هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا لكل من سون أنجل راسموسين وصالح البطاطي، يقولان فيه إن السعودية ولكسب تأييد السكان المحليين في منطقة هادئة من اليمن في الشرق، قامت بتمويل المدارس، وتوفير الخدمات الطبية، ووعدت بقوارب جديد لصيادي الأسماك.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن القوات السعودية استولت على المطارات والموانئ في منطقة المهرة، وأتت بمئات الجنود للقيام بمشاريع، ما أثار معارضة من سكان المنطقة وعاصمتها الغيضة.
ويفيد الكاتبان بأنه في الوقت الذي يزداد فيه الضغط الدولي على التحالف الذي تقوده السعودية لإيقاف حرب اليمن المدمرة، فإن الارتياب العميق بين السكان يعقد جهود الرياض في بناء ولاءات بين السكان المحليين، ومنع القوات المعادية، وبالذات الحوثيين الموالين لإيران، من استغلال الفوضى السائدة في اليمن لتهديد المملكة.
وتلفت الصحيفة إلى أن بعض الناس في المهرة يتهمون السعودية باستخدام تطوير المشاريع لترسيخ الوجود العسكري، وتأمين المصالح الاستراتيجية، من خلال السيطرة على البنية التحتية الأساسية في اليمن.
وينقل التقرير عن وكيل محافظة المهرة السابق، علي بن سالم الحريزي، الذي ساعد على تنظيم المظاهرات ضد الوجود السعودي في المحافظة، قوله: "نحن تحت الاحتلال السعودي، ونحن لسنا بحاجة لهم".
ويورد الكاتبان نقلا عن قائد الوحدة الحربية العميد الجنرال علي شكري، قوله إن مبادرات التطوير السعودية تهدف إلى خلق أجواء ودية، ولسد الحاجات المحلية قبل أن يستغل المنافسون، مثل الحوثيين الذين تدعمهم إيران أو المتطرفون الإسلاميون مثل تنظيم القاعدة، حاجة الناس، ويقوموا بتلك المشاريع، وأضاف: "إن كانت هناك ثغرة، فسيحاول أحد أن يقوم بسدها".
وتجد الصحيفة أنه بعد أكثر من ثلاث سنوات من الحرب، فإن اليمن لم يعد ضعيفا فقط، بل أصبح على شفير الانهيار، مشيرة إلى أن كلا من السعودية والإمارات احتجتا بأن تحالفهما كان ضروريا لهزيمة الحوثيين، الذين استولوا عام 2014 على العاصمة صنعاء، حيث قتلت غارات التحالف آلاف المدنيين، وهدمت بنى تحتية مهمة، بما في ذلك مستشفيات، بالإضافة إلى أن اليمن أصبح اليوم مركزا لأكبر تفش لمرض الكوليرا في التاريخ، ومات حوالي 85 ألف طفل من الجوع منذ بداية الحرب، بحسب جمعية Save the Children الدولية غير الحكومية.
ويذكر التقرير أن مجلس الشيوخ أصدر في كانون الأول/ ديسمبر قرارا بوقف الدعم الأمريكي للحرب.
وينوه الكاتبان إلى أنه في الوقت الذي تجنبت فيه محافظة المهرة الكثير من الدمار الذي شوهد في مناطق أخرى في اليمن، إلا أن المحافظة تعكس مدى الغضب العارم للدور الكبير الذي تؤديه القوى الإقليمية، مشيرين إلى أن مئات الأشخاص تظاهروا منذ شهر نيسان/ أبريل بانتظام ضد سيطرة "الغزاة" السعوديين، وقتلت القوات اليمنية المدعومة سعوديا شخصين على الأقل في تشرين الثاني/ نوفمبر، عندما فتحت النار على المتظاهرين.
وتنقل الصحيفة عن محافظ المهرة المدعوم من السعودية، راجح سعيد باكريت، قوله عن المقتولين إنهما ارهابيان قتلا أثناء مهاجمتهما لحاجز جيش، إلا أن الحريزي قال إن من قتلا كانا متظاهرين عاديين.
ويشير التقرير إلى أن السعوديين يستخدمون مطار الغيضة، الذي استولوا عليه أواخر عام 2017، لنقل الجنود من وإلى البلد، بالإضافة إلى أنهم يقومون بتنفيذ برنامج التطوير بمساعدة الجيش، ما يؤكد الانطباع لدى السكان المحليين بأن هذه المساعدات هي جزء من الجهد الحربي السعودي.
وينقل الكاتبان عن الرياض، قولها إن الجيش السعودي في المهرة يقوم بمهمة وقف التهريب للمخدرات من خلال بحر العرب، التي تتسرب إلى السعودية، والأسلحة التي يستخدمها الحوثيون في شمال اليمن لمحاربة السعودية وحلفائها، ولتحسين أمن اليمنيين، لافتين إلى أن السعودية قامت بتقوية خفر السواحل، وأقامت الحواجز لخنق عمليات تهريب الأسلحة.
