هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر أحد الجروبات الخاصة بالقضاة في مصر رفض وزير المالية لقرار رئيس مجلس القضاء الأعلى بزيادة رواتب القضاة مجددا 4000 جنيه شهريا، ما اعتبره البعض ضربة مؤلمة من النظام لجماعة القضاة، خاصة أنهم طلبوا زيادة رواتبهم من المجلس الأعلى للقضاء قبل شهر.
وكانت "عربي21" قد انفردت قبل شهر بنشر استغاثة بعض القضاة من غلاء المعيشة، عبر خطاب موجه من رئيس نادي القضاة لمجلس القضاء الأعلى يطالبه بإعانة عاجلة لهم ورفع رواتبهم.
وفي الوقت الذي يشكو فيه القضاة من سوء أوضاعهم وعدم المساواة، يعاني ملايين المصريين من أزمات معيشية طاحنة؛ بسبب سياسات النظام العسكري الحاكم السياسية والاقتصادية، التي أدت خلال السنوات الماضية لزيادة نسب الفقر بالبلاد لأكثر من 30.2 بالمئة من الشعب، الذي يبلغ تعداده نحو 98 مليون نسمة بالداخل.
للتأكيد أنه ولي نعمتهم
وفي تعليقه، قال المستشار (م.ج): "بلا شك أن مثل ذلك الرفض لزيادة رواتب القضاة رغم طلبهم لها يعد مهانة يجب ألّا تمر مرور الكرام من قبلهم"، موضحا أن "لهم ميزانية مستقلة تم وضعها بيد (مجلس القضاء الأعلى)، ولا يجوز بأي حال من الأحوال للسلطة التنفيذية أن تتغاضى عن طلب من السلطة القضائية ممثلة بمجلسهم الأعلى".
القاضي الذي رفض ذكر اسمه بحديثه لـ"عربي21"، أكد أنه "في الظروف الطبيعية يجب ألّا يتم مناقشة ما يقرره القضاة، لكن للأسف في ظل قضاء الانقلاب كل ما لا يقبل أصبح أمرا معتادا"، مدللا على ذلك بـ"صدور القانون الذي أعطى لرئيس الجمهورية حق اختيار رؤساء مجالسهم العليا".
وحول مدى اعتقاده بأن هذا يعد انقلابا من النظام بحق قضاة أيدوه وساندوه ومرروا أحكامه المسيّسة، قال: "لا أعلم يقينا سبب الامتناع عن إجابة طلبات القضاة، لكن لا أظن أنه انقلاب من النظام عليهم بقدر ما هو تعمد إرسال رسالة إليهم بأن مجلسهم الأعلى وناديهم لا يملك لهم شيئا".
ويرى أن "الهدف الأوضح هو إظهار أن أي مميزات تمنح للقضاة لن تأتيهم إلا من تحت يد السلطة التنفيذية"، مضيفا: "ولا أستبعد أن يتم زيادة رواتبهم مستقبلا، لكن بعد إفهامهم من هو ولي نعمتهم".
وبشأن توقعاته لرد فعل القضاة، قال: "لا شيء، سوى بعض الأحاديث الجانبية فيما بينهم، تعبيرا عن استيائهم مما حدث لهم في الغرف المغلقة، وقد يصدر تصريح هنا أو هناك من ناديهم لحفظ ماء الوجه لا أكثر، لكن، عمل جماعي منظم لا أظن".
أخذوا كفايتهم سابقا
من جانبه، يرى الحقوقي المصري، محمد زارع، أن "زيادة رواتب القضاة والشرطة والجيش أخذت كل الاهتمام في السنوات السابقة من النظام، ونالوا حقوقهم بالمقارنة بفئات الشعب الأخرى".
نائب رئيس الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، أكد لـ"عربي21" أن "رفضه زيادة رواتب القضاة مجددا لا أعتقد أنه انقلاب عليهم، لكنه يحاول زيادة السيطرة عليهم بأدواته، مستخدما الدستور والقانون والواقع الذي مارسه مع قضاة (مجلس الدولة)، وإقالة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات أيضا"، موضحا أن "لديه أدوات السيطرة على كل الفئات، ويرغمهم على قرارات وأسلوب معين لإدارة مؤسساتهم الداخلية".
وأشار زارع إلى أن "ما حدث مع المحكمة الدستورية بقضية (تيران وصنافير) يؤكد سيطرته على القضاة"، متوقعا أنهم "طلبوا أشياء خارج الميزانية أو أنه تعامل معهم حسب ميزانيتهم دون إرهاق لميزانية الدولة"، موضحا أن رأس النظام "قادر على إدارة الأمر دون مشاكل، وأنهم يشتغلون جميعا ضمن منظومة هو صنعها، وقادر أن يسيطر عليها".
وبيّن رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، أنه بالمقابل فإن "الحد الأدنى للرواتب (1200 جنيها) لم يتم تطبيقه، والرواتب المتدنية للمدرسين والأطباء وغيرهم لم يتم تعديلها، ورفضه زيادة رواتب القضاة 4 آلاف جنيه رسالة أنهم أخذوا كفايتهم سابقا".
وحول توقعاته لردود فعل القضاة، أكد أنهم تابعون له، وهو قادر على التلاعب بهم، وأخذ ما يريد كصاحب للكلمة العليا، ورغم أنه غير مسيطر بنسبة مئة بالمئة، إلا أن الأمور تسير كما يحلو له".
أزمة التعديلات تطال القضاة
وتحدث الكاتب الصحفي محمد بصل عن أزمة القضاة في ظل التعديلات الدستورية المقترحة بالبرلمان، مشيرا إلى أن التعديلات تشمل "إلغاء نظام انتخاب رئيس المحكمة الدستورية العليا من قبل الجمعية العامة للمحكمة والمعمول به من 2012، بأن يختار رئيس الجمهورية رئيس المحكمة من بين أقدم 5 أعضاء بها".
وتشمل التعديلات كذلك "إلغاء نظام تعيين أعضاء المحكمة الدستورية الجدد باختيار الجمعية العامة للمحكمة المعمول به من 2012، بأن يختار الرئيس العضو الجديد"، وأيضا "تغيير نظام تعيين رئيس وأعضاء هيئة مفوضي المحكمة الدستورية، حيث يعينون بقرار رئيس الجمهورية".
وإلى جانب ما سبق، يتم "تغيير نظام تعيين رؤساء جميع الجهات والهيئات القضائية، حيث يختار رئيس الجمهورية رئيس الهيئة"، إضافة إلى "إنشاء مجلس أعلى للجهات والهيئات القضائية برئاسة رئيس الجمهورية، وينوب عنه وزير العدل".
كما يتم اختيار النائب العام بقرار من رئيس الجمهورية من بين 3 قضاة يرشحهم مجلس القضاء الأعلى، من بين نواب رئيس محكمة النقض ورؤساء الاستئناف والنواب العموم المساعدين، بينما دستور 2014 كان يمنح سلطة الاختيار مطلقة لمجلس القضاء.
كما تلغي التعديلات الدستورية "اختصاص مجلس الدولة بالمراجعة الإلزامية لجميع مشروعات القوانين قبل إصدارها، ليختص المجلس -فقط- بمراجعة مشروعات القوانين التي تحال إليه"، وبالتالي أصبح العرض عليه جوازيا، ولم يعد تجاهله سببا لبطلان إجراءات إصدار القوانين.