هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تقول مصادر متعددة بأنها حقوقية "جريئة" تتمتع بسيرة "مهنية احترافية"، ومدافعة "صلبة " عن حقوق الإنسان وحرية التعبير والإعلام، وعادة ما تصفها مواقع فرنسية وأممية بأنها بسيدة "لا تعرف الكلل".
وأحيانا أخرى توصف المحققة أغنيس كالامارد، بأنها "المرأة الخارقة" في مجال قضايا الحريات لإسهاماتها "القوية" في الأوساط الأكاديمية، والمجتمع المدني، وفي الأمم المتحدة.
تنتظر هذه السيدة الحاصلة على شهادتها الجامعية الأولى في الدراسات السياسية في جامعة "غرينوبل" الفرنسية في عام 1985، والماجستير من جامعة " هاورد" في الدراسات الدولية الأفريقية، و الدكتوراه في العلوم السياسية من "المدرسة الجديدة للبحوث الاجتماعية" في نيويورك، مهمة محفوفة بالعراقيل وشح المعلومات.
نشرت الفرنسية المولد، أغنيس كالامارد، دراسات عدة حول العلاقة بين حرية التعبير والمساءلة والشفافية والتمييز والتعصب، ودراسات أخرى على نطاق أوسع في مجال حقوق الإنسان، وحقوق المرأة وتحركات اللاجئين.
في عام 2003، أسست كالامارد "الشراكة الإنسانية للمحاسبة "، وهي الآن جزء من تحالف "القيم الجوهرية الإنسانية"، التي تعد أول هيئة ذاتية التنظيم للمنظمات الإنسانية، و كانت منسقة أبحاث السياسات في "منظمة العفو الدولية"، وعملت في "مركز دراسات اللاجئين" في تورونتو بكندا.
كما عملت كالامارد مديرة تنفيذية لـ"منظمة المادة 19" بين الأعوام 2004 و2013، وهي منظمة مقرها بريطانيا مكرسة لحماية وتعزيز حرية التعبير والإعلام، وشهدت المنظمة نموا كبيرا تحت إدارتها من ناحية التأثير والتوزع الجغرافي.
كما كانت عضوا في مجلس إدارة "أيفكس" وهي شبكة عالمية من منظمات الدفاع وتعزيز حرية التعبير. وتشغل حاليا موقع مديرة "برنامج حرية التعبير العالمي" في جامعة " كولومبيا" الذي أُطلق في عام 2014 لاستطلاع وتوثيق وتعزيز حرية التعبير.
في عام 2016، عينت كالامارد مقررا خاصا للأمم المتحدة لمتابعة عمليات الإعدام مع تفويض لدراسة حالات الإعدام خارج نطاق القضاء .
أخر وأحدث مهمة كلفت بها كالامارد، هي التوجه إلى تركيا لرئاسة تحقيق دولي مستقل في مقتل الصحافي السعودي، جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وأوضحت كالامارد في تصريحات صحفية أنها ستنقل نتائج تحقيقها في مقتل خاشقجي لـ"مجلس حقوق الإنسان" التابع للأمم المتحدة بجنيف في حزيران/ يونيو المقبل، مضيفة من أمام القنصلية السعودية بإسطنبول أن "التقرير سينشر قبل أن أقدمه لمكتب حقوق الإنسان، أي ربما في نهاية أيار/ مايو".
وبعد مرور أكثر من مئة يوم على مقتل خاشقجي، لا يرى مراقبون أن طريق كالامارد سيكون مفروشا بالورود، بل ربما تكون المطبات والعوائق أكثر من التسهيلات، في ظل محاولات الرئيس الأميركي دونالد ترامب " التستر" على ذلك، بالرغم مما توصلت إليه وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي) من نتائج صادمة لترامب ومخالفة لتصريحاته.
ورغم أن كالامارد لم تصرح بالكثير حول قضية خاشقجي، إلا أن موقفها الرسمي الوحيد الذي صدر كان كافيا، ويظهر حماسها لإجراء تحقيق دولي، حيث أعلنت في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أن قتل خاشقجي "إعدام خارج نطاق القضاء" مطالبة بفتح تحقيق دولي في هذه القضية.
وأكدت في مؤتمر صحافي عقدته بنيويورك، وقتها أنه "حتى المملكة العربية السعودية نفسها أقرت بأن الجريمة تمت عن سابق تصور وتصميم، وبأن مسؤولين في الدولة ضالعون فيها".
