هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "ديلي بيست" تقريرا لمراسلته في موسكو آنا نمتسوفا، تقول فيه إن فنزويلا أصبحت ساحة حرب بالوكالة بين موسكو وواشنطن.
وتقول نمتسوفا إن القتال في الوقت الحالي سياسي ومالي ودبلوماسي، أما العناوين التي تحدثت عن حرب عالمية ثالثة، مثل ذلك الذي ظهر في صحيفة "ديلي إكسبرس" فهي مبالغ فيها.
ويستدرك التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، بأن هناك مؤشرات مقلقة لاحتمال وقوع نزاع عسكري، حيث هناك تقارير تحدثت عن متعاقدين عسكريين روس على الأرض، فيما يلوح مستشار ترامب للأمن القومي جون بولتون بلافتة كتب عليها "5 آلاف جندي إلى كولومبيا"، جارة فنزويلا.
ويجد الموقع أنه مع تكرار الرئيس ترامب للتعويذة ذاتها بأن "الخيارات كلها مطروحة على الطاولة"، وحديث المتحدث باسم بوتين الخجول حول ما إذا تم إرسال مرتزقة "واغنر" أم لا إلى فنزويلا، فإن عدم الوضوح من الطرفين يجعل الوضع أكثر تقلبا.
وتقول الكاتبة: "أما السيناريو الأكثر إقلاقا لموسكو حاليا فهو أن تتحرك حكومة الرئيس خوان غوايدو مدعومة من أمريكا ضد العناصر الروسية في فنزويلا، وفي الوقت ذاته تحذر أمريكا من أي إجراءات ضد الدبلوماسيين الأمريكيين من حكومة نيكولاس مادورو، المدعومة من الكرملين".
ويشير التقرير إلى أن الكرملين يدعو فصيل غوايدو بألا يصبح "بيادق في لعبة الغرباء الإجرامية القذرة"، في وقت يفترض أن تكون موسكو الصديق الحقيقي للشعب الفنزويلي، لافتا إلى قول وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يوم الاثنين إن تدخل ترامب دعما لغوايدو "مدمر".
ويذكر الموقع أنه لتأكيد تصريحات روسيا، فإنها قامت بالاشتراك مع إيران -وهي هدف آخر لترامب- بتحذير واشنطن من التدخل، وعرضتا الوساطة، و"هذا تحالف واقتراح أصبح معروفا من تاريخ الشرق الأوسط الحديث".
وتقول نمتسوفا: "يمكن للرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن يلعب مع ترامب في فنزويلا لعبة شبيهة بتلك التي لعبها مع إدارة أوباما في سوريا، ابتداء من عرض المساعدة لحل الأزمة، ثم يتحرك هو وإيران لدعم حليفهما في حملة لسحق أعدائه".
ويلفت التقرير إلى أنه "من أي زاوية نظرت إلى الموضوع فإن لدى بوتين الكثير ليخسره في فنزويلا، وتظهر الاستطلاعات المستقلة بأن الدعم الشعبي له في روسيا انخفض إلى أدنى مستوياته، حيث وصل إلى 33.4%، وأن يخسر صديقه مادورو السلطة فإن ذلك سيكون مخزيا له".
وينوه الموقع إلى أن هناك مسألة الأموال، فروسيا تمتلك أسهما في خمسة من حقول النفط الرئيسية، وحصة كبيرة في الغاز الطبيعي الفنزويلي، بالإضافة إلى أن مادورو عقد صفقة مع موسكو تعطيها السيطرة على 49.9% من شركة "سيتغو"، التي تدير ثلاث مصافي بترول على الساحل الجنوبي للولايات المتحدة.
وتفيد الكاتبة بأن مادورو قام بزيارة الشهر الماضي لموسكو لمدة ثلاثة أيام، وأكد عدة صفقات، وقال على التلفزيون الفنزويلي: "لقد وقعنا عقودا لضمان استثمارات بأكثر من 5 مليارات دولار مع شركائنا الروس في مشاريع مشتركة لرفع إنتاج النفط.. بالإضافة إلى أننا ضمنا استثمارا بقيمة مليار دولار للتنقيب عن الذهب بشكل رئيسي".
ويلاحظ التقرير أن فنزويلا لديها أكبر احتياطي نفط مثبت في العالم، فيما تأتي إيران في المرتبة الرابعة في العالم، وروسيا الثامنة، مشيرا إلى أنه بعملها معا تكون قوتها الممكنة في السوق العالمية ضخمة جدا.
