هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثارت الخطط والتوجهات الجديدة لهيئة الترفيه السعودية،
بفتح المقاهي والمطاعم أمام الحفلات الغنائية، والعروض السحرية حول العالم فضلا عن
استقدام مصارعة الثيران الإسبانية لـ"بلاد الحرمين" تساؤلات بشأن تحول البلاد إلى دولة علمانية، في ظل اعتمادها
الشريعة الإسلامية أساسا للحكم.
وجاء في المادة الأولى للنظام الأساسي في المملكة
"الدستور"، ما نصه: "المملكة العربية
السعودية دولة عربية إسلامية ذات سيادة تامة، دينها الإسلام ودستورها كتاب الله تعالى
وسنة رسوله ولغتها هي اللغة العربية. وعاصمتها مدينة الرياض".
ومنذ صعود ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للحكم "كسرت"
العديد من الموروثات والمحرمات في المملكة، والتي كانت تصدر الفتاوى بشأنها بشكل
دوري من كبار العلماء، وباسم الدولة السعودية.
إقرأ أيضا: إمام سابق للحرم المكي يشيد بهيئة الترفيه وآل الشيخ (شاهد)
وما يشير إلى توجهات "فصل الدين عن الدولة"
السماح لكل ما كان يعد محرما في الماضي، بفتاوى رسمية وهو ما يظهر بشكل واضح عند
مقارنة خطط هيئة الترفيه وفعالياتها، بما جاء في الموقع الرسمي للرئاسة العامة
للبحوث العلمية والإفتاء وهي الجهة الرسمية المسؤولة عن الفتاوى الشرعية بالمملكة.
ويزدحم موقع الهيئة بمئات الفتاوى التي تحرم افتتاح دور
السينما وإقامة الحفلات الغنائية، ودور اللهو ومصارعة الثيران، بل وحتى كانت تحرم
قيادة المرأة للسيارة، وعلى الرغم من ذلك كسرت كل تلك الفتاوى وأجيزت "أغلب
المحرمات"، دون فتاوى من المؤسسة الدينية.
الدكتور محمد الصغير المستشار السابق لوزير الأوقاف
المصري قال إن السعودية "لم تتحول للعلمانية فحسب بل تريد رفع لواء العلمانية
في المنطقة وتسعى للصدارة".
وأوضح الصغير لـ"عربي21" أن ولي العهد السعودي
محمد بن سلمان "يسابق الزمن للنجاح بما فشل فيه زعماء عرب آخرون، بنشر
العلمانية في بلادهم والتأسيس لمملكة سلمانية، على أسس تخالف ما قامت عليه المملكة
الأولى، من تحالف بين التيار الديني والسياسي".
وشدد العالم الأزهري على أن السعودية "تتعامل
بمسارين مع الإرث الديني والشرعي في البلاد، الأول عبر الصمت المطبق للعلماء وكأن
شيئا لا يجري، والثاني من خلال المسايرة والمباركة، كما بدا واضحا في حفل هيئة
الترفيه الأخير وحضور الشيخ عادل الكلباني إمام الحرم السابق، وأحد رموز الدعوة في
الرياض، والذي حظي بمصافحة خاصة من تركي آل الشيخ وكأنها مباركة".
إقرأ أيضا: المغنية العالمية ماريا كاري تحيي حفلا في السعودية (شاهد)
لكن الصغير رأى أن السعودية التي كانت تحكم بـ"أشد
الأقوال والآراء الشرعية، ستوفر الترفيه لأهل الحكم وللطبقة التي تتمتع
بالبحبوحة"، وفي المقابل فإن "بقية الشعب السعودي، ستواصل العيش تحت خط
الفقر".
وعلى صعيد تركيبة المجتمع السعودي وتقبله لهذه الخطوات،
قال: "المجتمع لا يقبل هذا العبث بسبب محافظته وحتى غير المتدين هو محافظ،
رغم ما نراه من شخصيات تظهر على الإعلام للترويج لهذه الفعاليات، وكأن كل الشعب
السعودي يتقبلها".
وأضاف الصغير: "ما يقوم به ابن سلمان هو زرع في غير
أرضه، والهدف هو رضا من يسمح له بالبقاء على الكرسي، وليس الشعب".
حلف سياسي
من جانبه اختلف الداعية والباحث الإسلامي الدكتور عصام
تليمة مع الصغير، بشأن تحولات السعودية نحو العلمانية، وقال إن ما كان سابقا عبارة
عن "حلف سياسي بين ابن سعود، ومحمد بن عبد الوهاب وليس حلفا دينيا".
وأشار تليمة لـ"عربي21" إلى أنه "رغم وجود العديد من العلماء المعتبرين، فإنه على صعيد آخر كان شكل الدولة مجرد
قشرة، وكل الأفعال التي تقوم بها هيئة الترفية اليوم، كان بعضها يمارس على نطاق
ضيق".
ونفى أن يكون الهدف من توجهات وتحركات ولي العهد السعودي
هو "علمنة الدولة"، والسماح لكافة الفئات بممارسة ما تريد. وتساءل:
"وإلا لماذا قام بسجن العلماء سواء من كان يعارضه، أو حتى من صمت ولم يبد
رأيا؟".
وأضاف تليمة: "الجاري اليوم هدم للصورة النمطية
السابقة عن المملكة، ورسم صورة أخرى والبدء من جديد، إرضاء للغرب من أجل الاستمرار
في الحكم، مهما كلف الثمن، ولو كان الصدام مع موروثات الشعب".
وتساءل: "القتل والتعذيب وتذويب الجثث والتحرش
الجنسي بالنساء المعتقلات في السعودية، وسجن علماء الدين وفعل الكثير من المنكرات،
هل يمكن تسمية هذا حكما بالشريعة الإسلامية ودولة دينية؟".
إقرأ أيضا: عشرات الفتاوى لـ"الإفتاء" السعودية تحرم خطط هيئة الترفيه