هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
مضى قرابة الشهر على إعلان حركة فتح انطلاق
مشاورات تشكيل حكومة منظمة التحرير، دون أن يكشف حتى هذه اللحظة عن هوية رئيس الوزراء
القادم، في ظل مقاطعة فصائل المنظمة، وهو ما يضع رئيس السلطة محمود عباس أمام تحد يتمثل في تشكيل حكومة
منفردة بقيادة فتح دون مشاركة فاعلة من الفصائل الأخرى.
وكان رئيس حكومة الوفاق الوطني رامي الحمدالله
قد وضع استقالة حكومته تحت تصرف الرئيس، تمهيدا لتشكيل الحكومة القادمة، في حين
أشار مراقبون إلى أن سيناريو استمرار حكومة الوفاق كحكومة تسيير أعمال قد وضعه
الرئيس كأحد الخيارات لتجاوز معضلة تشكيل حكومة منظمة التحرير في ظل مقاطعة كل من
الجبهتين الشعبية والديمقراطية والمبادرة الوطنية.
القرار بيد الرئيس
من جانبها أشارت عضو اللجنة المركزية لحركة
فتح، دلال سلامة، إلى أن "قيادة حركة فتح ممثلة باللجنة المركزية والمجلس
الثوري أنهت اجتماعا مطولا يوم الاثنين في رام الله، وتم رفع التوصيات الخاصة بهذا
الاجتماع للرئيس محمود عباس وقد تضمنت توافق اللجنة على ترشيح أحد أعضاء اللجنة
المركزية لرئاسة الحكومة القادمة ووضع اللمسات الأخيرة في ما يخص برنامج عمل
الحكومة إضافة إلى استعراض نتائج المشاورات التي عقدتها الحركة مع فصائل المنظمة
وتقييم المواقف حولها".
وتابعت بأن "القرار النهائي بات بيد الرئيس
للبت في شخصية رئيس الوزراء القادم، ومن الممكن أن يصدر التكليف خلال الأيام
القلية القادمة".
وأضافت سلامة في حديث لـ"عربي21" أن
"باب الحوار مع فصائل منظمة التحرير لا يزال مفتوحا، ونحن على استعداد لتوضيح
ماهية التكليفات التي سيتم توزيعها على الفصائل المشاركة في الحكومة، وهذه
المسؤولية ستقع على عاتق رئيس الوزراء المكلف حين صدور مرسوم من الرئيس
بذلك".
وفي معرض ردها على سؤال ما هي طبيعة برنامج عمل
الحكومة القادمة، أوضحت سلامة أن "برنامج الحكومة القادمة هو مطابق لبرنامج
الرئيس الفلسطيني وحركة فتح"، مضيفة "ليس هنالك أي سقف زمني لعمل
الحكومة" في إشارة إلى استمرارها بغض النظر عن نتائج الانتخابات التشريعية
المزمع إجراؤها منتصف العام الحالي.
إقرأ أيضا: فتح توصي عباس بعدم الاجتماع مع فصائل لا تعترف بمنظمة التحرير
وتواجه الحكومة المرتقبة العديد من التحديات،
فبعد قرار الجانب الإسرائيلي باحتجاز ما قيمته نصف مليار شيكل من عائدات الضرائب،
باتت السلطة تحت تهديد عدم قدرتها على صرف رواتب موظفيها في موعدها المقرر نظرا
لما تمثله إيرادات المقاصة في تمويل الخزينة العامة، بالإضافة لتحدي إجراء
الانتخابات التشريعية في قطاع غزة والقدس.
ضغوط فتحاوية
من جانبه أشار أستاذ العلوم السياسية في جامعة
النجاح، رائد نعيرات، إلى أن "القراءة الأولى لسير الأحداث يشير إلى أن
الرئيس الفلسطيني تعرض لضغط من قبل اللجنة المركزية لحركة فتح للاستعجال في إقالة
الحمد لله بعد أن بات يشكل خطرا على وجودهم في دوائر صنع القرار، وهذا ما دفع
الرئيس إلى التريث وعدم الانجرار إلى رغبات قيادات فتح التي باتت تدرك أن الرئيس
على مشارف انتهاء حياته السياسية بعد أن تجاوز 84 من عمره، وبذلك هم يحاولون
الإسراع في تقلد مواقع قيادية في الحكومة أو السلطة قبل فوات الأوان".
وأضاف نعيرات لـ"عربي21" "كما
يشير سلوك الرئيس إلى أنه يترقب سير الانتخابات الإسرائيلية، ففي حال فشل نتنياهو
في تشكيل الائتلاف الحاكم، فإن الفرصة مواتية أمام خصومه من المعسكر الصهيوني أو
الوسط اليميني إما لتوقيع اتفاق سلام كما حدث في أوسلو، أو إعادة تنظيم العلاقات
بين الطرفين، لذلك يحاول الرئيس ألا يخلط الأوراق في هذه الفترة الحساسة".
أما الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني، فرأى
أن "التحدي الذي خلفه قرار إسرائيل باحتجاز نصف مليار شيكل من أموال المقاصة،
قد يكون سببا وراء تأخر الإعلان عن هوية رئيس الحكومة القادمة، فهذا المبلغ الكبير
إذا ما تم احتسابه مع الخصومات السابقة كتعويضات العملاء وتراجع الدعم الخارجي
للسلطة بنسبة كبيرة خلال السنوات الماضية، فهذا كفيل بوضع أي حكومة أمام تحدٍ
اقتصادي ومالي قد لا يكون في صالحها".
وأضاف الدجني لـ"عربي21": "البعد
الأخر يتمثل في عدم رغبة الرئيس بتشكيل حكومة منفردة من حركة فتح، لذلك فهو يعول
على عامل الوقت على أمل أن تغير بعض القوى السياسية التي رفضت المشاركة في الحكومة
تحديدا قوى اليسار من التحفظات التي أبدتها من هذه الحكومة".