صحافة دولية

"بوبليكو": هكذا تغير العالم منذ الأزمة المالية عام 2008

الصحيفة تطرقت إلى وصول ترامب للسلطة مع وجود قوتين اقتصاديتين صينية وروسية- جيتي
الصحيفة تطرقت إلى وصول ترامب للسلطة مع وجود قوتين اقتصاديتين صينية وروسية- جيتي

نشرت صحيفة "بوبليكو" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن التغييرات الجذرية التي طرأت على النظام العالمي منذ الأزمة المالية لسنة 2008/2007.


وقالت في تقرير للصحفي دييغو هيرانز، الذي ترجمته "عربي21"، إنه منذ وصول ترامب إلى البيت الأبيض أصبحت الولايات المتحدة غامضة أكثر من أي وقت مضى فيما يتعلق برؤيتها للنظام العالمي أحادي القطب. وعلى الرغم من استمرار هيمنتها الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية، إلا أن نفوذها قد تراجع.


ويبدو أن أكثر من استفاد من التراجع الأمريكي على الساحة الدولية هي القوة الاقتصادية الصينية، وروسيا التي تبنت سياسة خارجية عدوانية. أما أوروبا، فهي غارقة في حالة من عدم اليقين، في حين تمكنت دول ناشئة مثل البرازيل وتركيا من تعزيز مكانتها كقوى إقليمية.


وأوردت الصحيفة أن النظام العالمي في طريقه إلى التحوّل، على الأقل فيما يتعلق بالمعركة من أجل الهيمنة على الساحة الدولية. وفي ظل هذا الوضع، فقدت الولايات المتحدة وزنها أمام العديد من الدول الناشئة الأكثر شهرة، التي أصبحت قوى متوسطة ذات تأثير نسبي. وتعد الأزمة المالية لسنة 2008 الحافز الأول لخلق هذه التغييرات في النظام العالمي الدولي خلال العقد الأخير. 


وأضافت أن ظهور روسيا والصين كقوى عالمية، وتمركزها كجهات فاعلة رئيسية كان نتيجة لتحولها إلى قوى نووية وانضمامها إلى البريكس، وهي مجموعة الدول صاحبة أسرع نمو اقتصادي بالعالم والتي أصبحت تشكك في القيادة العالمية للدول الصناعية.


كما تمكنت روسيا والصين من افتكاك جزء من هيمنة الولايات المتحدة، التي تعتبر عاصمة النظام العالمي الجديد. وفي ظل خسارة الولايات المتحدة لوزنها وثقلها العالمي، تشهد الطاولة الجيوسياسية العالمية عملية إعادة خلط الأوراق والحسابات، بحثا عن حاكم جديد للعالم.


وأبرزت الصحيفة أن الولايات المتحدة أصبحت أضعف مما كانت عليه خلال سنة 2008. وقد تراجعت الهيمنة الأمريكية بالتزامن مع اعتلاء باراك أوباما سدة الحكم، وازدادت الانتكاسة حدة خلال سنوات رئاسة ترامب.

 

وفي الأثناء، أثبتت الصين وروسيا للعالم أنها القوى العالمية المستقبلية التي يمكن أن تتحكم في العالم.


وعملت هذه القوى على إثبات قوتها في المناطق الخاضعة لنفوذها، وعمدت إلى نشر هيمنتها نحو الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية، حيث كانت الولايات المتحدة تتمتع تاريخيا بمكانة مرموقة بلا منازع.

 

وعلى الرغم من ضعف القوة العالمية الأولى، إلا أن قدرتها على المقاومة لا زالت فعالة، كما أن قدراتها العسكرية والسياسية والاقتصادية لا زالت صامدة ومنحت البلاد دورا مهيمنا.