وتساءلت حينها "هل تصرف هؤلاء باسم الدولة أم لا ؟ هو أمر لا يزال يتعين البحث فيه وتوضيحه، ولكن من حيث أقف، من وجهة نظر القانون الدولي لحقوق الإنسان، فإن هذه كلها علامات على إعدام خارج نطاق القضاء، وإلى أن يثبت لي خلاف ذلك، علينا أن نفترض أن الحال هو كذلك".
وحول صعوبة المهمة، قالت في ذلك الوقت إنه "نظرا إلى طبيعة الجريمة، وإلى الضحية، وإلى الأشخاص المتورطين فيها، وإلى موقع حصولها داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، ولأننا نتحدث عن جريمة ضد صحافي، لكل هذه الأسباب، نعتقد أن تحقيقا دوليا يجب أن يحصل".
وشددت كالامارد على أنه يتعين على السلطات السعودية أن تثبت أن الحال ليست كذلك. قائلة :"لا توجد معلومات حتى الآن تفيد بأنهم تصرفوا بطريقة مارقة".
يذكر أن روايات السعودية المتعددة والمتغيرة حول مصير خاشقجي والتي تدرجت من القول أولا أنه لم يقتل وخرج حيا من القنصلية، ومن ثم الاعتراف بمقتله في "عراك بالأيادي" داخل القنصلية ثم "بالخنق"، قوبلت بانتقادات وتشكيك كبيرين من عدد كبير من الدول والمنظمات الدولية التي طالبت بإجابات صريحة وواضحة حول هذه الجريمة والمتورطين فيها وبالكشف عن مصير الجثة.
وسخرت كالامارد في تدوينة سابقة لها كذلك من تعامل الرئيس ترامب في قضية خاشقجي، وكتب على حسابها في "تويتر" إنه "من الصعب مشاهدة البيت الأبيض والرئيس الأمريكي ينقذون حياة ديك رومي (في إشارة إلى عفو ترامب عن ديك رومي في عيد الشكر) ويتجاهل الأدلة والآثار المترتبة على جريمة قتل خاشقجي البشعة".
وقتل خاشقجي، وسط تكهنات بتقطيع جثته داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، في عملية أكدت الرياض بعد أسابيع من النفي أن عناصر أمن سعوديين نفذوها "خارج إطار صلاحياتهم".
وأعلن النائب العام السعودي، أن التحقيقات أظهرت وفاة خاشقجي خلال شجار في القنصلية السعودية، وأكدت النيابة العامة أن "تحقيقاتها في هذه القضية مستمرة مع الموقوفين على ذمة القضية والبالغ عددهم حتى الآن 18 شخصا جميعهم من الجنسية السعودية، تمهيدا للوصول إلى كافة الحقائق وإعلانها، ومحاسبة جميع المتورطين في هذه القضية وتقديمهم للعدالة". بحسب بيان النيابة.
وعلى خلفية الواقعة، أعفى الملك سلمان بن عبد العزيز، مسؤولين بارزين بينهم نائب رئيس الاستخبارات أحمد عسيري، والمستشار بالديوان الملكي، سعود بن عبد الله القحطاني، وتشكيل لجنة برئاسة ولي العهد محمد بن سلمان، لإعادة هيكلة الاستخبارات العامة.
وفي 3 كانون الثاني/ يناير الماضي، أعلنت النيابة العامة السعودية عقد أولى جلسات محاكمة مدانين في القضية، إلا أن الأمم المتحدة اعتبرت المحاكمة "غير كافية"، وجددت مطالبتها بإجراء تحقيق "شفاف وشامل".
ويرافق كالامارد في تحقيقها المحامية البريطانية هيلينا كينيدي، والرئيس السابق للأكاديمية العالمية للطب الشرعي دوارتي نونو فييرا.
وستحاول المحققة والسلطات التركية حل ثلاثة ألغاز لا تزال عالقة حول مقتل خاشقجي تتعلق بمكان الجثة وكيف تم التخلص منها، وما هي هوية المتعاون المحلي الذي قيل أنه تسلم الجثة و"تصرف بها"، والأمر الأهم " من أمر بعميلة القتل؟". لكنها ستكون مهمة شبه معقدة لتداخل وتشابك وتعدد أطرافها ولقلة الأدلة المادية حول الجريمة.
هل نحن هنا أمام "المهمة المستحيلة" أو "الجريمة الكاملة"؟. السيدة التي "لا تعرف الكلل" قد تجيب عليها أو على بعضها، أو تضيف رواية أخرى جديدة إلى الروايات المتداولة.