ملفات وتقارير

لماذا سارعت فرنسا إلى دعم "قسد" بسوريا بعد قرار واشنطن؟

شدد محلل سياسي على أن "فرنسا غائبة عن الساحة السورية عسكريا، وقيامها بدور كبير ليس واردا"- جيتي
شدد محلل سياسي على أن "فرنسا غائبة عن الساحة السورية عسكريا، وقيامها بدور كبير ليس واردا"- جيتي

منذ اللحظة الأولى لإعلان الولايات المتحدة الأمريكية، بأنها تعتزم سحب قواتها المتواجدة في سوريا، سارعت قوات سوريا الديمقراطية "قسد" للاستغاثة بالدور الفرنسي ليكون أكثر "فاعلية" بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسحب القوات الأمريكية.


واستجابت الرئاسة الفرنسية لهذه الاستغاثة، وأعلنت دعمها لقوات "قسد" بعد اجتماع مع ممثلي قوات سوريا الديمقراطية في باريس، مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لـ"الوقوف على آخر المستجدات في سوريا"، وفق ما نقلته شبكة روداو الإخبارية.


وانتقد ماكرون في تصريحات الأحد الماضي، قرار ترامب حول سحب القوات الأمريكية من سوريا، وقال إن "الحليف يجب أن يكون محط ثقة"، معربا عن أسفه من قرار ترامب، الذي "لم ينسق مع حلفائه الآخرين"، على حد قوله.

 

اقرأ أيضا: قسد تطلب من باريس لعب دور "أكثر فعالية" في سوريا


وأمام الموقف الفرنسي، تبرز تساؤلات عدة، حول دوافع باريس في مساندة ودعم قوات سوريا الديمقراطية، وما المصالح التي تسعى إلى تحقيقها من خلال هذا الدعم، وهل تستطيع أن تسد الفراغ التي ستتركه القوات الأمريكية في المواقع المنتشرة على الأراضي السورية؟


بدوره، رأى المحلل السياسي التركي بكير أتاجان أن الموقف الفرنسي ليس جديدا، "لكن لم تكن على المستوى المطلوب"، موضحا أنه "ربما يأتي موقف باريس كبوابة لإثبات وجودها في الشرق الأوسط، نظرا لخروجها في الأخيرة من اللعبة السياسية".


واعتبر أتاجان في حديث خاص لـ"عربي21" أن "قرار الولايات المتحدة فتح الباب لفرنسا أن تكون في الساحة السورية، وهي مجرد محاولة ولكن من المستحيل تحقيق أن يكون لها دور فعال"، معتقدا أن "فرنسا لن تكون لها أي وجود، ولن تستطيع أن يكون لها دور بارز في سوريا".

 

الوقت الضائع


وأشار أتاجان إلى أن "فرنسا في وضح حرج محليا ودوليا"، مبينا أن "الظروف التي تمر بها، لن تسمح لها أن تلعب دورا كبيرا في الملف السوري"، منوها في الوقت ذاته إلى أنها "منذ 30 عاما تدعم الحركات الانفصالية في سوريا وتركيا، ولم تستطع إثبات نفسها، وهي تحاول أن تدخل المنطقة من هذه البوابة"، بحسب تقديره.


من جهته، أكد أن المحلل السياسي محمود عثمان أن الموقف الفرنسي، يأتي "في الوقت الضائع، ولن يؤثر على أرض الواقع، ولن تغير من الواقع شيئا، وهو دعم نفسي لا أكثر، وهو من باب رفع العتب فقط"، بحسب تعبيره.


وتابع عثمان في حديث خاص لـ"عربي21" أن "الفرنسيين في الفترة الأخيرة يقولون ما لا يفعلون"، لافتا إلى أنه "في بداية الأزمة السورية تعهدت باريس على أنفسها بأن يكون لها دور مهم، لكنهم عاجزون عن أخذ أي دور على الأرض سواء سياسي أو غير سياسي".


ووصف عثمان التحرك الفرنسي بأنه "حركات استعراض"، مستدركا بقوله: "هذه القوات الفرنسية لا تمتلك أي شيء لفعله على الأرض أو تغيير أي نقطة في موازيين القوى في سوريا".

 

اقرأ أيضا: الرئاسة الفرنسية تعلن دعم "قسد" بسوريا.. ماذا عن تركيا؟


وحول إمكانية أن تسد فرنسا العجز الذي ستتركه الولايات المتحدة بعد خروجها من سوريا، قال عثمان إن "فرنسا والأوروبيين مجتمعين عاجزون عن سد الفراغ الأمريكي"، مبينا أن "ذلك بات واضحا في الملف الليبي، حينما استرجعت قوات الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي مدينة بنغازي، وتعرضت القوات الأوروبية لخسارة كبيرة، ما دفع الولايات المتحدة إلى التدخل".


وشدد المحلل السياسي على أن "فرنسا غائبة عن الساحة السورية عسكريا، وقيامها بدور كبير ليس واردا، ولا يوجد إرهاصات لقيام الأوروبيين بهذا الدور"، مؤكدا أنهم "يتابعون المشهد السوري عن بعد، في ظل التفوق العسكري الروسي في سوريا".


وكان الصحفي والمحلل التركي رامي دامير قال في حديث سابق لـ"عربي21" إن "الإعلان الفرنسي بدعم قوات قسد، الذي تصنفه تركيا إرهابيا، سيغضب بلا شك أنقرة"، مستدركا بقوله إن "الأمر سيتسبب في توتر في العلاقات، لا سيما أن تركيا ترى بأن الأمر يعد تهديدا لأمنها القومي، بسبب تهديد القوات الكردية المسلحة التي تصنفها إرهابية".


ولكنه لفت إلى أن فرنسا ليست في وضع يسمح لها بأن تقوم بهذا الدور، لا سيما أنها تعاني من مشاكل داخلية كبيرة، وليس الوقت مناسبا لتعقيد الأمور في الخارج، في ظل أزمة السترات الصفراء.

التعليقات (1)
عابر سبيل
الأربعاء، 26-12-2018 12:18 ص
لا غرابة، إذا تذكرنا أن فرنسا هي من بين "محور الشر الغربي" إن صح التعبير، لأن إسرائيل في الشرق، وهذا المحور يتكون من [بريطانيا، أمريكا، فرنسا، إسرائيل]