نشرت صحيفة
"
بوبليكو" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن حالة عدم الاستقرار التي تعيش
على وقعها إدارة ترامب منذ إعلانه عن قرار الانسحاب العسكري من الأراضي السورية.
وقالت الصحيفة، في
تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن الجولة الأخيرة لمستشار الأمن القومي
جون
بولتون في الشرق الأوسط، تعكس مدى تباين الآراء في واشنطن بشأن انسحاب القوات
الأمريكية المتمركزة في إقليم كردستان شمال شرق
سوريا، القرار الذي فاجأ به ترامب
الجميع في منتصف شهر كانون الأول/ ديسمبر.
وبينت أن بولتون زار
إسرائيل أولا، حيث التقى بصديقه القديم بنيامين نتنياهو. وبعد الاجتماع، صرح مستشار
الأمن القومي أن واشنطن لن تسحب قواتها إلى أن تضمن أمن المقاتلين الأكراد. ويكتسي
هذا التصريح الذي أدلى به بولتن في إسرائيل أهمية بالغة، ربما لأنه كان بطلب من
نتنياهو.
ويوم الاثنين، سافر
بولتون إلى أنقرة بهدف الاجتماع مع رجب طيب أردوغان، لكن الرئيس التركي قد علّق
الاجتماع بحجة أن طلبه الأخير غير مقبول. كما أصر أردوغان على أن الميليشيات
الكردية في سوريا هي في الواقع مجموعة إرهابية موالية لحزب العمال الكردستاني في
تركيا.
وأشارت الصحيفة إلى أن
أردوغان أكد أن الأتراك ليس لديهم أي شيء ضد الأكراد في سوريا، على الرغم من أنهم
ضد ميليشياتهم، مبينا أن الميليشيات الكردية "لا يمكن أن تمثل الأكراد".
وتكمن المشكلة أساسا في أن المقاتلين الأكراد متحالفون مع الولايات المتحدة،
ويتمتعون بدعم إسرائيل أيضا. كما أوضح أردوغان موقفه بالفعل خلال محادثة هاتفية مع
ترامب في منتصف شهر كانون الأول/ ديسمبر، وهو ما دفع الرئيس الأمريكي إلى الإعلان
عن الانسحاب السريع للأمريكيين من الأراضي السورية.
وأضافت الصحيفة أن
أردوغان وصف طلب بولتون بأنه "خطأ فادح" مشيرا إلى أن معركة الميليشيات
الكردية ضد تنظيم الدولة، الذي لا زال يسيطر على عدة أراضي في شمال شرق سوريا،
"أكذوبة كبيرة".
وأضاف الرئيس التركي
أن كلمات بولتون تتناقض مع "الاتفاق الواضح" الذي توصل إليه مع ترامب،
إذ أن "أفراد الإدارة الأمريكية يقولون أمورا مختلفة عما تم الاتفاق
عليه"، في إشارة واضحة إلى بولتون.
وتجدر الإشارة إلى أن
صحيفة "نيويورك تايمز" قد لمّحت إلى أن "بولتون ليس عضوا في
الدائرة الداخلية للرئيس، كما أن علاقته بترامب ليست شبيهة بعلاقته بجورج بوش. في
المقابل، يعد بولتون سياسيا خطيرا للغاية، حيث أن قربه من إسرائيل قد قاده في إحدى
المناسبات إلى توصية وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق شاؤول موفاز بقصف طهران دون
إعلام الولايات المتحدة، وذلك حسب إعترافات موفاز نفسه.
وأوضحت الصحيفة أن
أردوغان يريد أن يكون له حرية اختراق سوريا وتدمير الميليشيات الكردية، على الرغم
من أن هذا الأمر قد يكون خطأ فادحا من جانبه لأنه سيؤدي إلى مزيد زعزعة استقرار
المنطقة ويمكن أن تكون له آثار عكسية على تركيا. ومع ذلك، أكد الرئيس التركي أن
الاستعدادات العسكرية لدخول كردستان السورية قد اكتملت.
وفي كانون الأول/
ديسمبر، تعهد أردوغان للرئيس ترامب بأن تركيا ستتولى مهمة القضاء على ما تبقى من
معاقل تنظيم الدولة في حال غادرت القوات الأمريكية كردستان. وقد خلفت المواجهة بين
ترامب وأعضاء إدارته إلى حد اليوم ثلاث استقالات من العيار الثقيل إلى جانب وابل
من الانتقادات.
وأفادت الصحيفة بأنه
بعد وقت قصير من إعلان ترامب عن الانسحاب السريع من سوريا في 16 كانون الأول/
ديسمبر الماضي، استقال وزير الدفاع جيمس ماتيس. بعد ذلك، استقال المبعوث الأمريكي
الخاص لسوريا بريت ماكغورك، تلاه رئيس هيئة الأركان في البنتاغون كيفين سويني.
وأكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض مرسيدس شلاب لقناة "فوكس نيوز" يوم
الاثنين أن "موقف الرئيس لم يتغير، فهدفه الأساسي هو ضمان سلامة قواتنا
وسلامة حلفائنا أيضا"، دون أن تحدد من حليفه الذي أشار إليه.
ويوم الثلاثاء، كشف
موقع "ميدل إيست آي" البريطاني للعموم عن "الاجتماع السري"
الذي عقده رئيس المخابرات الإسرائيلية في الخارج يوسي كوهين، مع نظرائه من عدد من
دول الخليج بهدف منع سوريا من المشاركة مرة أخرى في اجتماعات جامعة الدول العربية.
وأضافت الصحيفة أنه في
هذا الاجتماع تناول كوهين موضوع "تبريد" العلاقات بين السعودية
والولايات المتحدة بعد قضية خاشقجي، وصرح أيضا بأن "القوة الإيرانية هشة
للغاية". وفي ظل هذا الوضع المعقد، فإن الشيء الأكثر ملاءمة بالنسبة لجميع
الأطراف هو توصل الأكراد إلى اتفاق مع دمشق وموسكو للتخلي عن أسلحتهم والحصول على
نوع من الحكم الذاتي. وخوفا من حدوث أي تدخل عسكري تركي ضدهم، بدأ الأكراد بالفعل
محادثات مع موسكو ودمشق، لكن ليس من الواضح أنهم يريدون نبذ السلاح.