صحافة دولية

"سوفت بانك" تشرح العلاقات الوثيقة التي تجمعها بالسعودية

بلومبيرغ: العلاقة بين الطرفين تعد شخصية لأبعد الحدود، -جيتي
بلومبيرغ: العلاقة بين الطرفين تعد شخصية لأبعد الحدود، -جيتي
نشر موقع وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية تقريرا حول تأثير أزمة اختفاء جمال خاشقجي على العلاقة بين السعودية ومجموعة "سوفت بنك" اليابانية، حيث أن هذه الشراكة التي تقوم على روابط شخصية بين ماسايوشي سون ومحمد بن سلمان، تواجه تحديات صعبة، في وقت فضلت فيه العديد من الشركات الابتعاد عن الأموال السعودية منذ اتهام ولي العهد بالتورط في هذه الجريمة.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن الجدل الذي أعقب اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي، دفع بالكثير من رجال الأعمال للنأي بأنفسهم عن المملكة السعودية. فقد قرر كل من وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوشين، والمدير التنفيذي لمؤسسة "جي بي مورغن" جيمي دايمون، ومدير "أوبر" دارا خسروشاهي، الانسحاب من مؤتمر الاستثمار الذي انعقد في الرياض في 23 تشرين الأول/ أكتوبر.

في المقابل، كان مؤسس مجموعة "سوفت بانك"، رجل الأعمال الياباني ماسايوشي سون، واحدا من القليلين الذين واصلوا على نفس النهج مع المملكة العربية السعودية. لذلك يجب النظر في علاقات سون و"سوفت بانك" مع السعودية، والمخاطر المحتملة التي تنطوي عليها هذه العلاقة.

وأوضح الموقع أن إمبراطورية "سوفت بانك" تتنوع بين عدة مجالات ودول، إلا أن هذه المجموعة ركزت خلال السنوات الأخيرة على الاستثمار في الشركات التقنية، عبر ضخ 100 مليار دولار في مشروع "صندوق رؤية سوفت بانك". وتعد المملكة العربية السعودية واحدة من أهم الشركاء المستثمرين في هذا المشروع، حيث أن صندوق الثروة السيادي السعودي، التزم بضخ 45 مليار دولار، وهو يخطط لتقديم مبلغ مماثل للجزء الثاني من هذا المشروع. كما أعلنت مجموعة "سوفت بانك" عن اعتزامها تقديم الدعم لمشروع الطاقة الشمسية في المملكة، الذي تقدر قيمته بنحو 200 مليار دولار.

وأشار الموقع إلى أن العلاقة بين الطرفين تعد شخصية لأبعد الحدود، حيث أن الاتفاقات الأخيرة بين الجانبين انطلقت عندما التقى ولي العهد محمد بن سلمان بمدير المجموعة سون في طوكيو، في أيلول/ سبتمبر من سنة 2016. وقد عرض الملياردير الياباني فكرة تأسيس أكبر صندوق استثمار في التاريخ، من أجل تمويل شركات التكنولوجيا الناشئة.

وحيال هذا الشأن، قال سون إن الأمر لم يستغرق منه أكثر من 45 دقيقة لإقناع الأمير محمد بن سلمان، الذي أصبح الحاكم الفعلي للسعودية. ويشار إلى أن بن سلمان هو المشرف على صندوق الاستثمارات العام، الذي يمثل إحدى أبرز دعائم الخطة التي وضعها هذا الشاب البالغ من العمر 33 عاما، من أجل تطوير اقتصاد المملكة وتنويع مصادره بعيدا عن النفط.

وأكد الموقع أن إمكانية إطلاق نسخة ثانية من هذا الصندوق مرتبطة إلى حد بعيد برغبة ولي العهد. ففي أيلول/ سبتمبر الماضي، أعلن سون أنه يخطط لإنشاء صندوق جديد بقيمة 100 مليار دولار، خلال كل سنتين أو ثلاثة، ومن المفترض أن تحقيق هذا الأمر يتطلب قبول السعودية بتقديم المزيد من الأموال. وفي تصريح له خلال هذا الشهر، قال ولي العهد السعودي: "نحن من أسسنا صندوق رؤية سوفت بانك، ودون صندوق الاستثمارات العامة السعودي، لن يكون له وجود".

وأشار الموقع إلى أنه في حال ثبت تورط الأمير في عملية اغتيال جمال خاشقجي، فإنه من غير الواضح ما إذا كان السعوديون سيواصلون دعمهم لهذا المشروع. ودون الدعم السعودي، سيحتاج ماسايوشي لوقت أطول لجمع تمويلات إضافية لصناديقه الاستثمارية.

وذكر الموقع أن سون لم يدل بتعليقات علنية حول الجدل الدائر بشأن علاقة محمد بن سلمان بجريمة قتل خاشقجي، خاصة وأن رجل الأعمال الياباني عضو في مجلس المستشارين لمبادرة استثمار المستقبل في السعودية، وهو المؤتمر الذي انسحب منه وزير الخزانة الأمريكي منوشين وشخصيات أخرى بارزة.

ومن جهتها، أعلنت السلطات السعودية أن التحقيقات الأولية أظهرت أن خاشقجي قد قتل داخل قنصليتها في إسطنبول، وتم اعتقال 18 شخصا مشتبها بهم في هذه القضية، ولكنها قالت إن ولي العهد لا علم له بما جرى، إلا أن هذه الرواية لم تنجح في إنهاء الجدل الدائر بشأن هذه الجريمة. وحول تأثير هذه القضية على موقف صندوق رؤية "سوفت بانك"، أشار أمير أنورزادة، المحلل الاستراتيجي في مؤسسة "أسيمترك" للاستشارات السوقية في اليابان، إلى أنه "لا شك أن مجموعة سوفت بانك سوف تواجه صعوبة أكبر في إقناع الشركات الناشئة بقبول أموالها".

ونوه الموقع بأن هيرمان نارولا، المدير التنفيذي للشركة الناشئة "أمبروبابل"، أعلن أنه لن يحضر مؤتمر هذا العام في الرياض، على الرغم من أن شركته جمعت في العام الماضي 502 مليون دولار من مستثمرين تقودهم مجموعة "سوفت بانك". ويكمن السبب وراء هذا الانسحاب، في أن الشركات التي ستقبل بأموال "صندوق رؤية سوفت بانك" التي تشارك فيه السعودية، يمكن أن تواجه رد فعل سلبي من موظفيها، مثلما حدث خلال هذا العام مع موظفي شركة "ألفابت إنك" التابعة لغوغل، الذين أقنعوا الإدارة بعدم تجديد العقد الذي يربطها بالجيش الأمريكي، والانسحاب من مشروع مشترك مع البنتاغون.

وفي الختام، أشار الموقع إلى أن ماسايوشي سون البالغ من العمر 61 عاما، لديه طموحات كبيرة بشأن مستقبل مجموعة "سوفت بانك" خلال 300 عام المقبلة، وقد أعلن مؤخرا أن الشركات التابعة للمجموعة لديها مهمة مشتركة، وهي "ثورة المعلومات، والسعادة للجميع". ولكن يبدو أنه من الصعب على الناس تصديق هذه الرؤية، إذا كانت هذه المجموعة تقبل بالتقارب مع المملكة العربية السعودية التي أصبحت منبوذة.
التعليقات (0)