وتورد الصحيفة نقلا عن مسؤول يمني كبير مقرب من الرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي تدعمه السعودية، قوله إن الحكومة اليمنية ليس لها قرار أو سيطرة على التمدد السعودي في المهرة، وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، خوفا من الانتقام من السعودية حيث هو موجود، بأن الرياض تستغل الفوضى السائدة في البلاد.
وتابع المسؤول قائلا: "لقد تحالفنا مع التحالف الذي تقوده السعودية، لكننا لا نقبل أي اعتداء على سيادتنا.. إن هدف التحالف هو إعادة الحكومة الشرعية وليس نشر الجيش في المناطق المسالمة".
ويلفت التقرير إلى أن السعودية تقوم بقرن مكافحة التهريب بهدايا، مثل كتب المدارس، ومحطة تحلية مياه، ومرافق طبية، ويقول الجنرال السعودي شكري: "إن قمت ببناء المستشفيات والمدارس وأوجدت الوظائف سيقول الناس (إننا محظوظون أن تكونوا عندنا)".
ويقول الكاتبان إنه "في ميناء نشطون جنوبي الغيضة، تقف ناقلتا نفط تحمل كل منهما صورا ضخمة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وأبيه الملك سلمان، بحيث لا تترك مجالا للشك حول من يقف خلف تلك الهدية، والناقلتان جزء من الوعد السعودي بإمداد محطات الطاقة في 10 محافظات في اليمن بما قيمته 60 مليون دولار من النفط، ووصل المهرة 4800 طن في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر بحسب المدير العام لشركة النفط في المنطقة محسن بالحاف".
وتكشف الصحيفة عن أنه يتم إيصال ذلك النفط تحت مظلة برنامج التطوير وإعادة البناء السعودية في اليمن، الذي تم إطلاقه في أيار/ مايو 2018، والذي يدير البنية التحتية والمشاريع الصحية في ست محافظات يمنية.
ويفيد التقرير بأن مسؤولين من البرنامج قاموا في أواخر كانون الأول/ ديسمبر، بمرافقة الإعلام السعودي بشكل رئيسي، بزيارة مدرسة في الغيضة للبدء بتوزيع 192 ألف كتاب مدرسي، مشيرا إلى أن مئات الطالبات وقفن في صفوف وعلى رؤوسهن مناديل بيضاء، للترحيب بالزوار، وأشاد المدير العام للتعليم في المهرة سمير الحشة بالمبادرة السعودية.
ويستدرك الكاتبان بأنه كان هناك آخرون كانوا أقل حماسة، ففي مستشفى الغيضة، حيث وصل المسؤولون السعوديون في موكب عسكري مع حراس مدججين بالسلاح، قال طبيب إن هناك حاجات أهم من مركز غسيل الكلى الذي يتم بناؤه في المستشفى بتمويل سعودي، الذي لن يكون جاهزا إلا بعد سنوات.
وتقول الصحيفة إنه في محاولة من السعودية لاستمالة الناس في المهرة لتكون هي المسيطرة على الأمن والتجارة، فإنها تحاول إخراج عُمان، التي حافظت على علاقات طيبة مع الناس في شرق اليمن، من المعادلة، بحسب ما يقول الناقدون، مشيرة إلى أن السعودية سيطرت على الطريق الرئيسي، ومعبر الحدود والميناء؛ للحد من التجارة مع عُمان، فيما يتهم المسؤولون السعوديون عُمان بغض الطرف عن عمليات تهريب للأسلحة الإيرانية من أراضيها للحوثيين، وهو اتهام يشتركون فيه مع المسؤولين الأمريكيين.
وبحسب التقرير، فإن وزارة الخارجية العمانية والسفارة العمانية في لندن، التي تتعامل مع طلبات الإعلام الأجنبي، لم تستجيبا لطلب الصحيفة للتعليق على الأمر.
ويبين الكاتبان أن هناك طريقا آخر للأسلحة هو عبر البحر، حيث تقول الأمم المتحدة والجيش السعودي إن إيران تقوم بإرسال أجزاء الصواريخ للحوثيين الذين يقومون بتجميعها واستخدامها، ورفضت إيران بشكل متكرر تلك الاتهامات، حيث تقول إنها لا تقدم دعما عسكريا ولا ماديا للحوثيين، لكنها تعترف بتأثيرها عليهم، واجتمعت بالأوروبيين لمناقشة هدنة في اليمن.
وتنوه الصحيفة إلى أن بعض المسؤولين السعوديين يدعون بأن المظاهرات في المهرة تعكس تضرر بعض المستفيدين من التهريب في المحافظة، بمن فيهم صيادو الأسماك.
وتختم "وول ستريت جورنال" تقريرها بالإشارة إلى قول الجنرال شكري: "عندما أتينا أوقفنا التهريب، فتوقف دخلهم.. وبعضهم غير راض عن ذلك".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)