 وأشارت الصحيفة إلى أن العملاق الآسيوي لا يفوت أي فرصة لإظهار تحوله السياسي والاقتصادي والاجتماعي. وبمناسبة الذكرى الأربعين للانفتاح الاقتصادي في الصين، عمد الرئيس الصيني شى جين بينغ إلى إظهار قوة ثاني أكبر اقتصاد في العالم. وقد أكدت هذه المناسبة نجاح الصين في الوصول إلى قمة العالم بفضل المراهنة على نموذج جديد؛ المهمة التي لم تكن سهلة بتاتا.


إلى جانب ذلك، tإن مراهنة الصين على الإصلاحات والحداثة جعلها مرشحة لتكون بديلا للهيمنة الأمريكية. لكن يبقى التطور الصيني موضع شكوك على طاولة المفاوضات، على غرار إزالة الحواجز التي تمنع رأس المال الأجنبي من السيطرة على الشركات الصينية.


 ونوهت الصحيفة بأن فلاديمير بوتين لطالما رغب في إحداث تغييرات على مستوى النظام العالمي. ويتمثل هدفه الوحيد في جعل روسيا القوة المهيمنة في العالم. وقد اعتمد بوتين على الطاقة كسلاح لدعم سياسته الخارجية، وخير مثال على ذلك إغلاق صنبور الغاز الذي كان يزود أوكرانيا وأوروبا خلال السنوات الأولى من الأزمة بين هذه الجهات. كما تحالف بوتين مع الأسد وإيران من أجل ضمان هيمنة روسيا في الشرق الأوسط.


وذكرت أن بقية الدول الناشئة قد سارت على نفس الخطى الإستراتيجية للصين وروسيا. ولكن تعاني هذه القوى الناشئة، مثل البرازيل وتركيا، من اضطرابات سياسية وثغرات ديمقراطية، إلى جانب جملة من المخاطر الواضحة التي تنبئ بالوقوع في أزمة مالية جديدة خاصة في ظل التهديد الذي تواجهه عملاتها في الأسواق بسبب ارتفاع تكلفة الدولار وتراكم الديون.


وأوردت الصحيفة أن إعادة توازن القوى الذي فرضته أزمة سنة 2008 لم يعد بالنفع على أوروبا، التي دمرها ظهور القومية اليمينية، التي استفادت من سياسة التقشف التي فرضتها برلين على الاتحاد الأوروبي ومن غياب سياسة التعاون المشتركة بشأن الهجرة. وقد سلطت هذه الظاهرة الضوء على الآثار الضارة لفشل الاتحاد الأوروبي في مخططات الاندماج.


وبعد القيادة الفاشلة للمحور الفرنسي الألماني وفشل سياساته في المراكز الرئيسية للاتحاد الأوروبي، شهدت نهاية سنة 2018 تراجع الاقتصاد بشكل ملحوظ. ويضاف إلى هذه الاضطرابات الفوضى التي قد تعم الاتحاد الأوروبي إذا انسحبت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بثبات أو انفصلت دون اتفاق، وفي حال اشتدت الحرب التجارية التي يقودها ترامب في مجالات على غرار قطاع صناعة السيارات.


وأفادت الصحيفة بأن أوروبا يمكن أن تشهد تراجعا على الساحة الدولية، خاصة بعد الفشل المتكرر في التوصل إلى إصلاح اليورو، الذي يمكن أن يكون قادرا على تقليل المخاطر التي تواجه المنطقة. ويضاف إلى ذلك الاستقرار المالي بين شركائها، الذي من شأنه أن يمنح المجال النقدي درعا أقوى للحصانة من الأزمات في المستقبل، مما قد يكون بمثابة طوق نجاة لليورو.


وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أنه من المرجح أن تتفاقم التوترات الروسية خلال سنة 2019، في ظل صراعها مع أوكرانيا ومصلحتها في تشكيل طوق أمني في بحر البلطيق ضد حلف شمال الأطلسي.

 

وبالمثل، ستعود إلى الواجهة رغبة ألمانيا وفرنسا في إنشاء جيش أوروبي، مما قد يفترض زيادة في النفقات العسكرية لدول الاتحاد الأوروبي.

التعليقات (0)