هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "هاكرنون" الأمريكي مقال رأي للخبير المعلوماتي الأمريكي، نيك سوكينيك، تحدث فيه عن ظهور بوادر نهاية العصر الذهبي لموقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي.
وفي الوقت الحالي، تغير فيسبوك من كونه موقعا يتخذ من تعزيز التواصل بين الناس هدفا له إلى منصة لجمع بيانات المستخدمين.
وقال الكاتب، في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، إنه سبق له العمل مع موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي لمدة ستة أشهر، لكنه اختار مغادرة الشركة والاستقالة لأن المهام الموكلة إليه كانت لا ترقى إلى مستوى تطلعاته والآمال التي عقدها قبل الانضمام إلى طاقم العمل. ويبدو أن فيسبوك لا يعزز الترابط الاجتماعي بين الناس كما يدعي القائمون عليه.
وأضاف الخبير المعلوماتي أن موقع فيسبوك يضر المستخدمين والعالم أكثر من النفع الذي يعود به عليهم، حيث يعمل على نشر الكراهية والعنف في صفوف مستخدميه. ولعل سعي إدارة فيسبوك لشراء جميع التطبيقات المنافسة تمثل دليلا على بداية انهيار الموقع، وهو ما يطرح تساؤلا جليا حول ما إذا كان هدف فيسبوك يتمحور فعلا حول جعل الناس أكثر ترابطا واتصالا فيما بينهم، أم أنه لا يتعدى كونه محاولة للحفاظ على السيطرة على أكبر مجموعة بيانات في التاريخ.
ومن منظور تقني، يعتبر ما قامت به فيسبوك حتى الآن بمثابة إنجاز فعلي، لكنه لا يتعدى كونه فكرة بغيضة إذا ما درسناه من منظور اجتماعي. ويمكن القول إن قوة فيسبوك وهيمنته تشكل تهديدا على المجتمع نفسه، لا سيما وأنه يمتلك القدرة على التأثير في عواطف الناس وتهديد الديمقراطية وانتهاك الخصوصية، ناهيك عن قدرته المحتملة على تعميق الصراعات العنيفة.
وأوضح كاتب المقال أن هذه الأسباب تدفعنا إلى التفكير في تقبل سقوط فيسبوك واعتبار ذلك أمرا طبيعيا لا يمكن تفاديه بدلا من الاعتماد على إدارته لتجعله أكثر مسؤولية. ويجدر بنا الابتعاد عن مواقع التواصل الاجتماعي المخصصة للحديث عن جميع المواضيع وبدأ تجربة استخدام مواقع قوامها التخصص، بمعنى المواقع التي تتخذ من هدف معين مجالا للخدمات التي تقدمها.
وبين الكاتب أن مستقبل مواقع التواصل الاجتماعي بعيد كل البعد عن الشكل الحالي لفيسبوك، الذي يقوم بالأساس على التركيز على جميع المواضيع بصفة عامة. وستمتلك المواقع المستقبلية تصاميم محددة تدور حول موضوع معين أو نوع معين من المحتوى، أو ما يمكن أن نطلق عليه اسم "تقسيم العمل في مواقع التواصل الاجتماعي".
واستنتج الخبير المعلوماتي السابق في فيسبوك أنه يمكن لجميع المواقع الإلكترونية المتاحة في الوقت الحالي أن تمثل وجهة محددة للمستخدمين عن طريق إضافة المزيد من الميزات الاجتماعية والتفاعلية، لتصبح بدورها مركزا لمناقشة ومشاركة المنشورات المتعلقة بالمحتوى المحدد بعينه، على غرار سماع الأغاني الصادرة حديثا أو الاطلاع على التحديثات المتعلقة بالأخبار الرياضية.
ومؤخرا، اتبع موقع يوتيوب نهجا قائما على مزيد تخصيص خدماته وجعلها أقل اعتمادا على تطبيق "فيسبوك مسنجر" للمحادثات الفورية، وذلك عن طريق إضافة ميزة المراسلات الخاصة بين المستخدمين. علاوة على ذلك، عملت تطبيقات مثل "لينكد إن" و"بنترست" و"برودكت هنت" على إضافة إمكانية إجراء محادثات خاصة وفورية بين المستخدمين لتسهيل وصولهم إلى الخدمات دون الرجوع إلى تطبيقات ومواقع خارجية.
وبيّن نيك سوكينيك أن المواقع المخصصة تُبنى وتُطور لخدمة هدف محدد، وذلك بعد تحديد نوع المحتوى الذي ستعالجه وتخصيص الموارد اللازمة للتعامل مع المحتوى بأفضل طريقة ممكنة. الجدير بالذكر أن هذه المواقع تقوم على توظيف أشخاص يمتلكون فهما كبيرا لما يقومون به حتى يتمكنوا من إنشاء المحتوى المطلوب ونشره.
ويعتقد كاتب المقال أن مكانة فيسبوك ستبدأ بالتراجع عند قيام المواقع المخصصة بتحسين مزايا منصاتها ومواقعها التي تتمركز حول تقديم خدمات مخصصة للمستهلكين الذين يفضلون هذا المحتوى. وحيال هذا الشأن، صرح المؤسس المشارك لموقع "ريديت"، ألكسيس أوهانيان، أن الناس يريدون الانتماء إلى مجتمعات رقمية أصغر تضم الأشخاص الذين يشاركونهم الاهتمامات ذاتها، عوضا عن مواقع التواصل الاجتماعي العادية.
وأفاد سوكينيك أننا سنبدأ برؤية المزيد من المنصات المتخصصة في أنواع محددة من المحتوى والخدمات، والتي ستبدأ بدورها في أخذ جزء من حصة فيسبوك في السوق بصفة تدريجية بالتزامن مع توجه المستخدمين وهجرتهم نحو هذه المنصات التي تناسب احتياجاتهم بشكل أفضل. وسيشهد المستقبل تواجد مواقع ومنصات متخصصة في كل مجال من الخدمات التي يقدمها فيسبوك في الوقت الحالي.
وأوضح سوكينيك أن القائمين على فيسبوك يمتلكون الكثير من المسؤوليات والنقاط التي ينبغي عليهم تنظيمها، والتي تكون متشابكة ومترابطة باستمرار بشكل يجعل أكثر عناصر الذكاء الاصطناعي تقدما عاجزة عن تطويعها. ومن الضروري التحرك نحو مراجعة النظام الإعلامي الرقمي وتقسيم مواقع التواصل الاجتماعي بناء على نوع الخدمات التي تقدمها.
وفي الختام، بين كاتب المقال أن عصر فيسبوك الذهبي قد ينتهي في المستقبل، مما يجعلنا نلجأ إلى دراسته كنوع من دراسات الحالة للنظر في التأثيرات التي يمكن لعالم الإنترنت القيام بها.