هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يعود مؤشر العلاقة بين عمَان وأنقرة إلى الارتفاع مجددا، مبتعدا عن
حلفاء الأردن التقليديين وخصوم تركيا في الوقت ذاته من الدول العربية، عقب أن حطت
طائرة رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز في أنقرة كأول زيارة خارجية قام بها منذ
توليه مهامه في حزيران/ يونيو الماضي.
علاقات
بدأت ذروتها عقب دعم أنقرة لعمان في موقفها المناهض لقرار الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، في
كانون أول/ ديسمبر 2017.
وتخللها
"عربون صداقة"، بعد أن سلمت تركيا بقرار إداري خارج نطاق الإنتربول رجل
الأعمال الأردني عوني مطيع، المتهم بإنتاج وتزوير سجائر بملايين الدنانير، سبقها
مناورات عسكرية أردنية تركية في ولاية "كيركلارإلي" غرب إسطنبول، حسب ما
نشر الموقع الإلكتروني لرئاسة الأركان التركية.
ويرى
محللون أن عمان، المنهكة اقتصاديا، بدأت بتنويع خياراتها سياسيا واقتصاديا خارج
التحالفات والاستقطابات القديمة التي لم تزهر استثمارات أو مساعدات إلى المملكة.
الكاتب
والمحلل السياسي، بسام بدارين، اعتبر زيارة الرزاز إلى تركيا في أول زيارة خارجية
له "رسالة تقول ضمنيا بأن القرار السياسي الأردني يزحف خارج المعسكر السعودي أو
المحور السعودي، بعد أن انكشفت الوقائع والحقائق عبر الامتناع أو النكران في
التعامل مع الأزمة الاقتصادية الأردنية، والتخلي استراتيجيا عن دعم الأردن ودوره في
القدس والقضية الفلسطينية".
يقول،
لـ"عربي21"، إن
"زيارة الرزاز جزء من هذه الرسائل التي تنطوي على تنويع باتجاه محاور أخرى في
المنطقة، والعودة لمعادلة قياس المصالح الأردنية بصفه مباشرة".
الرزاز
التقى خلال الزيارة الرئيس التركي ونائبه، وبحث معهما ملفات سياسية تتعلق بالقضية
الفلسطينية وأخرى اقتصادية، رفقة وزير الصناعة الأردني، ما قد يحيي اتفاقية
التجارة بين البلدين التي عقلت عمان العمل بها في آذار/ مارس الماضي.
وقعت الأردن وتركيا اتفاقية التجارة الحرة في عام 2009، لتدخل حيز التنفيذ في
عام 2011، وأصبحت السلع الصناعية أردنية المنشأ تدخل للسوق التركية معفاة من
الرسوم الجمركية. وفي المقابل، أُعفيت السلع التركية الواردة إلى السوق الأردنية
من الرسوم الجمركية تدريجيا على فترة انتقالية تمتد لـ8 أعوام، إلا أن عمان عادت
وفرضت رسوما على السلع التركية تحت باب حماية المنتج المحلي.
اقرأ أيضا: رئيس وزراء الأردن يصل أنقرة ويلتقي الرئيس أردوغان
ويرى بدارين أن المطروح بعد الزيارة -حسب ما ورده له من معلومات- هو
زيادة حجم التبادل التجاري والعمل باتجاه اتفاقية جديدة، ما يعبر برأيه "عن إرادة
الطرفين في تجاوز مأزق الاتفاقية"، يقول: "أنا لا اعتقد أن هناك تراجعا
أو إلغاء الاتفاقية بقدر ما هناك نية لصياغة اتفاقية جديدة، وفتح صفحة جديدة، وتجاوز
الخلاف على الاتفاقية القديمة".
وخلفت
زيارة الرزاز ارتياحا في صفوف سياسيين وبرلمانيين أردنيين، بعدما أروا تماهيا لبعض
الدول العربية مع السياسة الأمريكية فيما يتعلق بالقدس، الأمر الذي يستدعي من
المملكة التنسيق مع جهات وازنة في المنطقة مثل تركيا. كما يقولون.
نائب
رئيس الوزراء الأردني السابق، ممدوح العبادي، رحب بالانفتاح الأردني على
تركيا، داعيا في حديث لـ"عربي21" إلى المزيد من الانفتاح على
الدول المجاورة العربية والإسلامية، مثل إيران أو تركيا والدول المحيطة، بسبب حالة الضعف العربية التي تولد فراغا يجب تعبئته بالأقوياء من الجيران، حلفائنا الحقيقيين".
يقول: "أشجع رئيس الوزراء، وادعمه على هذا الانفتاح، خصوصا أن الملف الاقتصادي الذي
سيبحث مع تركيا هو مهم ومهم جدا، يجب أن نعتمد على سوقنا العربية المشتركة مع
تركيا، إلى جانب الدعم الذي يمكن أن يقدمه جيراننا من الدول الإسلامية لقضيتنا
المركزية الأولى فلسطين".
وشهدت
العلاقات الأردنية التركية تحسنا، بعد وقوف تركيا إلى جانب المملكة في التصدّي
لقرار ترامب، بخصوص نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، حيث قال الرئيس
التركي، رجب طيب أردوغان، خلال القمة الإسلامية الطارئة التي عقدت في أنقرة 2017، إنه وبلاده على تعاون مع الملك عبد الله الثاني والأردن، بصفته حامي
المقدسات الإسلامية في القدس ضد الاعتداءات الإسرائيلية.
عضو
لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأردني، منصور مراد، رحب بالانفتاح الأردني على
تركيا وإعادة النظر في تحالفات المملكة الإقليمية، خصوصا في ظل الأوضاع الاقتصادية
والسياسية التي تعيشها المملكة، وخشية من حالة العزلة التي قد تعيشها الأردن بسبب
توتر العلاقات مع سوريا، وتقلقلها مع بعض دول الخليج نتيجة الخلافات الداخلية
بينها، وانسحاب أمريكا من المشهد، ما يستدعي إعادة التحالفات بما يخدم العلاقات
الأردنية السياسية والاقتصادية والاستثمار، والانفتاح بشكل استراتيجي، وسياسة
خارجية ثابتة يكون لها فيها أصدقاء حقيقيون للدولة".
ملفات
عديدة أمام عمان و أنقرة، بعد أن اصطحب الرزاز معه وزراء العدل، والصناعة،
والخارجية، سيكون عنوانها القادم واضحا، السياسة والاقتصاد، تبحث عمان عن حليف قوي
يدعم مواقفها في القضية الفلسطينية، خصوصا الوصاية الهاشمية على المقدسات، إلى
جانب البحث عن مخرج للأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعيشها البلاد.. فهل سيغضب ذلك
حلفاء الأردن التقليديين من دول الخليج؟