ويبين الموقع أنه إضافة إلى ذلك كله، فإن هناك مبيعات الأسلحة، فبين عامي 2001 و2013، تحت حكم مادورو وسلفه ومعلمه هيوغو شافيز استوردت فنزويلا أسلحة روسية قيمتها 14 مليار دولار، فيما جيش البلاد معد بمدفعيات ومدرعات روسية، وفي عام 2008 قامت شركة "روزفوروزهينيا"، التي تملكها الحكومة الروسية، بتصدير 24 طائرة سوخوي لفنزويلا.
وتشير نمتسوفا إلى أن وزارة الدفاع الروسية ترى في فنزويلا القاعدة المثالية للتأثير على كوبا وبوليفيا ونيكاراغوا وإكوادور، التي تتعامل أيضا مع شركة "روزفوروزهينيا" وشركة "روزبرون إكسبورت"، لافتة إلى أن هناك حوارا على مدى سنوات بين الخبراء العسكريين الروس حول ما إذا كان على موسكو أن تنشئ قاعدة دائمة في فنزويلا، مع أن الكثير منهم اعتبر أن المشروع مكلف ومستفز وغير مجد، و"ربما الآن يعيد الكرملين حساباته".
ويورد التقرير نقلا عن المحلل السياسي المقرب من إدارة الكرملين سيرغي ماركوف، قوله إن موسكو أرسلت متعاقدين أمنيين خاصين لتعزيز أمن الأفراد الروسي، وحماية بعض المنشآت الحيوية لمادورو، وأضاف ماركوف: "لدينا مطار لهبوط الطائرات الروسية في الحالات الطارئة في فنزويلا، حيث استثمرنا حوالي 17 مليار دولار.. وتوفر الوحدات الروسية الخاصة بالطبع الأمن لحقول الغاز، حيث يعمل خبراء شركة (روزنيفت)، ولخبرائنا العسكريين الذين كانوا يقومون بتدريب الجيش المحلي".
ويلفت الموقع إلى أن الربط بين مادورو وبوتين وثيق إلى درجة أنه عندما بدأت المظاهرات ضد مادورو الأسبوع الماضي في شوارع العاصمة الفنزويلية، فإن الحوارات اشتعلت على منصة فكونتاكتي الروسية للتواصل الاجتماعي، حول ما إذا أطيح بمادورو، وهل سيكون الدور على بوتين بعده.
وقال ماركوف لـ"ديلي بيست": "زحف أمريكا القاتل الذي يطيح بالزعماء المنتخبين تهديد خطير لروسيا، حيث الطابور الخامس والطابور السادس في النخبة السياسية يخنقون شعبية بوتين، متعمدين لجلب زعيم مؤيد لأمريكا إلى السلطة".
وأضاف ماركوف للموقع: "ترامب عدو بوتين في فنزويلا، حيث قمنا باستثمار مليارات الدولارات، وبعنا الأسلحة، واستكشفنا حقول الغاز، ودربنا الجيش المحلي ونشتري (منهم) النفط.. وخبراؤنا الذين يعملون هناك عملوا سابقا في الحرب في سوريا".
وتقول الكاتبة: "تتبادر الى ذهن كثير ممن يعيشون في روسيا مقارنة أخرى، حيث يقارنون الوضع في فنزيلا مع أوكرانيا عام 2014، حيث يقولون بشيء من النكتة إن الكرملين قد يتخلى عن دعم مادورو، ويقومون بإنقاذه كما أخلوا الزعيم الأوكراني المخلوع فكتور يانوكوفيتش، بعد انتفاضة الميدان".
وبحسب التقرير، فإن جهود موسكو لدعم مادورو لم تكن في الماضي ناجحة جدا، وعمل فريق من وزارة التطوير الاقتصادي الروسية العام الماضي في فنزويلا مستشارين لمادورو، في محاولة لمكافحة التضخم الكبير، وذلك بإيجاد عملة رقمية اسمها "بترو" لكنها لم تنجح.
وينقل الموقع عن رئيس تحرير مجلة Russkiymir.ru جورجي بوفي، قوله: "من الصعب تخيل وضع أسوأ من ناحية الفساد الشامل والجريمة، أكثر منه في فنزويلا.. وقد يظن الشخص أن من مصلحة الكرملين أن يتقرب من المعارضة، لكن رجالنا متأخرون دائما، فيذهبون للساحة بعد أن تكون المواقع القوية كلها قد ذهبت لأشخاص يميلون للقوى الغربية".
ويختم "ديلي بيست" تقريره بالقول إن "ذلك قد يكون صحيحا، لكن إن أخذنا سوريا نموذجا، فإن تلك هي بداية الحرب الحقيقية".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)