة"، مردفا: "الرأي الدولي واضح لجهة عودة اللاجئين بشكل آمن وتحت رعاية دولية، وليس بمقدور أحد في لبنان فرض العودة على اللاجئين".
اقرأ أيضا: موقع روسي: هل تسعى موسكو إلى تلميع صورة حزب الله؟
وأضاف: "هناك حملات تشجيع لإعادة السوريين المقيمين في لبنان إلى بلادهم من دون اللجوء إلى خيارات أخرى، لكن من دون اللجوء إلى الترحيل بالقوة؛ لأن هذا الخيار سيعرض لبنان لعقوبات، خصوصا أنه موقع على اتفاقات دولية تتعلق بحقوق الإنسان".
وتحدّث الحلبي عن "ضغوطات تمارسها بعض الأجهزة اللبنانية على مجتمع اللجوء السوري لدفعهم إلى الرحيل"، مشيرا إلى أن "أغلب المتواجدين من اللاجئين في لبنان هم معارضون للنظام السوري".
"تسييس" القضاء
ورأى رئيس هيئة العلماء المسلمين في لبنان، الشيخ عدنان إمامة، أنّ "القضاء اللبناني مسيس، ويخضع لإملاءات من خارج منظومته"، ولفت إلى أنّ "المحاكم اللبنانية أدانت سابقا اللواء السوري علي مملوك بتهم تدبير تفجيرات في لبنان، والمساس بالسلم الأهلي، عبر الوزير السابق ميشال سماحة، من دون أن يترجم ذلك عملانيا".
وانتقد ازدواجية المعايير في المحاكم اللبنانية، قائلا في تصريحات لـ"عربي21": "عندما يكون المتهمون مستضعفين ينزل بهم القضاء أقصى العقوبات، بينما إذا كانت القضية متعلقة بأشخاص يدعمهم حزب الله والنظام السوري تتبدل المشهدية، ويتحول هؤلاء إلى شرفاء، ومن ثم لا تتم ملاحقتهم"، مذكرا "بما ارتكبه الوزير السابق وئام وهاب من فعل سب وشتم طاول الأعراض ومسّ بالرئيس الراحل رفيق الحريري، وعندما حاول القضاء لعب دوره وتحركت القوى الأمنية لإلقاء القبض عليه، تم اعتراضها، وأتبع ذلك بحملة طاولت الجهاز القضائي والقوى الأمنية، من دون أن يحرك أحد ساكنا".
وعن مصير الموقوفين الإسلاميين في السجون، ومنهم من يحكي عن تعرضهم لتلفيق التهم، قال: "ما دفعنا على الصمت في الفترة الراهنة هو تلقينا وعودا بإصدار قانون العفو العام، وبدا الأمر جديا للغاية خلال لقائنا مع الرئيس الحريري ومستشاره للشؤون القانونية هاني الحجار، كما أنّ البيان الوزاري يتضمن بندا في هذا السياق"، غير أنّه أكد على "أن التصعيد وبالوسائل كافة مطروح في حال لم تتم تسوية قضيتهم في المرحلة المقبلة، فلا يعقل أن تمهد الطرق لإحداث انفراجات في الملفات كافة باستثناء ملف هؤلاء الأبرياء في السجون".